|
كي لا تذهبوا هيبتكم فتخسروا جامعتكم: هلّا انتصرتم لأنفسكم وضد الفساد وقفتم؟!
|
بقلم: الدكتور/ أيوب عثمان كاتب وأكاديمي فلسطيني جامعة الأزهر بغزة اطلعت على بيان نقابة العاملين في جامعة الأزهر والذي يركّز- كما يُفهم من عنوانه- على إعلان مجلس النقابة عن "الدعوة إلى اجتماع طارئ للهيئة العمومية لتقديم استقالة جماعية لمجلس النقابة يوم الأحد 26/10/2014، والذي يستتبعه اختيار لجنة تشرف على انتخابات نقابية قبل أن يحين موعدها الدوري المنتظم بفصل دراسي جامعي كامل، الأمر الذي يعني جملة من حقائق راسخة وثابتة وموثقة من الفواجع المروعة التي لا تبقى الجامعة في وجودها جامعة، البتة. في صدر تلك الحقائق- الفواجع، اضطرار مجلس النقابة إلى تقديم استقالته الجماعية حتى قبل انتهاء ولايته بأربعة أشهر، فيما لا يعني شيئاً غير الاحتجاج على إدارة شؤون الجامعة والسعي إلى خلق نقابة جديدة على نحو مبكر أملاً في نقابة قوية تستطيع- على حد تعبير البيان- حماية حقوق العاملين وحماية مكتسباتهم، والتصدي لمن يحاول النيل منها. إذاً، فالنقابة الحالية- وفق اعترافها- ليست قادرة على الاستمرار بغية المضي في الدفاع عن حقوق العاملين ومطالبهم، ما يضطرها إلى تقديم استقالتها الجماعية والإعداد لانتخابات نقابية جديدة على أمل إفراز نقابة أخرى أكثر قوة كي تجيد الصمود وتجيد الثبات وتجيد التحدي من أجل جامعة تحترم نفسها ومجتمعها ورسالتها وتحترم طلبتها وعامليها. ومن بين الحقائق- الفواجع أن النقابة الحالية قد بلغ يأسها وقنوطها مبلغاً دفعها إلى الاعتراف رغماً عنها بأنها أضعف من أن تستطيع حماية حقوق العاملين وحماية مكتسباتهم والتصدي لمن يحاول النيل منها، ما جعلها تفتش عن نقابة أخرى أكثر قوة منها كي تستطيع حماية حقوق العاملين ومكتسباتهم وتتصدى لمن يحاول النيل منها!!! أما الحقيقة- الفاجعة الأكبر فربما تظل فاجعة مفجعة لا شفاء منها، فضلاً عن أنه لم يكن لها ما يبرر وجودها، وهي أن نقابةً- كالنقابة الحالية الهاربة من المسؤولية بالاستقالة- انتخبها نحو ثمانمائة من العاملين من بينهم نحو خمسمائة من الأكاديميين الذين يحملون أرقى الدرجات العلمية قد عجزوا جميعاً عن حمايتها وشدّ أزرها وعجزوا عن تمكينها من الدفاع عنهم وعنها وعن جامعة هم وجدوا في الأصل من أجلها، فيما يفشلون الآن في حمايتها والدفاع عنها. ويرتبط بهذا سؤال على مبلغ كبير من الأهمية مفاده: إذا كانت النقابة الحالية ستقدم استقالتها الجماعية بسبب ضعفها واعترافها بأن ما يدفعها إلى هذه الاستقالة هو أملها في نقابة قوية تستطيع حماية حقوق العاملين وحماية مكتسباتهم والتصدي لمن يحاول النيل منها، فما الذي يضمن إفراز نقابة قوية؟! وما الذي كان يمنع النقابة الحالية من أن تبلغ القوة التي تريدها والتي تأمل في أن تتمتع بها النقابة القادمة؟! وما الذي سيكون لو اتضح- بعد قليل من الوقت- أن النقابة القادمة هي في مستوى هذه النقابة الحالية المستقيلة من الضعف والفشل أو أكثر منها ضعفاً وفشلاً، وهو ما ينبغي لنا أن نتوقعه؟! لقد سبق بيان إعلان النقابة الحالية عن استقالتها الجماعية بيانات أخرى تصف مجلس أمناء الجامعة وإدارتها بالتعسف والمماطلة والاستخفاف، فضلاً عن الحديث عما أسمته النقابة "سقطات متتالية لإدارة عجزت عن تدبير مصالح العاملين وفشلت في تحقيق العدل والشفافية!!! غير أن من أغرب بيانات النقابة الحالية هو ذلك الذي قالت النقابة فيه "إنه ليس من الحكمة أن نصمت إلى ما لا نهاية ترقباً لوعود تسرق منا خيار نضالنا النقابي وتلقي باستحقاقات العاملين وأحلامهم في غياهب المجهول"، ثم لا نجد عند هذه النقابة الهاربة غير الصمت الذي دأبت عليه واستمرأته، فيما تقر وتعترف في بيانها رقم (1) الصادر في 17/9/2014 أن "إدارة الجامعة استمرأت إهانة حقوق العاملين وأصرت دون اكتراث في الإساءة إليهم، وهي التي عجزت عن توفير الحد الأدنى من الاحتياجات الحقيقية والخطط اللازمة للارتقاء بمستوى الجامعة، بعد أن غاب عنها التخطيط العلمي فظلت رهينة العشوائية والارتجالية وتصرفت مع العاملين ضمن ازدواجية في معايير التقييم للثواب والعقاب، وفي حالات كثيرة مارست ردود فعل انتقامية ضد بعض الموظفين، وتلكأت عن قصد في منح أصحاب الحق أجرهم واستحقاقهم، وبالغت في التعسف ضد زملائنا الأساتذة والإداريين والخدمات المعاونة، وانشغلت في إقرار العقوبات وإصدار القرارات الباطلة، في نفس الوقت الذي تغاضت فيه وماطلت في الحقوق المشروعة للعاملين. ... كظمنا غيظنا طوال الفترة الماضية في انتظار الحلول لقضايا عامة تخص العاملين، فما وجدنا إلا مماطلة، واشتد الغبن على العديد من العاملين، تحت مبررات استبدت بمصائر إخوتنا وزملائنا".
وبعد، فلو وقفت النقابة ضد عوامل تخريب الجامعة وإفسادها في مواقف ومناسبات عدة لما وصل الفساد والتخريب إلى الحدّ الذي شجع مجلس الأمناء مؤخّراً على إلغاء المادة (13) من نظام الابتعاث، على سبيل المثال لا الحصر دون أدنى خوف أو محاسبة أو تردّد، إيغالاً في انتهاك حقوقٍ اكتسبها العاملون منذ إنشاء الجامعة، والبقية من أعمال الظلم وقراراته- مثل هذا القرار- آتية لا ريب، ذلك أن أسد الغاب إذا غاب ساد بطش الغاب، والأقوياء إذا غابوا سأد الضعفاء، ورجال الحق إذا غابوا ساد الأذناب وطال الفساد الرؤوس والأعناق. أما أخر الكلام، فإننا إذ نلفت الانتباه إلى مقالنا بعنوان: "سؤال إلى سيادة الرئيس: هل ترى أمناء مجلس الأمناء أمناءً؟!" نشرناه منذ عشرين شهراً، وتحديداً في فبراير 2013، لنجد اليوم لزاماً عليّ أن نقول إنه لو وجد رئيس مجلس الأمناء نقابة قوية تؤمن برسالتها لطالبته في حينه وطالبت رئيس الجامعة معها بالتراجع الفوري- مع الاعتذار للنقابة وللعاملين- عن أمرين أشير إليهما على سبيل المثال لا الحصر، وهما: 1) قرار قبول ابنة رئيس مجلس الأمناء في برنامج الدراسات العليا وهي الحاصلة على 50% فقط، علماً أن رئيس مجلس الأمناء رسالته هي إصلاح الجامعة! وعليه، فهل هناك من يصدق أن من كان إصلاح الجامعة رسالته، أفسح مجال الالتحاق إلى الدراسات العليا (الماجستير وما بعدها) أمام طلبة يجرون أنفسهم جراً نحو الـ 50%؟! الله أكبر!!! 2) قرار قبول ابن أحد أعضاء مجلس الأمناء الممثّل عن فصيل من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية إلى برنامج الدراسات العليا (الماجستير وما بعدها) على الرغم من حصوله على 49% فقط، ما جعل رئيس الجامعة يطرح أمره على مجلس الجامعة على النحو الآتي، قائلاً: "بما أننا قبلنا في الدراسات العليا 50%، (يعني ابنة رئيس مجلس الأمناء!!!) فهل علامة واحدة من 50 إلى 49 تشكل فرقاً كبيراً، حيث لا فرق بين الـ 50% والـ 49%، ما يؤكّد أنه لا استخفاف أبداً بعد مثل هذا الاستخفاف بالجامعة وقيمتها ومستواها والدراسات العليا فيها!!! أعان الله هذه الجامعة على أربابها.
|
|
|
|
|
|