|
كلمة لا بد منها بقلم د. عبد الحكم عبد الهادي أحمد – كلية التربية
|
لقد دأب الناس أن يجأروا بالشكوى عندما يتضررون من اي شيء كان أو جهة أو شخص ما ، ولكن من النادر جدا أن يشكروا من نفعهم أو من يسر لهم الكثير من الصعاب ، وربما تجد منهم من يقول: إن هذا عمله أو واجبه!!! ، وقد صدق من قال : فإن رأو هفوة طاروا بها فرحا * مني وما علموا من صالح دفنوا وبعضهم على طريقة: وعين الرضا عن كل عيب كليلة* ولكن عين السخط تبدي المساويا وما الذي يضير لو شكرنا من قام بواجبه أو أدى عمله على أكمل وجه وأتمه؟ لا شك أن ذلك من أقوى الدوافع لمزيد من النجاح ؛ ولذلك حرص الإسلام على إبراز هذا الجانب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (عَن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يشكر الله من لا يشكر الناس. قال الخطابي: هذا الكلام يتأول على وجهين أحدهما أن من كان طبعه وعادته كفران نعمة الناس وترك الشكر لمعروفهم كان من عادته كفران نعمة الله وترك الشكر له سبحانه. والوجه الاخر أن الله سبحانه لا يقبل شكر العبد على إحسانه إليه إذا كان العبد لا يشكر إحسان الناس ويكفر معروفهم لاتصال أحد الأمرين بالآخر.
ونحن في زمن قل فيه من يقوم بواجبه كما ينبغي، ولذلك إذا وجدنا من يقوم بعمله فعلينا أن نشكره ، تشجيعا له وحضا لغيره على الالتزام.
ومما دفعني لكتابة هذه الكلمات هو النجاح الكبير الذي حققته إدارة جامعة نيالا الحالية ؛ بتعيين الأخ الدكتور عبد الغني وكيلا للجامعة وذلك ما يحسه المرء خلال كل من يقابل من الأساتذة والموظفين وكل العاملين، فالمستحقات بكل أسمائها ومقاديرها يقبضها أصحابها حال الفراغ من أدائها ، وقد كانت الأمور قبل ذلك كسنيّ يوسف عليه السلام.
وهذه الكلمات هي لسان حال السواد الأعظم من كل منسوبي الجامعة،ولا نزال ندعو بالتوفيق والسداد لكل من صدقت نيته واستقامت سريرته.
والأخ الوكيل حري به التوفيق؛ فهو الذي زهد في السلطة التي مات في سبيلها أحمد بن الحسين المتنبيء
قال وهو يخاطب كافور الإخسيدي:
أبا المِسْكِ هل في الكأسِ فَضْلٌ أنالُه* فإنّي أُغَنّي منذُ حينٍ وَتَشرَبُ
وَهَبْتَ على مِقدارِ كَفّيْ زَمَانِنَا* وَنَفسِي على مِقدارِ كَفّيكَ تطلُبُ
إذا لم تَنُطْ بي ضَيْعَةً أوْ وِلايَةً* فَجُودُكَ يَكسُوني وَشُغلُكَ يسلبُ
فقد استقال الأخ الوكيل من سلطة المعتمد بعد أسابيع من تولي العمل، ولا شك أن هذا عمل غير معهود ، فالناس يتلصصون ويدفعون كل شيء في سبيل ذلك، خاصة في زمننا هذا، وهذا أول درجات النجاح أن يؤتى بك للمسئولية ولا تسعى لها أنت ، وهذا هو سر نجاح الخليفة الخامس عمر بن عبد العزيز رحمه الله رحمة واسعة، فقد ذكر رواة سيرته أنه استأذن رجاء بن حيوة حاجب (سكرتير بلغة العصر) الخليفة للدخول على سليمان بن عبد الملك -وهو في لحظات حياته الأخيرة- حتى يستعفيه من الخلافة إن كان قد عهد بها إليه، بينما جاء هشام بن عبد الملك للغرض نفسه لكن خوفا أن يكون عهد بالخلافة إلي غيره، ولما أعلن اسم عمر للخلافة ، خرّ هشام مغشيا عليه لخروجها منه ، بينما خرّ عمر مغشيا عليه لمجيء الخلافة إليه، فكان له في عامين ما يفعله الناس في مئات السنين.
فالله اسأل وكل جامعة نيالا- التوفيق والعون للأخ الوكيل وكل الإدارة.
د. عبد الحكم عبد الهادي أحمد – كلية التربية
|
|
|
|
|
|