|
كلمة حق وديعة قطر والسوق الأسود
|
استبشر الكثيرون خيراً في أن تسهم الوديعة المليارية القطرية التي سلمها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد إلى الحكومة السودانية خلال زيارته الأخيرة للخرطوم، استبشروا في أن تساهم الوديعة في استقرار سعر صرف الجنيه مقابل الدولار والعملات الأخرى، حيث كان سعر الدولار قبل وصول الوديعة حوالي ثمانية جنيهات وستون قرشا، بعد يومين من ايداع المليار القطري تراجع سعر الدولار نحول الثمانية جنيهات وثلاثون قرشاً ليقفز السوق خلال أسبوعين إلى أكثر من تسعة جنهيات.
القاريء غير المختص للسوق يقول إن الوديعة تسببت في "زيادة الطين بلة"، بعد انشار الخبر، تخوف كل من يحكم قبضته على دولارات "غير سماسرة السوق الأسود" وقاموا ببيع ما لديهم من عملات حتى لا تفقد قيمتها بين أيديهم وهو مار روج له الكثيرون بينهم اعلاميين وقادة رأي، وهو ما أدى إلى هبوط سعر العملة في تلك الأيام، وذهب بذلك كل الأرصدة إلى "جيوب السماسرة" الذين يتحكمون في بيع العملة الصعبة بعد أن احتكارها وتجفيف السوق.
هذه القراءة تقول إن المستفيد الأكبر والوحيد هم سماسرة السوق الأسود الذين يسيطرون على سوق الدولار على مرأى ومسمع وسط العاصمة، وتؤكد أن الديون والودائع ليست ضمن خيارات إنقاذ العملة السودانية التي تتراجع يوماً تلو الآخر.
مشكلة الجنيه السوداني هي السوق الأسود الذي أصبح مملكة ضخمة يسيطر عليها أشخاص محددين قاموا بتحويل العملات إلى سلع تجارية يتكسبون منها المليارات ويتحكمون في أسعارها كيفما وأينما يريدون، والمعنيين بأمر الاقتصاد والاصلاح يعلمون تماماً هذا الأمر.
قلنا من قبل إن مشكلة الاقتصاد السوداني ليست دعمومات وودائع ودخول مزيد من المبالغ الضخمة، ولا تحل أيضاً بالملتقيات الاقتصادية والبرامج الثلاثية الانقاذية، مشكلة الاقتصاد معروفة وهي ليست بمعزل عن أزمات السودان الحالية.
محاولات إقامة المؤتمرات الاصلاحية ومؤتمرات جذب الاستثمار الزراعي والنفطي من الخارج التي تقوم بها الحكومة ومؤسساتها حالياً لن تنقذ الاقتصاد الوطني بقدر ما هي بنود لمزيد من الصرف الذي يؤرق مفاصل خزينة الدولة.
الاحتقان السياسي الداخلي والخارجي القائمان الآن هما أصل أزمات السودان الحالية، وأي حديث أو محاولات للحديث عن الاصلاح الكلي للمشكلات يعتبر تغيريد خارج السرب، ومحاولات لطعن الضل بدلاً عن الفيل.
اذا أرادت الحكومة الحالية أو أي حكومة أخرى إنقاذ العملة السودانية التي "تفرفر مذبوحة في السوق الأسود" عليها حل المشكلات الأخرى قبل أن تضع الاقتصاد في دائرة الضوء، الاستقرار أساس لكل شيء، اذ لا يمكن أن تدعو المستمثرين إلى الدخول في مشروعات في دارفور والأمن غير متوفر، ولا يمكن دخول شركات استكشاف نفطي في جنوب كردفان والكاتيوشا تقصف داخل كادوقلي.
حافظ أنقابو
[email protected]
السوداني الخميس 24 أبريل
|
|
|
|
|
|