|
كلام الناس درس أكتوبر المتجدد
|
كلام الناس درس أكتوبر المتجدد * لست من الذين يمجدون الماضي ويبكون على أطلاله، ولا من الذين يبصقون على التأريخ وينظرون إليه بغضب، لكنني لا أستطيع تجاوز المحطات التأريخية المهمة في حياتنا. * ليس هناك من ينكر أهمية محطة الحادي والعشرين من أكتوبر 1964 في تأريخنا، فقد كانت محطة فارقة أحدثت تحولا مشهوداً في الحراك السياسي السوداني، يحق لنا أن نقول عنها إنها كانت رائدة وسبّاقة فيما عرف في زماننا هذا بـ (الربيع العربي). * لسنا هنا بصدد الحديث عن مآلات (الربيع العربي) مع تحفظنا التام على التسمية، وعلى النتائج المقلقة التي أعقبت هذه (الهبات الشعبية) بدرجات مختلفة، لكننا نحتاج فعلا إلى التوقف عند محطة الحادي والعشرين من أكتوبر 1964م. * لن نردد المقولة البائسة التي يستند عليها أنصار الأنظمة الشمولية وهم يتحسرون على ضياع ثمار أكتوبر، هذه المقولة التي رددها البعض بعفوية عندما شاهدوا الرئيس الأسبق إبراهيم عبود بينهم في الأسواق: "ضيعناك وضعنا وراك"، لا تعبّر عن قيمة سياسية أو أخلاقية إيجابية، وإنما هي نتاج حالة الإحباط من مآل الأحوال بعد أن سقطت ثمار أكتوبر. * لعل الدرس الأهم الذي يجب أن نتعلمه جيداً من تجربة أكتوبر 1964م هو خطورة انقسام الصف والإرادة الشعبية، كما حدث بين جبهة الهيئات التي كانت تشكل القوى الحديثة التي قادت ثورة أكتوبر الشعبية وبين تحالف الأحزاب الذي خرج عليها وأسهم في الانقضاض على أهدافها. * إننا لا نستطيع عزل الأحزاب عن أي حراك سياسي في الحاضر ولا في المستقبل، كما لا يمكن عزل القوات المسلحة التي أصبحت عاملاً مؤثراً في الساحة السياسية، ولا القوى الحديثة بما في ذلك الحركات المسلحة التي ندعوها إلى الوحدة تحت مظلة أو مظلات سياسية لدفع الحراك السياسي الإيجابي، بدلاً من الخندقة تحت رايات جهوية وقبلية يكفى أنها قسمت السودان إلى بلدين، ولا نريدها أن تسهم في تقسيم السودان الباقي إلى جهويات أخرى تحقق أهداف أعداء السودان في تقسيمه إلى دويلات. * إننا أكثر حاجة من أي وقت مضى لاستلهام دروس أكتوبر 64 واستصحاب الإيجابي منها في الحاضر والمستقبل من أجل تأمين السلام الذي تم مع دولة جنوب السودان والسعي بجدية أكثر نحو تطبيع العلاقات معها وتنميتها لصالح أبناء الشعب السوداني في الشمال والجنوب، وإلى استكماله في دارفور وتحقيقه في كل ربوع البلاد. * هذا يستوجب وحدة الإرادة السياسية عبر الحراك السياسي الإيجابي الذي لا يستثني أحدا لتحقيق تطلعات أهل السودان عامة نحو غد أفضل لهم جميعاً.
|
|
|
|
|
|