06:57 AM March, 20 2016 سودانيز اون لاين
عبدالله علقم -
مكتبتى
رابط مختصر
(كلام عابر)في عام 1956 شاهدت اسمي لأول مرة في حياتي مطبوعا في مجلة "الصبيان" في أول تجربة لي مع النشر.كانت مفاجأة حقيقية. تراقصت الحروف الباسمة أمام عينيّ وهي تتراقص وتقفز من صفحة المجلة، وأوشكت المفاجأة أن تقتلع قلبي من مكانه وتحلق به فوق هامات السحاب مثلما حلقت بي أحلامي وتخيلاتي الصغيرة. كل ما نشرته المجلة لم يتجاوز سطرين ونصف السطر على عرض العمود، رسالة تقليدية في باب رسائل القراء،خصص السطر الأول منها لاسمي واسم مدرستي (القضارف الأميرية)، وكان السطر الثاني إفادة بوصول رسالتي وترحيب بمشاركتي في المجلة. كان ذلك حدثا تضاءلت أمامه كل أحداث السنة وما سبقها من سنوات، فقد بلغت مبلغا عظيما من الشهرة. هكذا هيء لي آنذاك. أما الحدث الأكبر الذي تجاوز قدراتاحتمالي فقد كان نشر صورتي في ذات المجلة عام 1958 في باب التعارف.همت علي وجهي في مدينة القضارف وأنا أذرع دروبها وشعابها جيئة وذهابا،(أو زنقة زنقة بلغة هذه الأيام)، أتأبط المجلة أحيانا،وأحملها داخل جيب الجلابية أحيانا أخرى، وأطلع عليها في شيء غير قليل من الزهو وتضخيم الذات كل من اصطفيتممن قدرت أنهم لم يسمعوا بالحدث ويهمهم أن يسمعوا به. رأيت أن أشركهم معي لحظات مجدي وشهرتي.تضاعف الوهم والإحساس بالمجد والشهرة لما كنت أسير في طريقي في يوم من تلك الأيام فمررت يوما بجوار صبيين في مثل سني، فلفت أحدهما نظر رفيقه (أنظر....هذا هو الولد الذي ظهرت صورته في المجلة).ضاعفت تلك الواقعة،أي واقعة الصبيين العارضة، ضاعفت من تلك الحالة الطفولية أو المرضية التي لازمتني بعد ذلك لعدة أسابيع قبل أن أتعافى منها،ولكن بقيت التجربة المضحكة عالقة بالذاكرة تقاوم عربدة السنين واستلاب الأيام.
كثيرا ما أستدعي تفاصيل تلك التجربة الصغيرة وأنا أعايش أفعال بعض اخوتنا عاشقي ومتصيدي الشهرة والنجومية هذه الأيام عن طريق مركبة ما يسمونه بالعمل العام.هذا "العمل العام" المتاح في مجمله في مهجرنا،تحديدا في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية،لا يتجاوز العمل في الجالية السودانية بمسمياتها وهياكلها المختلفةالمتنافرةالمتناحرة التي تسعى لفعل كل شيء إلا مصلحة قاعدتها،أو الروابط الرياضية والمهنية والاجتماعية،والسعي لنيل عضوية تلك الكيانات باديء الأمر ثم دخول لجانها التنفيذية ثم التمكن منها فيما بعد حسب ثقافة العصر، في اطار ما تسمح به أعراف وأنظمة البلد المضيف كما هو معروف.يتصيد هؤلاء الأضواء مثلما ما فعلت أنا،أو حمّلتها عرضا قياسابواقعة أو واقعتي مجلة "الصبيان"، واعتقدت أن نشر اسمي، ومن بعده نشر صورتي قد حولني إلى شخصية هامة حقا. هؤلاء لا يملون من ملاحقة واصطياد الوسائط الإعلامية بشهية مفتوحة من خلال مركبة العمل العام للظهور على الملأ بالصورة وأحيانا بالصوت والصورة، ومن ثم يعيشون الحلم أو الوهم الذي صنعته أيديهم،وينطبق عليهم حال البالغ الرشيد الذي ما زالت تسكنه جينات الطفولة المتأخرة التي تلازم صاحبها بعد سن الرشد.لا أعتقد أن المجتمع السوداني في المنطقة الشرقية في المملكة العربية،الذي عايشته أكثر من غيره طوال العقود الثلاثة الأخيرة، حالة استثنائية،وما ينطبق عليه ينطبق على مهاجر أخرى في أرض الله الواسعة،وفي كل الوطن.
كانت وسائل التصوير والتواصل والانتشار محدودة وقليلة على أيام مجلة "الصبيان"،وقد يكون لي العذر وأنا في تلك الأيام في سعيي الدؤوب لنشر اسمي وصورتي في المجلة، ثم تقمصي بعد ذلك دور الشخص المهم الشهير،وهو دور لم يتجاوز نطاق الخيال، لكن ما بال هؤلاء (بتاعين العمل العام) تسكنهم لهفة ورغبة الأطفال، ويتوهمون أن ظهور الصورة والاسم في وسائط النشر وتكرار ذلك الظهور،في زمن تداخلت فيه الأِشياء، واستنوق الجمل، واستأسد البغاث،يضفي صفةالشخصية العامة المشهورة على الشخص،حتى لو كان بلا زاد أو عطاء أو هدي رشيد.
نسأل الله العافية والمعافاة لنا ولسوانا.
(عبدالله علقم)
[email protected]
أحدث المقالات
بصراحة كده.. حان وقت الصراحة بقلم دندرا علي دندراالحركة الشعبية تسقط طائرة.. و الحكومة تعاقب مواطني جنوب السودان! بقلم عثمان محمد حسنفخامة الرئيس الفلسطيني حفظه الله وأبقاه بقلم د. فايز أبو شمالةما يفعله الامام الصادق المهدى وبقيت الحركات هو فضيحة باثيوبيا بقلم محمد القاضيالتحدي السياسي هو السبيل الأمثل لمناهضة اجراءات استفتاء دارفوروإقامة السدودالوثبة بعد عامين و تأثير نجاح أو فشل المفاوضات الحالية في أديس ابابا عليها بقلم د. عمر بادي المرأة والتطرف في البلاد العربية وفي باقي بلدان المسلمين... بقلم محمد الحنفي شرعية حصار المدن ومسؤولية تجويع المدنيين بقلم جميل عودة/مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات د. الشيخ الترابي .. ما بين جسد يوارى وفكر يسعى.. 2 بقلم رندا عطيةفي محطّة رمسيس..! بقلم عبد الله الشيخخطيئة التفاؤل!! بقلم صلاح الدين عووضةقلم لطيف .. و فاخر ..!! بقلم الطاهر ساتيبين الشيخ الترابي وعمار عجول بقلم الطيب مصطفىالمحينة، ذلك اللاعب الذي ينافس تابلوهاته بقلم صلاح شعيبالحزب الجمهوري: منذ المذكرة التفسيرية حتى الرفض!! بقلم حيدر احمد خيراللهنظام يتدخل في أي مکان بقلم فهمي أحمد السامرائيجولة فرنسية لإدارة الصراع في فلسطين بقلم بقلم نقولا ناصر*المشهد الاقتصادي الايراني عشية اعياد نوروز بقلم صافي الياسريمناشدة للحكومة أولأ ومن ثم للمعارضة بشقيها (السلمى والمسلح):رفقاً بالمواطن المغلوب على أمرهمن ركن الأسرة بالإذاعة إلى الهيرالد بسدني بقلم نورالدين مدنييقول الخبر .. أنجبت منه قبل أن تلتقيه ولما إلتقته تزوجته بقلم الياس الغائبكفوا أيديكم عن سوريا وفكروا فينا بقلم فلاح هادي الجنابيالمصالحة رباعية الاقطاب بقلم سميح خلف