الملايين من الناس وضحايا النزاعات المسلحة على وجه الدقّة والتحديد، ينتظرون - بفارق الصبر- نتائج (( القمة العالمية للعمل الإنسانى)) فى إسطنبول، و قد أصبح المطلوب - الآن، وأكثر من أىّ وقتٍ مضى- " العمل على منح اللاجئين فرصةً للحياة الكريمة، وليس - مُجرّد - مساعدتهم على البقاء على قيد الحياة "، وهذا، ما قاله الأمين العام للأمم المتحدة، بان كى مون ، ولكن، كيف يتحقّق ذلك، فى غياب العدل، وهو أُس الدواء من البلاء، و فقدان الأمل فى الحياة الحُرّة الكريمة، وبخاصّة فى مناطق النزاع المُسلّح ؟!. صحيحٌ أنّ قصص مُعاناة اللاجئين، وأوضاعهم المزرية، أصبحت تتصدّر الأخبار فى مناطق كثيرة من العالم، وصحيح - أيضاً- أنّ الرأى العام فى أوربا صار مشغولاً - أكثر من أىّ وقتٍ مضى- بقضيّة " الهجرة "، القادمة عبر (( تركيا/اليونان/ ليبيا))، وقد أصبحت لها " مُسمّيات "، و " توصيفت " عُدّة، ولكن هذا كُلّه يقع و ينحصر فى خانة " النتائج" ، بينما الأسباب والأزمة الحقيقة، تكمُن فى " المنابع" ، وليس " المصبّات" ، ولهذا، فمن المُهم أن تضع (( قمّة إسطنبول )) كُل هذا وذاك فى الحسبان، وإلّا، فإنّ الإبقاء فى " وضع الحصان خلف العربة"، لن يُفيد كثيراً، وسيجد الهاربون من الجحيم - جحيم النزاعات المُسلّحة - منافذ، مهما علت سُقوف و جُدران و أسوار الحلول الأمنية ؟!. من بين " مُفاجئات " أجندة بحث (( قمة أسطنبول ))، هناك ملف قضيّة اللاجئين فى كينيا، التى تستضيف أرضها - منذ العام 1992-، أكبر مُعسكر لللاجئين فى العالم، حيث مُعسكر " داداب"، الذى يقع على الحدود الكينية الصومالية، وقد أعلنت حكومتها رسمياً عن نيتها و رغبتها فى التخلُّص من عبء إستضافة اللاجئين، فقرّرت إغلاق مُعسكر (( داداب)) الذى يضُم فى جوفه - على أقل تقدير- أكثر من ثلاثمائة ألف نسمة، يعيشون - بأجيالهم المُختلفة - فى ظروف " قاسية "، و " قاهرة "، يُصعب وصفها، والغوص فى مُحيطاتها، وقد تؤدّى هذه الخطوة، إلى تشريد أكثر من ستمائة ألف شخص، وفق مصادر صحفية، ومن بين ما تطرحه الحكومة الكينية، من أسباب، أسباب، ما أسمته " أمنية " و " بيئيّة "، وأضافت - واللبيب بالإشارة يفهم- - صُعوبات " إقتصادية " !.. وقالت القيادة السياسية الكينية، مُعتمدة، على تقارير " إستخباراتية ": أنّ معسكر (( داداب )) - بالذات- أصبح " حاضنة " للإرهاب، وبؤرة لتجنيد العناصر الإرهابية لحركة " الشباب " !!.. و قد أثبتت " التجارب" أنّه حينما تتحدّث حكومات ((العالم الثالث))، عن خطر " الأرهاب"، تنفتح " شهيّة " حكومات (( العالم الأوّل))، للتفاهُم، والتعاون، وإقامة شراكات و تحالفات، ضد "خطر الإرهاب "، و تُبدى - أوروبا الرسمية - إستعداداً للصمت - ولو إلى حين- عن المُطالبة بإحترام وتعزيز " حقوق الإنسان "، و بقيّة القصّة معروفة، فلا داعى، للتكرار!. للجميع نقول : إنّ أسباب " الهجرة " إلى أوروبا، و أسباب و تداعيات " اللاجئين " فى " منطقة البحيرات الكبرى الإفريقية" ، وبقيّة القارة الإفريقية، وغيرها من قارات العالم، معروفة للجميع، والعلاج الحقيقى - فى تقديرنا- يكمُن فى مُعالجة الأسباب، وليس الإكتفاء بالتعامل مع النتائج، وهذا هو الدرس الذى، يتوجّب على الجميع، فهمه، والتعلُّم منه، و ها نحن نُزيد، بكل ثقة ويقين : لا " إغلاق مُعسكر داداب "، ولا الإعتماد على الحلول الأمنية فقط، سيُغلق نهائيّاً أسباب اللجوء داخلياً فى إفريقيا، و الهجرة خارجياً، إلى أوروبا، ولن يكون هو الوصفة السحرية، و الحل الناجع، ولكن، المطلوب مُخاطبة جذور الأزمات، والنزاعات المُسلّحة، والنظر للأوضاع المُتسبّبة فى تفاقمها، ومن هنا يبدأ مُشوار الحل الصحيح، وحتّى يتحقّق ذلك، فعلى العالم أجمع تقع مسئولية، العمل المُشترك لإيصال المساعدات الإنسانية للمناطق المُحتاجة، والمناطق ذات الحاجة المُلحّة، وعلى (( قمّة إسطنبول )) القيام بواجباتها ومسئولياتها الجسام ، على أكمل وجه، ولا بُدّ من الوفاء بالوعود، التى إعتاد الناس سماعها من على منابر المؤتمرات، ولكنّها تنتهى بإنفضاض سامر المؤتمرين !. نختم، بالتذكير والتنبيه، بما يحدث - وما حدث، وسيحدث - فى السودانين (( السودان )) و (( جنوب السودان))، من أسباب ونتائج النزاع المُسلّح، وإنعكاسات كل ذلك على المنطقة والإقليم والعالم أجمع.. وننتظر مع شعبى البلدين، مُخرجات (( قمّة إسطنبول )) حول الأوضاع فى البلدين، وللحديث - حتماً- بقيّة، فإلى لقاء قريب !.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة