|
قصة التلميذ أحمد السودانيّ الأمريكيّ.. قراءة مختلفة بقلم د. حسين حسن حسين
|
04:36 PM Sep, 19 2015 سودانيز اون لاين حسين حسن حسين - مكتبتى فى سودانيزاونلاين
قصة أحمد محمد الحسن التلميذ السوداني الأمريكي ملأت الدنيا، وتناقلتها كل وسائل الإعلام الأمريكية والعالمية، ثم العربية، ومع أنها تعكس الإسلاموفوبيا السائدة في الغرب؛ أي: الخوف من أي أحد أو أي شيء له علاقة بالإسلام، فإنني قرأت القصة على نحو مختلف. ووقائع القصة تتلخص في أن أحمد طفل أمريكي مسلم يعيش في ولاية تكساس بالولايات المتحدة، وهو كما يشهد من حوله تلميذ شديد الذكاء مولع بالتقنية، ويحاول أن يخترع، واستطاع أن يخترع ساعة، وقد حملها معه إلى مدرسته، لاطلاع مدرسه عليها، ولكن كانت المفاجأة أن إحدي المدرسات رأت الساعة فاعتقدت أنها قنبلة، فأبلغت الشرطة التي قام أربعة أفراد منها بالتحقيق معه، وكان معهم ممدير المدرسة، وتقرر طرده من المدرسة 3 أيام. التناول المعتاد أن هناك خطأً ارتُكب ضد الولد، شاركت فيه المدرسة، والشرطة، وأنه عومل معاملة المتهمين، وهذا صحيح، وقد اعترفت به السلطات الرسمية، وعلى رأسها الرئيس الأمريكي أوباما. وبعيداً من هذه القراءة، أرى أن هناك جوانب أظهرتها هذه القصة؛ أولها حالنا نحن السودانيين، فقد تقطَّعت بنا السبل، وصِرنا نهيم في كلّ وادٍ، وقد جرفت السلطة الجاثمة على صدورنا البلاد من الخبرات في كل المجالات، وتلقفتنا الدول سواء أكانت عربيةً أم غربيةً، أم إفريقيةً، أم آسيويةً، وأظهر السودانيون -على سوء أحوالهم- قدرةً كبيرةً على التكيُّف مع الظروف، والدول التي هاجروا إليها، وهذا لا يَعْني أن كل السودانيين تجاوزوا تلك الظروف بنجاح، لكن فلنقل جُلّهم، وهذا يبدو في الاحترام الذي يجده السودانيّ بشكل عام في أي مكان. قصة هذا الطفل السوداني تتمثل في أن أسرته متعلمة، ومتفهمة أهمية أن يتميز ابنهم، فشجعوه على أن يمارس هوايته، وهيؤوا له المناخ المناسب، وعرفت الأسرة أن العلم هو السلاح الأساسي للتميز في دولة هي الأولى على مستوى العالم، فدعمت أحمد الذي أظهر قدرات فائقة جعلته مخترعاً، ومبتكراً، ينتظره مستقبل عريض بإذن الله، إذا سار وفق هذا النهج العلمي. هالني أحمد وهو يتحدث بطلاقة من دون خوف أو وجل أمام شاشات التلفاز، وممثلي وسائل الإعلام المختلفة، وتخيلته لو أن شيئاً مثل هذا حدث له في السودان، وقادته الظروف إلى الموقف نفسه، بالطبع أجزم أنه لم يكن لِيستطيعَ أن يقول كلمتين مفهومتين؛ لأن أسلوب التربية الذي نشأ عليه في أمريكا مختلف عن ذلك الذي كان سينشأ عليه في السودان، مع أن الأسرة هي الأسرة ذاتها، لكن المجتمعيْنِ مختلفان، والمحيطين متباينان. فعندنا الأدب أن يبلع الصغير لسانه، ولا يتفاصح، بينما ينظر إليه في المجتمع المتقدم على أنه إنسان له الحق في أن يعبر عن نفسه، ويطرح رأيه. ومواساة الرئيس الأمريكي مواطناً أمريكياً وقع عليه ظلم يوضح مدى احترام الدولة فكرة المواطنة، والمساواة بين من لديه السلطة والمال ومن هو على باب الله، بينما في بلادنا أكثر ما يمكن أن يفعله مسؤول هو الخوض في مياه الأمطار، والتصوير متجهماً؛ ليبدي المشاركة الوجدانية لأناس يفترشون الأرض بعد أن تهدمت بيوتهم، وتشردوا في الشارع العريض. فقد علق الرئيس الأمريكي باراك أوباما عبر حسابه على «تويتر»، قائلاً: «ساعة لطيفة يا أحمد، هل تريد إحضارها إلى البيت الأبيض؟. يجب علينا تشجيع المزيد من الأطفال ليحبوا العلم مثلك. فهذا ما يجعل أمريكا عظيمة». وأبدت المرشحة الأمريكية هيلاري كلينتون سعادتها ووقوفها إلى جانب أحمد؛ إذ غردت قائلة: "اعمل يا أحمد، وابق على حبك للاستطلاع، وواصل الإنتاج". وتسارع الشركات إلى فتح أبوابها لأحمد دليل على احترام النبوغ ورعايته، حتى إذا كان مِن بينها مَن تبحث عن الشهرة، واستغلال الوضع. وكان بين الذين تعاطفوا مع أحمد مارك زوكربيرغ مؤسس موقع فيسبوك، الذي أعرب على صفحته الخاصة عن تضامنه مع الطفل السوادني، وترحيبه بزيارته، وقد تمنحه الشركة وظيفة. يجب أن نعترف أن هناك فارقاً كبيراً بيننا وإياهم؛ نعم هناك عنصريون وكارهون الإسلام، لكن هناك -بالقدر نفسه- منصفين، وأناساً يحترمون آدمية الإنسان، وتعاطف كثير من الدول الغربية مع المهاجرين السوريين وغيرهم يؤكد ذلك، لكن في بلادنا هناك من يشوِّه الإسلام بأفعاله، ويزعم أنه عنه مدافع، إلى حد الاحتكار، واحتقار مَن سواه ممَّن يُخرِجه من حظيرة الدِّين بـ(جرة قلم) أو بلسان سليط لا يراعي إلاًّ ولا ذمةً.
أحدث المقالات
- لقاء غندور.. بقلم عثمان ميرغني 09-19-15, 04:30 PM, عثمان ميرغني
- في بيتنا أجنبي .!! بقلم عبد الباقى الظافر 09-19-15, 04:27 PM, عبدالباقي الظافر
- إستراتيجي (قال) !! بقلم صلاح الدين عووضة 09-19-15, 04:22 PM, صلاح الدين عووضة
- المسجد الأقصى في زمن الهوان ! بقلم الطيب مصطفى 09-19-15, 04:21 PM, الطيب مصطفى
- الاعتماد علي المجتمع الدولي وحده دافع لبقاء النظام بقلم صلاح شعيب 09-19-15, 07:08 AM, صلاح شعيب
- آخر نكتة (العودة النهائية للمغتربين السودانيين)!! بقلم فيصل الدابي/المحامي 09-19-15, 07:05 AM, فيصل الدابي المحامي
- هرجٌ ومرج فى " التحرير" حول التغيير المنشــــود بقلم فيصل عبد الرحمن السُحــــــيني 09-19-15, 07:04 AM, فيصل عبدالرحمن السحيني
- قامة المفوضية القومية لحقوق الإنسان :وقيامتنا!! بقلم حيدر احمد خيرالله 09-19-15, 07:01 AM, حيدر احمد خيرالله
- سوداني يرفض 500,000 ريال سعودي وسودانية تطالب بها! بقلم فيصل الدابي/المحامي 09-19-15, 07:00 AM, فيصل الدابي المحامي
- الأقصى يسلط الأضواء على دور المغرب بقلم بقلم نقولا ناصر* 09-19-15, 06:58 AM, نقولا ناصر
- إلى أين تقود الجبهة الثورية جماهيرها !!.. بقلم عبدالغني بريش فيوف 09-19-15, 06:56 AM, عبدالغني بريش فيوف
- الحوار النوبي النوبي ضرورة تقتضية المشهد السياسي لراهن3/3 بقلم صديق منصور الناير 09-19-15, 03:32 AM, صديق منصور الناير
- رسالة كندا حمى الإنتخابات الكندية !!! بقلم بدرالدين حسن علي 09-19-15, 03:28 AM, بدرالدين حسن علي
- لا مساومة فى القضايا المصيرية .. بقلم عادل شالوكا 09-19-15, 03:26 AM, عادل شالوكا
- هل يصبح أحمد محمد صانع الساعة ذو الأصول السودانية أول رئيس أمريكي مسلم؟؟ بقلم د/ محمد حسن فرج الله 09-19-15, 03:23 AM, محمد حسن فرج الله
- ضمانات أبوجا لعمر البشير تظـل وهمية بقلم مصعب المشرّف 09-19-15, 01:37 AM, مصعب المشـرّف
- السودان. حكومة ظالمة وفاسدة والشعب صابر والمستقبل مجهول, بقلم محمد نور عودو 09-19-15, 01:33 AM, محمد نور عودو
- عمر .. و العجوز اليهودى .. ؟؟ بقلم حمد مدنى 09-19-15, 01:31 AM, حمد مدنى
- المهدية السابقة والحالية بقلم الفاضل عباس محمد علي 09-19-15, 01:28 AM, الفاضل عباس محمد علي
- الحوار النوبى .. النوبى !!! خيار عقلى ومثالى وأستراتيجى بقلم الاستاذ. سليم عبد الرحمن دكين-لندن- 09-19-15, 01:26 AM, سليم عبد الرحمن دكين
- النوبيون يتحدون الصعاب بقلم أحمد دهب 09-19-15, 00:49 AM, أحمد دهب
- علي عثمان طه و نافع علي نافع و صلاح قوش بقلم جبريل حسن احمد 09-19-15, 00:46 AM, جبريل حسن احمد
- الحركات المسلحة بين الوعي وثقافة الاعتراض بقلم زين العابدين صالح عبد الرحمن 09-19-15, 00:45 AM, زين العابدين صالح عبد الرحمن
- الهوية السودانية والتحديات التربوية في دول المهجر بقلم نورالدين مدني 09-19-15, 00:43 AM, نور الدين مدني
- الخروج من المأزق بقلم كمال الهِدي 09-19-15, 00:42 AM, كمال الهدي
|
|
|
|
|
|