تابعنا الأيام الماضية الجدل العالمي الكبير الذي حدث بسبب القرار الذي أصدرته منظمة الصحة العالمية – والتي إضطرت الى إلغاءه فيما بعد – والخاص بتعيين رئيس زيمبابوي روبرت موغابي سفيرآ للنوايا الحسنه للأمراض غير المعدية (مثل أمراض القلب والأزمة وغيرها) وأثار الأمر موجة سخرية وانتقادات من دول مؤثرة ، وبعض المنظمات وخاصة تلك التي تدافع عن حقوق الإنسان ، وكذلك المعارضة في زيمبابوي . وفي الحقيقة من الطبيعي أن يٌقابل قرار مثل هذا بالرفض القوي والإستهجان اذا علمنا أن روبرت موغابي والذي يناهز الأربعة وتسعين عامآ ديكتاتورآ عتيدآ ، وأحد المعمرين الذين يحكمون بالعالم ، ويحكم بلاده يقبضة حديديه منذ نحو أربعين سنةُ كانت كفيلة بتدمير زيمبابوي ، ويشهد الجميع بإنهيار النظام الصحي فيها تمامآ ، وزيمبابوي تعيش اليوم تحت وطأت الحصار الذي تفرضه كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ، والثمن بالطبع يدفعه المواطن هناك .. كما جرى بعقوبات السودان مثلآ ( تُفرض العقوبات على الأنظمة كإسلوب ضغط ؛ وتحولها الأنظمة لفاتورة بقاء له في الحكم ويدفعها عنه المواطن !) . ولم تمر ساعات من إعلان قرار تعيينه سفيرآ للنوايا الحسنة حتى بدأنا نستقبل تصريحات الإستنكار وبيانات الإدانة للخطوة من جهات مختلفة في العالم ، أقواها –برأيي – تلك التي صدرت عن رئيس الوزراء الكندي الشاب جاستين ترودو حيث قال : " كنت إعتقد أنها مزحة سيئه " فمعك حق سيدي ؛ كيف يكون عندك حقيقة وأن الحكام في منطقتنا جاثمين بعدد سنين عمرك ؛ وزيادة في كراسي الحكم ولا أحاديث عن تداول للسلطة أو نهاية ولاية حكم ! كذلك قالت الخارجية الأمريكية في بيان : " إن قرار تعيينه يتناقض مع مبادي الأمم المتحدة ، وأن موجابي يمثل خطرأ بالنسبة للسلام والإستقرار " ومن المؤكد أن الولايات المتحدة اتخذت خطوات أكثر من مجرد اصدار بيان في هذا الأمر ، وبالتأكيد لن تغيب بريطانيا ( مستعمر الأمس ) عن الموضوع ، والتي تَعتَبِر أن الأمر يعنيها بالدرجة الاولى حيث جاء التعليق الرسمي لبريطانيا قائلآ : " ان القرار مفاجئي ومحبط في ضوء العقوبات الأمريكية والأوروبية " فضلآ عن بيانات إدانة قوية صدرت عن الجهات الدولية المؤثرة ، وتحت هذا الضغط المتصل إضطرت منظمة الصحة العالمية الي إعلان إلغاء تعيين موغابي سفيرآ للنويا الحسنة وصدر القرار عن مدير منظمة الصحة العالمية إدهانوم غيبريسوس ، والذي قال ان ذلك حرصآ لمصلة الوكالة الأممية . وأجدني أسوق العديد من المبررات في مسألة تعيين موغابي – غير المقبول هذا - والتي إن اخذنا بها يمكن أن نجد العذرلذلك ؛ منها أن القرار عاطفي بنسبة كبيرة ؛ إذ ان مدير المنظمة الأفريقي الأثيوبي إدهانوم غيبريسوس ربما أراد أن يصنع من الديكتاتور العظيم موغابي شخص إيجابي على الأقل يخدم أهداف منظمة الصحة العالميه ، وشئ آخر برأيي يجب أخذه في الإعتبار وهو انه يحكم زيمبابوي لعقود وأن الأمر الواقع هو التعاون معه لاغير ، وربما تم تدارس الأمر في المنظمة ووقع عليه الإختيار من بين العديد من الشخصيات المؤثرة والبارزة لما له من سلطة وقبضة فأرادو إستقلال موقعه لخدمة أهداف المنظمة . والشئ الثاني الذي يمكن أن أشير له هنا أن السيد إدهانوم ربما أراد أن تكون المنظمة في عهدة أكثر فاعلية ، و أن تتسم بتحقيق نتائج عاجلة مع سرعة الاستجابة ،وهذا قد يجعله يتجاوز العديد من العقبات والقيود ليمد يد التعاون مع شخص مثل موجابي . أخيرآ موضوع قرار تعيين ، وإلغاء تعيين الديكتاور الهَرِم هذا لن يمثل نقطة سوداء لشخص عملي مثل إدهانوم غيبريسوس ، فمعروف عنه أنه رجل سياسي ودبلوماسي محنك ، عمل بجهد بتوجيهات الاتحاد الافريقي في مجالات الصحة ، وخاصة مكافحة الإيبولا ، كما أنه معروف عنه المرونة والإستماع للجميع عندما كان وزيرآ للصحة في اثيوبيا ، ونذكر أن الجميع تحدث عنه بالخير عندما كان مرشحآ لشغل منصب مدير عام منظمة الصحة العالمية .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة