|
في هلاك الدولة السودانية (1- 2) بقلم رجاء بابكر
|
08:09 PM Mar, 02 2015 Sudanese Online رجاء بابكر- My Library at SudaneseOnline
يبدو أن عدم تحديد المصطلحات والمفردات اللغوية بشكل قاطع يسبب مشكلة عويصة في الفهم والفكر ينتج عنه تخليط مفاهيمي مغاير تماما للمقصود ليس على مستوى الفكر الإنساني بل يتحول الى الفعل الإنساني لأن الفكرة سابقة للفعل .. هلاك الدولة السودانية درج الفهم الاعتباطي للكثيرين على فهم مفردة (هلاك ) بأنها العذاب المستعجل الذي انزله الله على الأمم السابقة أو بمعني الموت السريع ..ولكن الحقيقة إن معنى ( الهلاك ) هي الموت البطيء الدليل قال تعالى ( وكم من قرية أهلكنها فجاءها بأسنا بياتا او هم قائلون ) ذكرت الآية نوعين من الإفناء البطيء وهو الهلاك و والإفناءالعاجل وهو البأس ..وكلمة استهلاك مشتقة من هلاك وتدلل على إفناء الشئ ببطء ...قصدت من هذه المقدمة توضيح معنى المفردة حتى لا يأخذها الإعتباطيون وأصحاب الفكر المنغلق ويخوضوا فيها بغير علم ... وما السبب الرئيس لان موضوع المقال يدور حول التلبيس والتخليط في المصطلحات هو سبب أصيل في سياسة اللامعقول الاعتباطية التي تمارس علينا كما منذ الاستقلال نعتبرها جزء أساسي في هلاك الدولة السودانية .. الدولة بحسب التعريف الحديث تعني ( الشعب –السلطة -الإقليم الجغرافي )وألان كل محاولات اللحظة الأخيرة تصب في وقف الإفناء والموت البطيء للدولة السودانية والذي كان مصاحبا لها منذ الاستقلال وكان واضحا وملموسا بعد زوال حكم نميري عندما كنت ابحث في متلازمة الفشل التي تلاحق الدولة الوطنية توصلت لنتيجة غريبة مفادها ان احد مسببات هلاك الدولة السودانية هو الفهم المغلوط وتلبيس المصطلحات ..مثلا التخليط بين مصطلح المثقف وخريج السلم التعليمي.. بعد إنشاء المستعمر لكلية غردون لتخريج صغار الموظفين والكتبة لسد النقص في الدولة التي صارت أكثر تخطيطا وتحتاج للكادر المؤهل فظهرت هذه الطبقة من الموظفين البيروقراطيين في الدولة ..صحيح كان لها دور في الاستقلال لأنها خلقت وعيا ناهض الاستعمار فجزء من الخريجين ثقفوا أنفسهم وانكبوا على المعارف ينهلوا منها بنهم ومثابرة شديدين ..ولكن بتكاثر أعداد الخريجين وظهور طبقتهم تفشى مرض نعتبره احدي مهلكات الدولة فمصطلح الخريج صار مرادف للمثقف حتى وان كان جاهلا في تحصيله الأكاديمي ناهيك عن الثقافة العامة اما المثقف قد يكون لديه حكمة ورؤية ولا يشترط إتمام السلم التعليمي الذي صمم خصيصا لتفريخ موظفين يخدمون الدولة بشكلها الحديث...رغم ان المجتمع السوداني بفطرته لاحظ البون بين الخريج والمثقف فا طلق المثل الشهير( القلم ما بزيل بلم ) لما لمس من أفعال الخريج الخرقاء..ولكن لماذا استمر التخليط بين مصطلح الخريج والمثقف إلى يومنا هذا ؟؟ أن الذي أراد الإبقاء على هذا التخليط وهو الخريج نفسه وكثير ما يردد (بصفتي مثقف ) لأنه مستفيد من تلبيس المصطلح ليخلق له تميزا في المجتمع فحين يتكلم يستمع لكلامه وان كان إسفافا أو مجرد سفسطة و حتى يتقدم الصفوف وهو بدون علم ولا هدى وفعلا هذا ما حدث ..ان طبقة المثقفين وهي جزء من الشعب لابد منها في أي مجتمع إنساني لان لديها رؤية عميقة تفيد المجتمع وهي طبقة وسيطة تكون بين السلطة وبقية الشعب وظيفتها توعية الشعب والسلطة وخلق استنارة في المجتمع والتصدي لتغول السلطة ولا يشترط ان يكون المثقف خريج هذه الكلية او تلك.. مثل العقاد و الشيخ فرح ود تكتوك وان شئت كل علماء المسلمين الذي نبغوا لأنهم آمنوا بشمولية المعرفة فتجد العالم منهم فقيها وفلكيا وكيمائيا وطبيبا وفيلسوفا إذن بعد أن صدقت طبقة الخريجين أنهم مثقفين ودوائر للوعي وصدقوا أنهم طبقة مميزة أرادوا أن يقرنوا الفكرة بالفعل لذا سعوا سعيا حثيثا ليجدوا موطئ قدم في السلطة إن حقا أو باطلا فنشأت طبقة من النخبة مزيفة مغرورة من أنصاف السياسيين وأنصاف المثقفين أصحاب ذهنية مغلقة همهم الأول والأخير في الحياة ان يحصلوا على مراكز في صنع القرار فهم يعتقدون اعتقادا راسخا بأنه أفضل من بقية الشعب وان مكانهم الطبيعي ان يكونوا في الصدارة وهم يفتقدون للوعي والإدراك اللازم لاستحقاق هذا المركز المتقدم ..نعم لقد تقدمت هذه النخبة الرخوة المزيفة لمناصب صنع القرار بكل هذا القصور والضحالة الفكرية وأول من يكره وينفر منه الخريج ذو المنصب هو المثقف والخبير المختص لأنهما يكشفا زيفه وجهله من جلسة وحيدة لذلك أبعدهم وبالتالي غاب تماما مفهوم التخطيط تماما وغابت الرؤية المستقبلية وصار التنفيذيون مثل (الغبي النشيط )الذي يضر أكثر مما ينفع.. والنتيجة هذا التخبيث و(الكوجان ) والتخليط الذي ظل صفة ملازمة لسياسية الدولة الوطنية الآن نكتوي من سياسة اللامعقول الاعتباطية التي تميز الدولة السودانية .. أما المثقف والمحنك في مجاله هو المنبوذ وهو الذي يسخرون من كلامه الموزون و يضعون أصابهم في أذانهم حتى لا يسعموا ما هو حقيقي وما يفيد الدولة ...ولما كانت مناصب صنع القرار لا تكفي لهذه النخبة الممتلئة بالزيف والغرور لجأت هذه الطبقة لوظيفة أخرى وهي أن تأكل من موائد السلطة ولا يهمها نوع المائدة .. ديمقراطية هم أصحابها فهم ديمقراطيون بالفطرة .. شمولية ولا أجمل .. انعم بها وأكرم ويلعنوا الديمقراطية وأهلها .. فقد تعلمت هذه الطبقة من النخبة الانتهازية ان تتنقل من الطقس الي أخر بسهولة تحسد عليها ..و لا يهمها خطأ او صواب.. مع الشعب أم ضده ..كل همها مصلحتها الخاصة وان تحصل على (برستيج ) بلائم غرورها وزيفها ...بداية الحل إرجاع مصطلح المثقف إلى أهله حتى يقوم بوظيفته التنويرية في المجتمع و التصدي لتغول السلطة وان يعود للخبير المختص اعتباره ليقوم بوظيفته الاستشارية وان يعود الخريج غير المؤهل ثقافيا او اختصاصيا لوظيفته البيروقراطية في دولاب الدولة فكل ميسر لما خلق له ...نواصل
مواضيع لها علاقة بالموضوع او الكاتب
- من أبطأت به سياسته لم يسرع به إعلامه بقلم رجاء بابكر 12-21-14, 08:24 PM, رجاء بابكر
- الإنقاذ ...والظواهر الغريبة على المجتمع السوداني رجاء بابكر 06-24-14, 09:54 PM, رجاء بابكر
- الرد الشافي للمنكرين ثورة ود حبوبه جهاده رجاء بابكر 01-25-14, 04:57 PM, رجاء بابكر
|
|
|
|
|
|