تقف المعارضة السودانية الآن على مفترق الطرق، وسواء اتخذت قرار التوقيع على خارطة الطريق المقترحة من أمبيكي، أو رفضت التوقيع، فإن ما يتم النظر إليه من كل الأطراف المحلية والإقليمية والدولية هو؛ هل اتخذت موقفاً موحداً أم أن بداخلها أكثر من موقف..؟ قراءة الموقف الناتج عن اجتماعات أديس أبابا مع المبعوث الأمريكي يقول أن القوى التي شاركت في اللقاء قد وافقت على التوقيع، لكنها تريد شيئاً تقدمه لكوادرها ومؤيديها بالداخل يبرر توقيعها الآن مع رفضها السابق للتوقيع، حيث سيطرح الجميع الآن سؤال لماذا تقبلون اليوم ما رفضتموه بالأمس القريب؟ وعليهم أن يقدموا أية إجابة أو تبريراً لو كان ملحقاً أو توضيحات. هذا على الأقل هو تقييم المراقبين الذين تابعوا اللقاءات، فهم ينظرون للملحق والتوضيحات بأنها لا تؤثر على جوهر وثيقة خارطة الطريق، ويتمنون لو قبلتها الوساطة والحكومة السودانية. الموقف الدولي نفسه شهد تغيرات كبيرة، إذ تقدم دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قضية الهجرة واللجوء ثم الجماعات الإرهابية على رأس أجندتها في المنطقة، وبالتالي ليس غريباً إذا حسنوا علاقاتهم مع الحكومة السودانية، مقابل ما يرونه موقفاً إيجابياً مساعداً في هاتين القضيتين. ويمكن أن نضيف لذلك رغبة الإدارة الأمريكية في تحقيق تقدم ما في الملف السوداني قبل نهاية مرحلة الإدارة الحالية، والمهلة المتاحة هي حتى شهر نوفمبر القادم. بعد ذلك تنشغل الحكومة الأمريكية في الانتخابات، ثم تأتي الإدارة الجديدة وتحتاج لوقت لترتيب أوراقها وأولوياتها، وستركز على المناطق الملتهبة وذات الحساسية الشديدة للمصالح الأمريكية، وليس السودان من بينها بالطبع. يعني ذلك أن أول تعامل جاد للإدارة الامريكية الجديدة مع الملف السوداني، من جديد، قد يحتاج لأكثر من عام. لماذا إذاً تتركز الضغوط الغربية والدولية عموماً على المعارضة؟ الإجابة عند أحد الدبلوماسيين الغربيين تقول إن المطروح على مائدة الحوار الوطني هو كل القضايا التي تطرحها المعارضة، ويضيف " لن نقول إنهم جاوبوا على كل الأسئلة، لكن هناك فرصة للمعارضة لتأتي وتحصل على الإجابات من خلال الحوار، وإن لم تجد إجابات يمكنها أن تنسحب". ويزيد الرجل بالقول أنهم لا يقدمون صورة وردية لنتائج الحوار "ونعلم أن هناك وثيقة كاملة وأخرى حدث تعديل في سبع صفحات...لكنه حوار في النهاية". ما هي السيناريوهات المتوقعة إذاً؟ هناك سيناريو أقرب للحدوث وهو أن توقع قوى نداء السودان، عدا قوى الإجماع الذي يضم أحزاب الداخل، على الخريطة، وتدخل المعارضة للحوار منقسمة. السيناريو الثاني هو أن ترفض كل قوى نداء السودان التوقيع، وعندها ستفقد الدعم الدولي والإقليمي، ويعني هذا أن تواصل خوض معركتها معتمدة على نفسها وجماهيرها فقط، وقد تتعرض لما هو أكثر من الضغوط، فقد يتم تقييد حركتها، وربما تجريم بعض أطرافها، تحديداً حركة عبد الواحد التي ترشحها بعض التقارير لتلقى مصير حركة جوزيف كوني في يوغندا. السيناريو الأخير أن توقع كل قوى المعارضة على وثيقة خارطة الطريق وتدخل الحوار الذي رفضته من قبل. ولكل سيناريو حساباته ونتائجه، فأي السيناريوهات سيصدق؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة