حديث المدينة الخميس 8 ديسمبر 2016 بعد مصنع سكر الجنيد.. وأنت متجه جنوباً.. تقع (محطة قنب).. وهي محطة لقطار السكة الحديد.. و"قنب" كلمة شعبية تعني "اجلس".. ليس الجلوس المعتاد.. بل جلوس مثقل بالقلق. قطارنا السوداني لا يزال يقف في (محطة قنب).. متخماً بالإحباط والتثاؤب المفضي إلى حالة اليأس المرير.. يأس من حكومة فقدت حتى الوعود بمستقبل منفرج الزاوية.. ومعارضة تنتظر بطاقة دعوة من الحكومة مكتوب عليها (هيت لك). سألني صحفي أجنبي.. (ما هو أقوى حزب معارض في السودان) أجبته على الفور (حزب المؤتمر الوطني)!. الذي يفعله حزب المؤتمر الوطني (ضده) عجزت عنه كل أحزاب المعارضة!.. حزب أتيح له منفرداً ومحتكراً أن يتولى السلطة في البلاد (28) عاماً.. ظل السودان طوع بنانه مثل العجينة الرخوة كل هذه المدة.. ليصل في النهاية إلى هذا الوضع المأزوم.. أعتى حزب معارض لن يستطيع تحقيق هذا الإنجاز بمثل هذا المستوى من الدمار الشامل. الأمر لا يتعلق- فقط- بالفشل المباشر فحسب، بل بركل أية فرصة تتيحها له الأقدار.. ولفظ أية نصيحة مهما كانت سديدة. الصورة- الآن- تبدو قاتمة، وشاحبة.. أسعار تتقافز في الهواء، وهي تسحب معها رقبة المواطن السوداني.. وأكبر من كل ذلك أفق سياسي مسدود ليس فيه أية بارقة أمل منظورة.. فحتى الحوار الوطني الذي- ربما- كانت فيه- ولو نظرياً- فرصة الخروج من عمق الأزمة إلى أطرافها.. باتت تنحسر عنه آمال أكثر المراهنين عليه.. فها هو حزب المؤتمر الشعبي الذي وضع (كل البيض في السلة).. يعض بنان الندم على الحال الماثل أمامه، وهو يرى توصيات الحوار تُزهق قبل أن ترى النور دستوراً وقانوناً. لكن.. لكي لا نظلم حزب المؤتمر الوطني.. فلنعترف أنه لا يمكن أخذه كله جملة واحدة بجريرة بعضه.. أنا أراهن أن غالبية عضوية حزب المؤتمر الوطني هي- نفسها- محتارة في ما يحدث باسمها.. فكثير من ركاب (قطار الوطني) ليس لهم من نصيب فيه سوى الفرجة من النافذة على المناظر التي يمر بها في محطاته.. دون أن يكون لهم الحق أو القدرة على تحديد المسار أو حتى المحطات التي يعبرها. للبحث عن نفق الخروج- في تقديري- الأفضل أن يصنف حزب المؤتمر الوطني (معارضة بلس +++).. وأن يكون شريكاً في (التغيير).. فغالبية أعضائه يؤمنون بأكثر مما تؤمن به المعارضة من الحاجة إلى التغيير.. فهم يدركون جيداً أن الوقوف طويلاً في (محطة قنب).. يدفع ثمنه الوطني قبل الوطن. مطلوب من (ركاب الوطني).. النزول لتغيير القطار!.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة