|
في الذكرى ال59 لقيام دولة الجلابي في السودان مستقبل صراع الأمم الزنجية ضد ثلاث إمبريالياتبقلم عطرون
|
1.مؤسسة الجلابي (جهاز الدولة والنخبة) هي الامبريالية الصغرى؛ اي الإستعمار المحلي. 2.مصر وبعض منظومة الدول العربية والإسلامية يمثلون الامبريالية الوسطى؛ اي الإستعمار الإقليمي . 3.النظام العالمي بوضعه المختل؛ وفي صورته الإستعلائي هو الامبريالية الكبري؛ وهي القوى الإستعمارية التي صاغت الوعي والمفاهيم التي أسست للأوضاع الحالية. الامم الزنجية ، وجماعة المسلمين الزنوج بالاخص هي الضحية الاولى في السودان. الامبريالية الكبري هي الحقيقة في اوربا وبناتها؛ امريكا وكندا واستراليا؛ ومنذ تراجعت بعد الحرب العالمية الثانية استمر تيار انساني اخلاقي ضمنها في العمل نحو بناء عالم جديد. تقلص دورالامبريالية الاستعماري عسكريا ،سياسيا. مع اقرارنا على بقاء شقه سيئ منه في ممارسة دور استعماري اقتصاي وثقافي في العالم. الشعوب والامم في عالم الجنوب لا تزال ضحيتها.
يمارس مجموعات نافذة في القوى الاقليمية عربية واسلامية دورا استعماريا على افريقيا؛ والجزء المتمسلم من القارة. هي دور إمبريالي مقلد بكل في شخصيته للامبريالية الكبري في زمن الاستعمار. لكن يختصر شقيا ثقافي واقتصادي.
باعتبار ان القوى العربية الاسلامية تلت اوربا الرومانية؛ وسبقت اوربا الحديثة في التواجد الاستعماري شرق وشمال القارة الإفريقية. تخلقت صورة مزيفة للواقع الثقافي في هذا الجزء تجعل الثقافة العربية الاسلامية الأصل لأمم الزنجية. وهو غير صحيح؛ فالثقافة الأصلية لشعوب القارة لا تزال تمارس في بعض جوانب مجتمعات الامم مع الاقرار ان الوجود الغازي العربي الاسلامي قد دمر وعمل على تدميرها ولا تزال.
اليوم ينشأ صراع ثقافي أروبي- أسيوي للسيطرة على إنسان الجزء الشمالي والشرقي من القارة. والصراع نفسه موجودة في الاستعمار الاقتصادي والهيمنة السياسية. الجزئ الشمالي من قارتنا الافريقية؛ ودولتنا السودان النيلي ضمنه؛ والسودان الإوسط في القارة الافريقية من الصومال الى موريتانيا والسنغال تمثل جغرافية هذا الصراع؛ هي ضحايا الامبرايالة العربية الاسلامية.
تظهر دور الامبريالية الوسطى بجلاء في ما تسميه القضية الفلسطينية وتصويرها على انه مسؤولية اسلامية دينية لكل مسلم؛ وعربية لكل ناطق بالعروبة. ضررنا في السودان اتت من ناحيتين: 1. اعتقال العقول الزنجية في معلبات ثقافية ودينية مدى الحياة؛ باعتبار ان ما تقوم به خدمات الهية ودعم للقضية وطنية. 2. نهب مواردنا الإقتصادية التي نحن في حاجة ماسة اليها وتقديمها للفلسطينين ودعم الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي وهما مؤستي الامبرلية الوسطى. ويعتبر المؤسسات الثلاث الامم الزنجية اعدائهم وخصومهم ويعملون مع عدوهم.
لكن لحد ما دور الإمبرايلية الوسطى؛ الاستعمار الاقليمي تستند في الاساس وتقوم على دور مؤسسة الجلابي في السودان. المؤسسة تمثلها نشاط الدولة الجلابية ونخبها المتلعمة. وهي المؤسسة التي تعتبر إمبريالية صغرى ؛ تمارس دور استعماري محلي. وتستمد مادة الثقافية لهيمنتها ووجودها من الفكر الاسلامي العروبي العنصري في كل جوانبه . الإمبريالية الصغرى إذن تقلد الدور للامبريالية الوسطى في الجانب الاجتماعي والثقافي. وتمارس نقس دور الامبريالية الكبرى في حقبتها الاستعمارية سياسيا واقتصاديا.
تظهر دور وممارسات مؤسسة الجلابي مقلدة للقوى الاستعمارية بوضوح في النقاط التالية: 1. تطبيق السياسيات العامة؛ الاضطهاد؛ الاستغلال؛ والقهر؛ واساءة للثقافات والتراث والقيم. املا في اسقاط قيمة الانسان. 2. مخاولة خلق مشروعية وطنية لبقائها في السلطة ونهب الثروة عبر تصوير النخبة الجلابية المتعلمة انها واعية بمصالح كل الشعوب؛ وتصوير الامم والشعوب الزنجية على انها عبيد لا يفهمون ولا يوون مصالحهم. 3. ممارسة سلوك وحشي عبر سياسة قمع ثورات الامم والشعوب الرافضة لهذه الهيمنة؛ و التي تطالب بالحرية والاستقلال وبناء دولة جديدة . 4. الهدف الاساسي للدولة؛ نهب الموارد الاقتصادية؛ وتوظيف جزءها لثراءها؛ او اعادة خلق قوى خادمة تساعدها لاستمرارها واستمرار وضعيتها الاستعمارية . وهذا يكلف اعادة انتاج الازمة في نماذج حكومات وانظمة متعددة على مدار الازمنة. مؤسسة الجلابي بهذا التوصيف هي إمبريالية خطرة رغم صغرها لأنها تمس بعملها حياة الضحايا مباشرة. و ضحاياها بلا شكل الأكثر ضررا؛ بالتدرج الطبقات الأربعة ما دونها؛ والامم الزنحية الاكثر تضررا.
الامبريالية الصغرى من اساليبها وسلوكها المستعار من الامبريالية الكبرى في مواجهة الثورات ضدها: 1. أنها تجند من الضحايا جنودا تستخدمهم ليدافع عنها ويحميها من ثورة الشعوب نفسها الضحية. على غرار جنود المستعمرات الذي يجندهم المستعمر للدفاع عن مصالحها في مستعمراتها. 2. تتهم الثورات والمقاومات التي تنظهما الضحايا المظلومين ضدها على انها فكرة وبأمر من القوى التي تمثل الامبريالية الكبرى ؛ وخدمة لمصالحه الاستعمار القديم. وتستهدف القيم السودانية (الانسان الوطن؛ الدين الثقافة ) والقيم الإقليمية( قضية فلسطين والاسلام والعروبة والعلمين العربي والاسلامي) التي تصور نفسها حاميها وحارسها.
3. في نفس الوقت التي تستعير هي اساليب الامبريالية والاستعمار في التعامل مع شعوب وامم السودان من قمع وبشاعة. وفي نفس الوقت التي تتهم الإمبرالية العالمية بدعم الثائرون عليها ؛ هي تواصل بناء اتصالاتها وعلاقات مع القوى الامبريالية ذاتها . لا تبني علاقاتها مع تيار حقوق الانسان الاخلاقي العالمي؛ بل مع القوى الاستعمارية. بل وتسعى لتقديم كل ما بوسعها لخدمة من تتهمهم بانهم اعدائها وخصومها ومهددي قيمها واخلاقها ودينها. بعض الاحيان تكون حريصة على ان تبرهن للقوى الاستعمارية العالمي على انها الاقدر على خدمة مصالح الإستعمار من المتردون عليها بفهمهما.
لا غرابة حين تعرف الاجيال السودانية الحالية؛ أن نخبة مؤتمر الخريجون العام؛ أول قادة لدولة الجلابي بزعامة اسماعيل الازهري؛ كانوا هم انفسهم خدم و أدوات المستعمر البريطاني؛ صنعهم خصيصا لخلافته وزودهم باساليبه. اي ان جنود المستعمرات ليس هو البنة الاولى لمؤسسة الجيش السوداني فقط. وأن القوى الإسلامية الحاكمة الان في الخرطوم بزعامة الديكتاتور البشير والدكتور الترابي؛ تقدم كل ما بوسعها لخدمة الغرب وهي اعلى صوتا في اعتبار الغرب خصمها وعدوها.
الهدف من هذا التحليل هو الوعي والاستنارة والتنظيم والعمل لدعم العملية الثورية. اذن الضحايا السودانيين وهم يقومون بثورتهم للتحرير ؛ وبدون قوة مادية ولا اصدقاء عالميين اواقليمين؛ و انهم في الحقيقية يواجهون ويصارعون خطر ومهددات من ثلاث إمبرياليات تتفاوت قدراتها وأدوارها ضد هذه الثورة فانهم في حاجة الى الوعي اكثر والاستنارة بجوانب القضية المركزية.
اذن ما قلناه لا يعني ضخ اليأس في عقل الضحية. بل الهدف هو التوقف والمراجعة وقراة المشهد بشكل اكمل؛ كي يكون من الممكن الاستمرار في الثورة.
اسهامي هنا إذن هو محاولة تقديم تشخيص أشمل عن حجم العدو الذي عمل ويعمل على خلق وضعنا الحالي؛ المزري والمأسوي والذي احتاج الى الثورة. مطلوب منا وضع واتباع سياسة ثورية فاعلة يضمن إحداث تغيير شامل وعادل ودائم ببلادنا. كما أيضا في تضاعيف هذه المساهمة نوضح ثغرات مهمة في جسم القوى الإمبرالية العلمية التي تسيطر على الكون ؛ وهي نقاط في صالح اي حركة حقوق انسان عالمية؛ يمكن ان تستفيد منها اي ثورة تغير مستنير في اي جزء من الكون؛ وإستغلالها بشكل يساعدها على اكمال عملية التغيير التي ترجوه. من المهم ان نعي أننا نحن في الثورة السودانية المعاصرة لسنا وحدنا في الكون بوضع مثل وضعنا؛ بل هناك أمم وشعوب عديدة في الكرة الأرضية هي ضحية أنظمة إمبريالية إيضا تختلف وتتفاوت عنا. لكن وضعها هي مثل وضعنا وحالنا؛ وهي تعيش ذات الظروف؛ وهي تعمل بتماسك من أجل إحداث تغيير في واقعها. الوعي والبصيرة بمعرفة وتحديد توع واتجاه وحجم العدو الحقيقي والفعلي؛ وتحديث اساليب المقاومة والمواجهة ضده؛ هي التي تعمل على قلب المعادلة لصالح دعم عملية التغيير الديمقراطي بالبلاد. فهناك من هم في وضعنا من الأمم والشعوب في عالم الجنوب؛ في القارات إفريقيا؛ وأمريكا الجنوبية؛ وأجزاء عديدة من أسيا واوربا الشرقية. وهناك الأقرب لنا والينا وهي الأمم الزنجية في القارة الإفريقية وخارجها ؛ يجدر بنا التواصل معها والتحالف لمواجهة مصائرنا المشتركة. هناك قوى واعية ومستنيرة في المجتمع الدولي في عالم الشمال المتحكم؛ وهي تيارات حقوق الانسان قوي منشقة على النظام الإستعماري نفسه في اوربا وامريكا الشمالية . وقدمت وتسعى لتقديم نظام عالمي جديد يقوم على منطق المساواة والحقيقة؛ والهدف هو خلق عالم أفضل للانسانية جميعها للاجبال الحاضرة والمستقبل.
ومنطلقات القوى الاوربية والامريكية هي مفاهيم احترام حقوق الانسان والوعي بالديمقراطية؛ وهي معتمدة هي على وعي القوى المستنيرة في عالم الجنوب. اذن الهدف من مساهمتنا وتقديم شروحات للقوى الامبريالية هو الوعي اولا بنوعية وحجم واساليب العدو الحقيقي ومنح انفسنا دفعة جديدة لمواجهة الاخطار. وهذا الاسهام بلا شكل يساعدنا لتحقيق الغايات الاسمى : التحرير والاستقلال الجديد لبلادنا من القوى الاستعماري المحلية. وبناء نظام سياسي سوداني كفؤ قادر على تحقيق المصالح لكافة الشعب بمساواة واحترام؛ وخاصة نحن في العام 59 لتاسيس دولة الجلابي ببلادنا.
في تقديري حين يتعرف الانسان على عدوه وصديقه ؛ وسيعرف مستوى كل منها يستطيع ان يرى بوضوح الطريق الذي يجب ان يسلكه ليصل بقضيته الى نهاياتها المنتظرة.
مبادئ اساسية للحراك الواعي للتغيير كل الضحايا: لأكمال الثورة وتفكيك دولة الجلابي وبناء دولة سودانية جديدة نحن في حاجة الى الوعي وممارسة المبادئ التالية: 1.المفاهيم الدينية والقبلية. والتقسيمات الدينية و القبلية في بلادنا. يعملان معا وبوتيرة واحدة على حفظ المشكل و الأزمة؛ وفي حالة تبنيها في مؤسسة اي ثورة تطالب بالتغيير؛ فانه من شانها ان تعيد انتاج الازمة ذاتها من جديد. فهما مفرقة بين الضحايا أنفسهم على اسس لا معنى لها . أي انك حين تتبنى فكرة باساس دينية او قبلية فانك في نهاية المطاف يستخل الناس الى المشكلة نفسها لكن من الباب الخلفي. 2.ضرورة الوعي والاستنارة بحقوق الانسان ؛ والديمقراطية وممارستهما؛ كثقافة وسلوك ذاتي .ولانهما معياري التغيير المعاصر؛ وهي الوحيدة التي تقضيان على العنصرية في المشكل الحقيقي بالبلاد. 3.ضرورة افراد حيز للوعي والاستنارة وممارسة بمنظمومة الاخلاق والقيم الانسانية المجردة بكونها اساس الادارك في اي حضارة انسانية. والاخلاقي هي التي تحمي وتحفظ الحياة كقيمة قصوى للبشرية؛ وتطورها وتضمن مصالح كل الناس بمختلف انتمائاتهم وخلفياتهم. 4. ضرورة التعلم؛ والالمام بمبادئ العلوم والمعارف في كافة المجالات والتخصصات؛ لكل الاعمار وفي اي مكان. فالغاية من التحرر والثورة هي ان تكون اممنا الزنجية قادرة ومتمكنة من توظيف عقولها وطاقاتها لبناء حضارة انسانية جديدة في ارضها امتدادا لماضيها في وادي النيل. والعلم والمعرفة هي اساس بناء أي حضارة. 5. لتحقيق المبادئ الأربعة أعلاه يتطلب منا معا الالمام بشكل خاص ومعرفة التاريخ؛ التاريخ الانساني عامة والتاريخ الافريقي والسوداني على وجه الخصوص. تاريخنا وحضارتنا في وادي النيل كامم زنجية هي دليلنا للتقدم والتطور. والتاريخ اصلا هو البوصلة الانسانية للتحرير وبناء الحضارات؛ وهي التجربة الانسانية الصافية التي تعين اين امة او شعب لوضع نفسها من جديد على خارطة الجغرافية البشرية.
منعم سليمان عطرون الثاني من جانوير 2015ف
|
|
|
|
|
|