في الذكرى الستين للاستقلال: البوصلة التي لا تنكسر بقلم محمد محمود

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 12-15-2024, 12:17 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-02-2016, 07:28 AM

محمد محمود
<aمحمد محمود
تاريخ التسجيل: 12-09-2013
مجموع المشاركات: 53

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
في الذكرى الستين للاستقلال: البوصلة التي لا تنكسر بقلم محمد محمود

    07:28 AM Jan, 02 2016

    سودانيز اون لاين
    محمد محمود-
    مكتبتى
    رابط مختصر







    (1)
    تأتي الذكرى الستون لاستقلال السودان والسودانيون يعيشون أسوأ أحوالهم وأكثرها مرارة على كل المستويات. وهي تأتي في جو يحس فيه الكثيرون أنهم يقفون أمام أطلال يغالبهم البكاء عليها. تبدو الصورة السائدة وكأن كل عقد يمرّ على السودانيين يزيدهم غرقا في وحل واقعٍ دائمِ الانتكاس. إلا أن هذه ليست في واقع الأمر الصورة الكاملة. والقيمة الكبرى لذكرى الاستقلال كل عام، وخاصة كل عَقْد عندما يجد الوعي نفسه، شاء أم أبى، أمام لحظة تفرض حضورا له خصوصيته وكثافته، أنها تجذب انتباهنا دوما للصورة الكبيرة ولسهم تلك البوصلة التي وُلدت في لحظة الاستقلال --- تلك البوصلة التي من الممكن أن تُهمل ومن الممكن أن يهيل البعض عليها تراب استبدادهم ولكن لا يمكن أن تنكسر ولا يمكن أن ينحرف سهمها.
    وهذا هو حال الشعوب كما يبرزه لنا كِتَابُ التاريخ --- يأتي الطغاة ويذهبون وتبقي الشعوب. وقصة الشعوب تشبه قصة الأفراد. فكلنا كأفراد نطمح للحرية ونتوق لها ونعمل ما وسعنا لتحقيقها. وربما نفشل في ذلك ونصاب بالتعب والإحباط من آن لآخر، ولكننا نواصل ولا نفقد الرغبة في الحرية. وهذا هو حال الشعوب، تطمح دوما للحرية. وربما تفشل أحيانا وهي تناضل ولكن هذا لا يقضي على طموحها ولا يجتثّ أملها ولا يوهن عزيمتها وإصرارها.
    وطموح السودانيين عند لحظة الاستقلال لم يختلف عن طموح باقي الشعوب التي نالت استقلالها بعد الحرب العالمية الثانية، خاصة في أفريقيا وآسيا. وما ميّز التجربة السودانية أنها لم تتحرّر من قهر قوة استعمارية واحدة وإنما من قهر استعمار ثنائي فرضته بريطانيا كشريك أكبر وأقوى وشاركت فيه مصر كشريك أصغر وأضعف. هذه الطبيعة الثنائية الملتبسة للواقع الاستعماري أربكت بوصلة الحركة الوطنية السودانية وأكسبتها التباسا وتذبذبا كما ظهر في حركة 1924 وفي أطروحات الحركة الاتحادية عقب نشوء مؤتمر الخريجين إلا أن هذا الالتباس والتذبذب ما لبث أن انقشع وزال، وعندما جاءت لحظة الاستقلال كانت لحظة إجماع وطني كامل.
    وبوصلة الاستقلال التي أمسكت بها النخبة الوطنية السودانية الحاكمة لم يختلف اتجاهها عن اتجاه البوصلات التي أمسكت بها باقي النخب الاستقلالية الجديدة في أفريقيا وآسيا، إذ كانت بوصلةً تشير في اتجاه الديمقراطية السياسية والتنمية الاقتصادية المتوازنة والعادلة. ورغم البنية القهرية للإدارة الاستعمارية والتي استندت بالدرجة الأولى على خلق جيش حديث موالٍ تتشكّل الغالبية الساحقة من أفراده من المواطنين السودانيين، إلا أنها ما لبثت أن تعاونت مع الحركة الوطنية واعترفت بأحزابها وفتحت المجال عقب تكوين الجمعية التشريعية لأول مشاركة على المستوى التنفيذي للعناصر الوطنية في ديسمبر 1948، وهي خطوة أعقبتها أول انتخابات برلمانية في نوفمبر وديسمبر 1953 والتي فاز فيها الحزب الوطني الاتحادي مكوّنا حكومة السيد إسماعيل الأزهري الأولى، ودخل السودان بذلك مرحلة الحكم الذاتي تمهيدا لاستقلاله.

    (2)
    وعندما نقارن بين مؤسسة الجيش ومؤسسة الأحزاب فإن ما نلاحظه أن مؤسسة الجيش قد خلقها الاستعمار وقامت على حمايته ومثّلت عموده الفقري بينما أن الأحزاب قامت كمؤسسات مدنية طوعية خلقها السودانيون لخوض كفاحهم والتعبير عن آرائهم ولتكون أيضا وسيلتهم لتحقيق مصالحهم. وعندما خرج البريطانيون فإنهم تركوا جهاز دولة حديثة يمسك بمقاليده موظفو الخدمة المدنية، وجيشا حديثا، وبنيات اقتصادية حديثة (مثل مشروع الجزيرة والسكة حديد)، بالإضافة لبنية حكم برلماني ديمقراطي.
    وبينما أن جهاز الدولة والجيش والبنيات الاقتصادية ارتبطت عضويا بالاستعمار ونشأت لخدمته وضمان استمراره، إلا أن البنية البرلمانية الديمقراطية ارتبطت بشرط الحرية ومقاومة الاستعمار إذ كانت استجابة لكفاح السودانيين من أجل سيادتهم الوطنية، وهي استجابة كانت قد تهيأت ظروفها الموضوعية ولم يجد البريطانيون عنها مناصا عندما آذنت شمس الإمبراطورية بالمغيب بعد الحرب العالمية الثانية.

    (3)
    إن السائد في الأدبيات السياسية للسودانيين أن تدخّل الجيش في السياسة بدأ في نوفمبر 1958 بانقلاب إبراهيم عبود. إلا أن هذا القول ليس دقيقا لأن الجيش كان ومنذ لحظة الاستقلال يحكم الجنوب فعليا، ولم يكن التحوّل الكبير الذي أحدثه انقلاب عبود سوى تمديد هذا الحكم للشمال ليصبح كامل البلد في قبضة الجيش.
    كانت الشرارة التي أشعلت الحرب الأهلية في أغسطس 1955 أو ما يعرف بتمرد توريت انقساما في الجيش واستجابة عسكرية لتوتّرات العلاقة بين الجنوب والشمال وكان هذا الخيار هو خيار العسكريين الجنوبيين ولم يعكس أساليب القوى الجنوبية السياسية والمدنية الأخرى. وهكذا جرّ العسكريون الجنوبيون كامل الجنوب لحرب أهلية كان المدنيون هم ضحاياها بالدرجة الأولى وضاعت أصوات الجنوبيين الذين كانوا يريدون خوض صراعهم مع الشمال وتحقيق مطالبهم بوسائل السياسة والكفاح السلمي.
    ووجد الجيش في حرب الجنوب ضالته وما يعزّز استمرار وجوده. ولم تكن هناك مقاومة أو مراجعة لرغبات العسكريين وخططهم حتى في ظل الأنظمة البرلمانية الديمقراطية إذ أطلق السياسيون يد العسكريين فأعملوا في الجنوبيين تقتيلا وتحريقا وتعذيبا. إن ما ارتكبه الجيش في الجنوب على مدى فترة الحرب الأهلية من جرائم حرب لا يمكن ولا ينبغي للسودانيين في الشمال والجنوب أن يسكتوا عليها. وحتى لو قررت النخبة الجنوبية الحاكمة الآن أن تتواطأ مع النخبة الشمالية الحاكمة وتصمت عن هذه الجرائم وتسقطها فإن هذا أمر يجب ألا تسمح به قوى المجتمع المدني المهتمة بحقوق الإنسان إذ يجب عليها القيام بتحقيقاتها المستقلة وكشف جرائم الجيش (وجرائم العسكريين الجنوبيين).
    إن التوجه باتجاه بوصلة الاستقلال لا يعني الحرص على عودة الديمقراطية فحسب وإنما العمل على تعزيز الأسس التي تضمن استمرارها أيضا وهذا يتطلب في تقديرنا الحديث الصريح عن الجيش ودوره في حياتنا. لقد ظلّ الخطاب السياسي السائد وسط كل القوى السياسية من اليمين إلى اليسار يمجّد المؤسسة العسكرية ويلهج بالثناء عليها وعلى "دورها الوطني" رغم أن الجيش، وعلى مدى العقود الستة الفائتة، ظلّ أكبر خطر متربص بالديمقراطية وأصبح عداؤه للديمقراطية ومحاولات وأدها جزءا لا يتجزأ من ثقافته وممارساته وذاكرته.
    إن ما يوصف "بالدور الوطني" للجيش في وجه أي غزو أجنبي للبلد هو ما ظل يُطرح دائما كمبرر لوجوده وتمدّده وتضخّم ميزانيته وامتيازات أفراده (خاصة الشريحة العليا فيه). إلا أن حرب الجيش منذ الاستقلال ظلت دائما حربا ضد مواطنيه، فأكبر عدد من المواطنين السودانيين لم يقتلهم عدو أجنبي وإنما جيشهم الوطني، وهو قتل لا يزال مستمرا.

    (4)
    إن الجيش بهيئته الحالية وعدد قواته الحالي يحتاج لمراجعة جذرية. إن بلدا فقيرا مثل السودان تواجهه المهمة العصيبة لحرق المراحل وتحقيق تنميته لا يحتاج في واقع الأمر لذلك الجسم الضخم وأداة القهر والقمع والقتل تلك التي نسميها الجيش. وعلاوة على أن الجيش يشكّل تهديدا مستمرا للديمقراطية وحريات المواطنين فإنه عبء اقتصادي باهظ وفادح على حساب صحة المواطنين وتعليمهم وخدماتهم الأساسية. إن الجيوش الحديثة تقوم على التخصص العالي ولقد رفعت التطورات التكنولوجية كفاءتها لمستويات لم تعد فيها قدرتها التدميرية مرتبطة بضخامة أعدادها. إن الخطر على أمن السودان يأتي في صورتين: في صورة هجوم صاروخي متقدّم أو في صورة غزو واجتياح. وفي الحالة الأولى فإن التصدي تقوم به قوة فنية متخصّصة تتوفّر لها الإمكانيات التكنولوجية لمثل هذا التصدي، وفي الحالة الثانية فإن الدفاع عن الوطن هو مسئولية كل المواطنين القادرين على حمل السلاح وهو ما تعدّ له الشعوب بالخدمة الوطنية الإلزامية. وهكذا نرى أنه حتى في حالة الخطر الخارجي لا يمكننا أن نبرّر وجود جيش نظامي بالحجم والكلفة الباهظة الحالية التي لم تنتج في حالة الرتب العليا إلا شريحة طبقية جديدة ذات امتيازات لا يجرؤ أحد على مسّها.
    إن العقود الستة الماضية قد علّمتنا كثيرا ومسألة الجيش ودوره يجب أن تكون، في تقديرنا، من أهم القضايا التي يتوجّب علينا أن نثيرها ونناقشها، وهي مناقشة أتمنى أن يشارك فيها أيضا العسكريون الذين ربما تكون تجربتهم في الجيش قد فتحت بصائرهم على خطر المؤسسة التي عملوا أو لا يزالون يعملون فيها.
    ورغم بؤس واقع السودانيين ومرارته اليوم وهم يعانون عَسْف النظام العسكري الإسلامي الحالي إلا أن بوصلتهم التي وُلدت يوم استقلالهم ستظل دائما تذكّرهم بالصورة الكبيرة وبأن الشعوب هي التي تبقي وأن الطغاة سوف يذهبون.

    محمد محمود أستاذ سابق بكلية الآداب بجامعة الخرطوم ومدير مركز الدراسات النقدية للأديان.
    [email protected]








    أحدث المقالات

  • العام الجديد.. عام رواية جديدة.. يكتب فصولها الشعب بقلم الطيب الزين
  • الكنداكة الأولى نحو ألف سنة قبل كنداكة مروي التي حاربت الروما بقلم د. أحمد الياس حسين
  • الايزيدية نادية مراد ايقونة 2016 وجائزة نوبل واقليات العالم بقلم جاك عطالله
  • ذلك هـو المسـلم العزيـز فدعــوه فـي ريـاض العــز !
  • الخاتم عدلان و عبد الله علي إبراهيم زوايا مختلفة بقلم زين العابدين صالح عبد الرحمن
  • ما بين عيسى ومحمد .. بقلم رندا عطية
  • الذكرى ال60 لدولة الجلابي في السودان؛ مؤتمرالعَمائم البيضاء إعترافٌ بالخلل الهيكلي وإستمرار الإستهبا
  • ام دوم لتنظيم الاتحادى الديمقراطى دون اقصاء لاحد بقلم حسن البدرى حسن / المحامى
  • هذا أخي يا تاجر البندقية..!! بقلم عبد الباقى الظافر
  • الإستقلال جسد روحه الحرية، أين الروح؟! 1/2بقلم حيدر احمد خير الله
  • ما بيني وبينك - كولاج بقلم الحاج خليفة جودة
  • رجم الاستقلال: من هان حتى تواضع في نفسه كل معنى رفيع بقلم عبد الله علي إبراهيم
  • زخات الفرحة الجاياكم بقلم الحاج خليفة جودة
  • الخرطوم ساهرت في راس السنة ونامت في صباح الاستقلال!! بقلم فيصل الدابي /المحامي
  • هل من امل يا وطنى الجريح؟؟ بقلم سعيد شاهين اخبار المدينه تورنتو
  • محاكاة الحياة من أجل حرية الصحفيين بقلم د. أحمد الخميسي
  • الانتفاضة الثالثة انتفاضة الكرامة (74) للخليل ألف تحيةٍ وتحية بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي























                  

01-02-2016, 11:42 AM

نعم الأمخاج تلك الأمخ


للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: في الذكرى الستين للاستقلال: البوصلة التي � (Re: محمد محمود)

    ستون عاما ونحن نجتهد في تركيب طـاولة حسب المواصفات ،، وحسب ورقة الإرشادات المرفقة ،، ولكن هي تلك الأمخاخ السودانية ( الصنـج ) ،، وفي النهاية اكتشفنا أن الطاولة تم تركيبها مقلوبة رأساَ على عقب ،، حيث أن سطح الطاولة يمثل تلك الأرضية التي تحمل الأرجل ،، وحيث أن الأرجل تمثل تلك القوائم التي تحمل الهـواء !! ،، فيا نعـم العقـول تلك العقـول السودانيـة ! ،، ويا نعم العبقرية تلك العبقرية السودانية !! .. والآن يقف الجميع حائرين ولا يدرون ماذا يفعلون ،، وقد يحتاج إعادة تركيب تلك الطاولة لستين سنة أخرى .
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de