|
فى وداع القائد العمالى هاشم سنوسى/محمد الحسن محمد عثمان
|
كانت عطبره تشكل مناره نضاليه سامقه تشرئب اليها الاعناق فى كل محك وطنى حيث يتساءل الناس .... ناس عطبره موقفهم شنو؟ ويقصدون موقف عمال السكه الحديد ؟ عندما كانت السكه الحديد هى قلب السودان النابض تتمد من عطبره خطوط السكه حديد شمالا وغربا وجنوبا وشرقا كالشرايين فى الجسم تضخ الدماء والسكه الحديد بقطاراتها المنتشره تؤدى دورا حيويا فى مسيرة الحياه بنقلها للمواطنيين والبضائع والبريد والصحف ناشره للثقافه فى كل ارجاء البلاد وخدماتها باسعار زهيده وبانتظام يدهش وزياده على دورها الاقتصادى والاجتماعى والثقافى فقد كان لها دورها السياسى الفاعل فكان عمال السكه الحديد هم من قاوموا الاستعمار وتصدوا له ودخلوا السجون وكان اضرابهم الشهير بقيادة قامات وطنيه لايشق لها غبار كالمحلاوى وقاسم امين وسليمان موسى والشفيع والحاج عبد الرحمن وهاشم سنوسى وعلى محمد بشير وموسى متى ومحمد الحسن عبد الله ورغم اختلاف احزابهم فقد التقوا وتكاتفوا من اجل استقلال الوطن ورغم انهم لم يتلقوا قدرا كبيرا من التعليم فقد كانوا مثقفين ثقافه عاليه ولديهم الوعى الكامل بمشاكل وطنهم ........ وعندما اطلت اول ديكتاتوريه عسكريه فى 58 كان عمال السكه الحديد راس الرمح فى النضال ضدها بالاضرابات والمظاهرات ومازلت اذكر تلك المظاهرات التى تخرج مع الصفاره فى التاسعه صباحا او بعد الدوام فقد كاتوا منظمين حتى فى العمل ضد السلطه وكانت تميزهم ابرولاتهم للورش والكاكى للاداره وفى معيتهم عجلاتهم ويرددون هتافاتهم بقوه منددين بعصابة 17 توفمبر وينضم اليهم فى السوق المواطنيين والطلاب ويغذيهم الحزب الشيوعى بكوادره الفاعله امثال كبج وخضر نصر فاتهتز عطبره ويهتز معها السودان ( يالها من ايام ) وفى اكتوبر وبعد مظاهرات جامعة الخرطوم اتجه نظر الجميع نحو عطبره التى لم تخيب ظنهم فاعلنت الاضراب السياسى ومدتهم بقطار من المناضلين فالهبوا الخرطوم ......... كان هاشم السنوسى احد قادة العمال وكان يفوز فى نقابة العمال ( اين نقابة عمال السكه الحديد ؟) عن دائره النجارين فى قسم الهندسه وكانت دائرته المقفوله وكان تاريخه بزكيه فقد كان مناضلا منذ عهد الاستعمار واعتقل فى عهد الاستعماروفى عهد عبود عدة مرات ....... وبعد اكتوبر وفى العهد الديمقراطى اجريت انتخابات نقابة السكه الحديد التى كان يتابعها الشعب السودانى كمتابعته لمبارة الهلال والمريخ بل ويتابعها العالم لما لها من تاثير كبير على مجريات الامور فى السودان ولانها مؤشر واضح لميزان القوى السياسيه وكان الصراع محتدما بين ( فيما عرف فى ذلك الزمان )القوى التقدميه التى كان يمثلها حزب الشعب الديمقراطى والشيوعيين والناصريين وبين القوى الرجعيه التى يمثلها حزب الامه والوطنى الاتحادى وجاءت الاصوات متعادله فى انتخابات النقابه وكان هناك صوت مستقل يرجح احدى الكفتين وكان هو صوت هاشم سنوسى الذى حسم النتيجه بانحيازه للقوى التقدميه رغم الاغراءات الماديه من الطرف الآخر وهو عامل بسيط فانحاز لقيمه ومبادئه ولم ينحاز لجيبه وهذا كان ديدن تلك القيادات فى ذلك الزمن ............. وكم حزنت وانا فى القطار مارا بورش السكه الحديد التى كانت تنضح حيويه وحياه فرايتها وقد نضبت فيها الحياه واصبحت اطلالاورغم ان الوقت كان صباحا فقد كانت الورش خاليه من العمال والقطارات ميته على الخطوط (كان هناك خطا واحدا فى كل محطه يطلق عليه الخط الميت ) اما الآن فكل الخطوط ميته حتى قطار الورديه الهمام كان هامدا ....... كانت بعض الورش بلا سقوف فقد نزع منها الزنكى ذكرتنى ورش عطبره بافلام الحرب العالميه الثانيه التى تشاهد فيها اطلال مبانى ضربت بالقنابل وقد ضربت السكه الحديد بقنابل الفساد والاهمال ....... ومررت بالحى الذى تربينا فيه (حلة البوليس )اتماصت منازل الحى واصبحت اقل حجما وتهدمت بعض اسوار البيوت المبنيه من الطوب وحل محلها مباتى طينيه (بدل ان يحصل العكس ) وبعض المساكن بدون ابواب او شبابيك ... تبدوا الحله كئيبه بلا حياه وكانها غير مسكونه وبعد ان تجاوزت الكبرى القديم والحزن يعصرنى على من فقدتهم رفعت اكفى للسماء مترحما على هاشم سنوسى وعلى السكه حديد وعلى عطبره محمد الحسن محمد عثمان [email protected]
|
|
|
|
|
|