( تسعد هذه الزاوية وهى تستضيف المهندس/ عمر الدقير ، رئيس حزب المؤتمر السوداني ، بفكره الوقاد وعبارته المؤنسة وهو احد صناع انتفاضة مارس – ابريل ، يومها كان كان الرجل رئيس اتحاد طلاب جامعة الخرطوم ، فمابين الأمس واليوم يخط يراعه من حواشي الذكرى ومتونها كلمات المستقبل الباسم رغم الحاضر المستعر.. شكرا عمر الدقير وانت تزين هذه الزاوية .. وكل سنة وانتم طيبين)
*قبل قرونٍ خلت دار حوارٌ قصيرٌ في أحد السجون السومرية بين حاكمٍ مستبد ومقاومٍ أعزل .. قال المستبد للمقاوم: إذا نجحتم في تحقيق هدفكم بالتخلص مني فنحن سلالة لا تنقرض، فأجابه المقاوم قائلاً: وكذلك سلالة المقاومين لا تنقرض!! هذا الحوار المكثف يختصر بعداً من أبعاد جدلية التاريخ الذي لم يزل يسجل في كتابه أن المستقبل حليف الحقيقة وأن لواء النصر معقود للشعوب الطامحة للحرية والحياة الكريمة مهما طال ليل الاستبداد .. لا يزال الصراع مستمراً، ولا تزال معزوفة المقاومة تتكرر على وترٍ واحد بتنويعاتٍ باسلة.
*وقبل واحدٍ وثلاثين عاماً، في مثل هذه الأيام، كان وهج الحرية يبدِّد ظلام الاستبداد في السودان عبر حراكٍ جماهيري باسلٍ وجسور .. كان المشهد أُسطورياً لشعبٍ يصنع مجداً ويكتب تاريخاً، بعد أن اندفعت جموع الثائرين إلى الشوارع، بأعدادٍ تسدُّ عين الشمس، محوِّلين الغضب المكظوم إلى فعل سياسي مباشر في مواجهة الشرعية الزائفة والفساد والإستبداد والإحتقان السياسي والإقتصادي والحقوقي والتنمية المُعاقة والدستور القاصر والقوانين القمعية والحاكم الفرد والحزب الواحد، لتتوالى الأحداث عاصفة بشكل دراماتيكي متواتر ومنطقي في الوقت نفسه، فهي إرادة الشعب وكفى، لينكسر القيد وينجلي الليل وتظهر نجمة الحرية.
*لكنًّ الأيدي الآثمة تربصت بانتصار مارس/أبريل، منذ لحظة ميلاده، حتى هيأت المسرح للإجهاز عليه تماماً بواسطة مَن وثبوا مِن على صهوات الدبابات في هزيع ليل الثلاثين من يونيو 89 ليبدِّدوا ذلك الانجاز، ويتحكموا في صياغة المصير الوطني طوال أكثر من ربع قرن من الحكم العضوض وينتهوا بنا إلى واقعٍ فجائعي مأزوومٍ في كل جوانبه.
يبقى منطق التاريخ أقوى من هذيان المستبد .. الشعوب المنكوبة بنظم مستبدة قد تكظم الغضب، لكنها لا تتصالح مع الواقع الغاشم أو تيأس من تغييره ولا تتنازل عن حقها في الحرية ولا تتخلى عن حلمها بالحياة الكريمة .. قد تهجع إرادة الشعب قليلاً أو كثيراً، لكنها لا تموت .. ولا بدَّ، مع تراكم الظلم وكلِّ صنائع الاستبداد، من الوصول لتلك "اللحظة التاريخية" التي ينهض فيها الشعب كالعنقاء ليعلن أنه لم يمت وأن من أعلن النعيَ كان شاهدَ زور.
*تظلُّ ذكرى الإنتفاضة بلسماً ضد كلِّ أشكال العجز واليأس والتردد وتظلُّ نبراساً وزاداً لكلِّ الذين يؤمنون أن جذوة الحق والحرية لا تنطفيء وإن تراكم عليها الرماد.وإن أقعدها ليل القهر ،وإن عملت على إطفائها قوانين الإستبداد ، فإن الليل وإن طال فالى زوال ..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة