|
فى الليله ديك ومرحلة النمؤ الضائعه
|
................. ...........
لكل أنسان ذكريات بعضها شهد وبعضها علقم ولكنى أقف أمامكم اليوم لأشهد أن الزمان لم يعاملنا بقسوة كما عامل الأجيال التى جاءت من بعدنا.... فقد رأينا من الأيام عطفاً فى طفولتنا وأنساً فى صبانا ووعداً فى شبابنا .....
فى النصف الثانى من السبعينات أشرق وجه الخرطوم بألحان وآهات العندليب زيدان أبراهيم.... وتدفقت أغانيه فى عروق الشباب كما الدماء ...... وأشتعلت الخرطوم الجميله ....... عشقاً وشوقاً وتمنى...... فنتفخ البنطلون من أسفل وتنكر لإسمه القديم وانتشر الشارلستون وأصبح الكشت عطر المرحله وفاح فى حفلات الديوم .... وأختفى الشبال مع بذوغ نجم ( أخونك.... ومين علمك يافراش ... وفى الليله ديك)......... وحاجه كولن كولن باشاكا وجاءت مجلة (سمر) تتزين بصور الصبايا من سلالة الفينيق فاصبح العشق مصوراً لأول مرة فى السودان .... وأصبحت كلمات المجلة تصاغ فى خطابات العشاق .......
أصبح لنا بحكم السن وظيفة ومعنى ومكانة ..... كمراسيل للغرام بإجور ترتفع وتنخفض حسب ظرف العاشق ومقدرتك على اللداحه .....
كانت الديوم الشرقيه ( قلب الخرطوم ) تموج كالبحر فأصبح المظهر ضروره لزوم البحث عن الحبيب المحتمل ........ ورغم ضيق ذات اليد الا أن شباب الديوم أستمدوا من عبقرية التكوين والمكان العون ......... فأصبح القميص والبنطلون يتغيران طولاً وعرضاً وينتقلان من ترزى لأخر ومن شارع لشارع ومن بيت لبيت حتى أصبح أحرف ###### بوليسى بعجز عن معرفة صاحب القميص الأصلى الا إذا كان حاضراً عند الشراء ......
وكنت انا وأصدقائى حاج كلس وود الناجى فى مرحله عمريه لا تسمح لنا بالتمدد الى أعلى لمرحلة الشباب والأستمتاع بتلك الفتره الجميله ولا الهبوط الى أسفل لمرحلة الطفوله حتى نجهل مافاتنا من متعه ... وهى مرحله لو تعلمون سخيفه . مرحله عمريه تجد نفسك فيها خارج التصنيف ...... فلا أنت طفل يحتفى به..... ولا شاب يحتمى به ...... حتى مظهرك العام يكون فى قمة الرزاله ......تملأ الحبوب والحفر وجهك الخايف عليهو ....... وتتغير حبالك الصوتيه ثلاثه مرات فى اليوم طولاً وعرضاً فيصبح صوتك العدو الأول للأطفال .....
وكنا الثلاثه ننمو ولكن بطرق مختلفه .... فكان ود الناجى ينمو أفقياً وحاج كلس ينمو رأسياً وإكتفيت أنا بالمشاهدة فإجتازتنى مرحلة النمو ...
ورغم ندمى على مافاتنى من متعة لتأخرى فى القدوم الى الدنيا بضع سنين الأ اننى سعيد وأشكر المولى أن جعلنى شاهد على ذلك الزمان الجميل وأتمنى أن لا يقرأ والى الخرطوم هذه الكلمات فيفرض على جيلى ضريبة فرح ورسوم طرب ودمغة نمؤ غير منتظم .
م. صلاح سالم محمد سعيد
|
|
|
|
|
|