|
فقد آخر!/حافظ أنقابو
|
لا يمر أسبوعا واحد إلا ونحن نودع زميلا أو قريبا أو صديقا، مغترباً أو مهاجراً بحثاً عن مصدر رزق أوسع في بلاد المهجر، وأغلب المغادرين من الدماء الحارة والعقول المستنيرة التي يحتاجها السودان لتنهض به من أزماته القائمة.
نهار أمس ودعنا صديقنا العزيز الأستاذ صلاح محمد خير إلى دولة الإمارات العربية، صلاح نجح في الحصول على عمل خلال زيارة قصيرة لا تتعدى شهر، في تخصص الترجمة التي يعتبرها هواية وحبا قبل أن تكون مصدر رزق.
مجال الترجمة في الإمارات يعتبر من أهم المجالات، تعتمد عليه الشركات الكبرى في ترجمة عقوداتها وتفاهماتها مع شركات أخرى في الدول الغربية وهو ما يجعلها حريصة على الاستعانة بسوق الترجمة المحترف، وهو سوق أكثر من كونه أي مجال آخر والبقاء فيه للأصلح والأعلى احترافاً والكل حريص على تقديم خدمات عالية الجودة لكسب الزبائن.
في أول حديث بيننا عند عودته من الإمارات سألته عن كيف وجد فرصة عمل في سوق تعتبر المنافسة فيه شرسة، فقال إنه عندما سأله صاحب شركة الترجمة عن خبراته السابقة في المجال قال له إنه لم يعمل من قبل وطلب منه أن يُخضعه لإمتحان المترجمين المتعارف عليه، وبالفعل خضع للإمتحان واجتازه باحترافية، وهو ما أقنع المخدم أن يطلب له إقامة فورا، بل وباشر معه العمل حتى انتهت مدة الزيارة ليعود للسودان حتى البت في طلب الإقامة.
وُفق صلاح في رحلته دون مشقة وأًرسل له إذن دخول الإمارات عمل "بتاريخ 11 يونيو" ليغادرنا عزيز آخر إلى المهجر.
إحترافية الرجل في مجال الترجمة كما قلت ناجمة عن حبه للإنجليزية التي لا تغادر كتب قواعدها وآدابها حقيبته، ويشهد على احترافيته استعانة المركز الثقافي البريطاني به في أعمال الترجمة والدورات التدريبية التي ينظمها، ومعروف أن "الخواجات" لا يجاملون خاصة في مجال اللغة.
خصصت مساحتي هذه للرجل ليس لأنه صديقي، إنما هي مناسبة لقرع جرس الانذار إلى أن السودان لا يزال يفقد دماءه الحارة، التي كان عليها أن تنهض به من درك الأزمات إلى سماوات التطور والتقدم الذي نحلم به.
شبح هجرة العقول، سيظل باقياً ما لم تزل الأزمات الساسية والاقتصادية القائمة، فلا أحد يجد "لقمة عيش حلال" داخل وطنه بين أهله وعشيرته يغادر بإرادته إلى نيران الاغتراب والهجرة.
لا توجد إحصائية رسمية حتى الآن بعدد الذين هاجروا خلال العامين الماضيين، ولكن الازدحام الذي تشهده مراكز الجوازات وصالات المغادرة يعطي مؤشراً حقيقيا للأعداد المهولة التي تركت السودان مكرهة ومجبرة. كلمة حق
حافظ أنقابو [email protected] صحيفة السوداني
|
|
|
|
|
|