|
فضيحة حكومة القرود الثلاثة و (العجل( عبد المنعم سليمان
|
فضيحة حكومة القرود الثلاثة و (العجل(
عبد المنعم سليمان
[email protected]
من دخل إلى هذا المقال قاصداً العنوان وحده ، أقول له أنت مخطئ ، فالقرود الثلاثة التي بالعنوان ليست هي (القرود الثلاثة) التي على بالكم ، وكذلك (العجل) ، ولمن يعتقد أن لا علاقة لــ (قرود العنوان) بالقرود والعجل التي على بال القراء ، فهو مخطئ أيضاً .
(القردة الثلاثة الحكيمة) أسطورة يابانية قديمة تعود إلى القرن السابع عشر، تحكي عن : القرد (ميازارو) ويرمز شعاره إلى : لا أرى ، و(كيكازارو) لا أسمع ، والقرد (إيوازارو) ويرمز إلى : لا أتكلم ، ورغم ذلك لا يزال الزائرين يتدفقون حتى يومنا هذا لرؤية رسومات هذه القرود (المطيعة) المنقوشة على ضريح قائد ياباني قديم ، وتكرّس هذه الأسطورة لحكمة يابانية قديمة مفادها إذا أردت أن تعيش بسلام فكن مثل هذه القرود الثلاثة (لا تر، لا تسمع ، ولا تتكلم) .
هذه الأيام تثب (حكومتنا) وثباً على الصحافة في بلادنا ، ولم تسلم حتى المواقع الألكترونية - الإعلام البديل – من هذه الوثبة التي تُدار بدوافع ذاتية ضعيفة غير منصفة ولاعملية ، (وثبة) ضد الصحافة تستهدف في النهاية تحويلنا إلى قطيع من عينة تلك (القرود الحكيمة) بحيث (لا نرى ، لا نسمع ، ولا نتكلم).
ذهلت حقيقة ، لجرأة والي الخرطوم في حديثه أمام جمع من المعلمين ، الأسبوع الماضي، حيث قال : ( أن مواقع الإنترنت مفسدة ! من صُنع اليهود وجزء من الحرب علي الإسلام هدفها تحطيم الشباب المسلم) ، ولا أذيعكم سراً أنني شككت في بادئ الأمر في كون هذا التصريح صادر عن (عبد الرحمن الخضر) ، وظننته مستعاداً من بقايا خطرفات (عبد الرحمن الداخل) عند (فتح) الأندلس ، وأن الإعلام (اليهودي) نسبه زوراً وبهتاناً إلى والينا (المبجل) ! وبالطبع خاب ظني كالعادة .
وكانت السيدة (تهاني) وزيرة الإتصالات سبقت تصريح الوالي العبقري في معرض شرحها وبدقة لحال الحريات في بلادنا ، حين قالت : (ممكن بى تلفون مني أوقف الواتس آب وكل الانترنت) ، وهذه بلا شك أقوالاً مُخزية ومُخجلة يندي لها كل جبين عدا جبين الوالي ووزيرة الإتصالات .
مصدر استغرابي من هجمة هؤلاء الأفاكين على الحريات هو إدعاءاتهم المستمرة التي ما فتئوا يذكروننا بها كل يوم ، من أنهم أصحاب رسالة سامية و(مشروع حضاري) ، وحُماةً لبيضةِ الدين في بلادنا . فما الدين يا تُرى عند هؤلاء؟ وما الدين إن لم يكن هو الحرية؟
لا أودُّ الحديث هنا عن الوزيرة (تهاني) لسببين ، أولهما : أنها فهمت الدوافع الشخصية والذاتية لحملة إغلاق المواقع الفاشلة التي يقودها ذلك المهراجا (الهندي) ، وثانيهما : أن هذه الوزيرة ورغم زلتها (الفرويدية) في تصريحها الأخير، إلاّ أنه يُحمدُ لها تأكيدها على عدمِ رغبتها في انتهاج سياسة الحجب ، بدليل أنها لم ترفع سماعة تلفونها حتى الآن (مشكورة).
لكني سأتحدث عن الوالي (ذو القرنين) – قرن مع البشير وآخر مع علي عثمان – فالرجل (الحربائي) لا يعرف معنى العيب ولا وقار الشيب ، وكيف يعرف تلك المعاني من ارتضى لنفسه الأكل من بالوعات الصرف الصحي حيث تُركّب الأنابيب (الرديئة )، ومن المراحيض العامة حيث يُعين موظفين أشداء يأخذون (خراجها) إليه .
وقد يسأل سائل لماذا هذه النطحة من (ذي القرنين) على الحريات ؟ ونقول : إن الوالي الثعلبي فهم اللعبة تماماً خاصة بعد (خُوَار) رئيسه في خطاب (الوثبة) ، وعرف أن المرحلة تتطلب ترفيع رئيسه من (مشير) إلى (عجل) يشابه العجل الذي صنعه السامري من الذهب المسروق ، فاتخذه بنو إسرائيل إلهاً لهم ، ( وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً) ، وكانوا سيعبدون ذلك (العجل) الذهبي إلى يومنا هذا لولا أن مشيئة الله تجلت في سيدنا موسى .
ووالينا الذي يجلس على خزائن ذهب الولاية يريد لعب دور السامري في تحويل المشير إلى مكانته الجديدة وتعميده (عجلاً) علينا لا نرى سواه ولا نسمع سوى (خواره) ولا نتكلم إلا عنه ، والمشير (ما شاء الله وتبارك) مؤهل لهذه المهمة من كل النواحي ، وخاصة الصوتية ، فقد حباه الله بصوت شبيه بـ (خوار) عجل بني إسرائيل ، ولم يتبق كي يصل إلى مكانة ذلك العجل سوى إكمال (سكه) وصنعه ، خاصة وأن كل الظروف مهيأة الآن لتنصيبه (عجلاً) علينا ، بعد أن رمتنا معارضتنا الهزيلة في البرية بلا (موسى).
إلى الوالي ذو القرنين ، أقول : يمكنك التحول إلى سامري جديد ، ويمكنك تحويل رئيسك إلى (عجل) برتبة مشير وكما تشاء ، ولكنك لا تستطيع مسخنا (قروداً) .
خاتمة : وأنا أكتب هذا المقال قرأت فضيحة ضبط سلطات ميناء سواكن لـ (79) من إناث الضان – نعاج - بعد أن تم خياطة (خصيتين) لها لتظهر وكأنها خراف فيُسمح بتصديرها ، وبهذه المناسبة الأليمة فإن الواجب يتطلب مني أن أخبركم أن الشباب اليابانيين اخترعوا (قرد) آخر، أسموه (لوازارو) ، وشعاره (لا أتناسل)، ويظهر منحوتاً وهو يغطي بطنه وأعضاءه التناسلية .
فيا معشر السودانيين خذو الحكمة من (خصية) النعجة ومن القرد (لوازارو) ، فنحن الآن نعيش عصر (الوثبة) ، والخياطة آتية لا ريب فيها .
هذه حكومة يضحك لها الشيطان ويخرج أنيابه السوداء تعجباً منها.
|
|
|
|
|
|