|
فشل التغيير في السودان علي لسان صانعيه زين العابدين صالح عبد الرحمن
|
فشل التغيير في السودان علي لسان صانعيه زين العابدين صالح عبد الرحمن أقرت قيادة الإنقاذ العسكرية و المدنية بفشل عملية التغيير, أو بمعني أصح البعد السياسي في عملية التغيير, و الفشل نتيجة حتمية عندما يعتمد التغيير علي ذات العقليات التي صنعت الفشل, و التي مرقت البلاد في وحل الحروب و النزاعات و الفساد, هي عقليات لا تستطيع أن تجيب علي أسئلة المستقبل, لأنها لا تملك فكرا يساعدها علي تخطي معضلاتها, و لا تملك حتى منهجا يساعدها علي قراءة الواقع قراءة سليمة, و التعامل مع التحديات بأفق أوسع من الدائرة الضيقة التي رمت نفسها فيه, و أية تغيير بنقد الواقع و معرفة سلبياته, و أسباب إخفاقاته, هو الذي يخلق الوعي المطلوب لعملية التغيير, و هذا الوعي لم يظهر في كل الخطابات التي جاءت بعد عملية الإبعاد للرموز الإنقاذية, و ربما يكون مصدر المعلومات التي تحصلنا عليها اعتقدت إبعاد رموز الحركة الإسلامية هو التغيير المطلوب, رغم ما زال صناع القرار يتحدثون عن تغييرات سوف تطال المؤسسات و رموز أخري, و لكن الخلاف هو مفهوم التغيير, و التغيير الذي نتطلع إليه هو تغيير في السياسات, و هي مسألة عصية علي العقليات الإنقاذية, و هذا ما أكده الخطاب السياسي بعد عملية الإبعاد للرموز. قال رئيس الجمهورية في الاحتفال الذي اقامته رئاسة الجمهورية بوداع المغادرين من القيادات و القادمين الجدد للسلطة, قال ( لقد دفعنا بكوكبة جديدة من الشباب, لتأهيلها و صقلها, لكي يجد الرئيس القادم مجموعة جاهزة لمواصلة المسيرة, لتحقيق ما يصبو إليه أهل السودان) و عند جهينة الخبر اليقين, الرئيس البشير في هذه الفقرة, يؤكد علي قضيتين مهمتين ينسف فيهما البعد السياسي للتغيير, و يشير لقضية مهمة أيضا تشغل الرأي العام, القضية الأولي إن الهدف من التغيير هو تقديم عناصر جديدة و القيام بتدريبها و صقلها, لكي تساعد الرئيس الجديد في مهمته. و القضية الثانية إن النظام يريد أن يعيد إنتاج نفسه بقول الرئيس " مواصلة المسيرة" من خلال وجوه جديدة, بعد ما استنفذت العناصر القديمة ما عندها, و فقدت قدرتها علي العطاء, و غاصت في وحل الفساد, و الهدف من كل ذلك, محاولة لوقف الجرف و الإنهيار الحادث في الحزب الحاكم, بعد ما بدأت تخرج مجموعات من الحزب, و إعادة الإنتاج لا اعتقد أنها سوف تغيير من الواقع, أو تعالج الأزمة السياسية, أو تتغلب علي التحديات التي تواجه السلطة, و الإشارة بقول " معاونة الرئيس القادم" و كلمة القادم لا تعني رئيسا أخر, ربما يكون البشير نفسه, لأنه إذا أراد التأكيد القطعي بأنه سوف لن يترشح كان قال "الرئيس الجديد القادم" و لكن كلمة القادم ربما هو نفسه, لكنه أكد في ذات الفقرة إن الرئيس القادم هو من المؤتمر الوطني, لآن العناصر التي سوف يتم صقلها, من أجل تعاون الرئيس القادم الذي يواصل المسيرة, أي أنه من المؤتمر الوطني,و هذا القول يؤكد لا رجاء من السياسات التي يريد أن يطرحها المؤتمر الوطني, لأنها لا تقدم جديدا في الخطاب السياسي, و أيضا العقليات التي مناط بأن تضعها هي نفس العقليات التي قادت مسيرة الإنقاذ 24 عاما, و تحمل أزمتها, فأي مخرجات لها هي مخرجات مأزومة. و إذا إنتقلنا إلي خطاب إنقاذي أخر, يؤكد إن التغيير ما هو إلا إبعاد لعناصر شاخت و هرمت , بعناصر جديدة, و لكنها تسير في ذات الاتجاه, و بذات السياسات, يقول الدكتور إبراهيم غندور نائب رئيس الحزب الحاكم في مخاطبته لطلاب حزبه ( إن المعارضة تريد استبدال دولة ( الوطني ) بدولة الوطن عبر حل كل أجهزة الدولة, بما فيها القوات المسلحة و الشرطة و النقابات باعتبارها تتبع للمؤتمر الوطني ) و قال أيضا ( إن الحوار انتهي مع المعارضة, بسبب تمسكها تشكيل حكومة إنتقالية, تقوم علي رحيل الحكومة الحالية بأكملها) كنت أعتقد إن الرئيس جاء بالدكتور إبراهيم غندور لأنه يمثل اتجاها جديدا في التفكير, و يبحث عن مخرجات للأزمة السياسية القائمة, و البحث عن طريق يؤدي للوفاق الوطني عبر فتح قنوات عديدة للحوار, و جاءت الإشارات الإيجابية من حديث الدكتور غندور في برنامج " مؤتمر إذاعي" الذي يقدمه الصديق الإذاعي الزبير عثمان أحمد, و لكن الرجل سرعان ما غير الخطاب في موقعين آخرين " الأول برنامج " حتى تكتمل الصورة" الذي يقدمه الأستاذ الطاهر حسن التوم في قناة النيل الأزرق, ثم في لقاءه مع طلاب حزبه. و ربما يكون الرجل قد تمت محاسبته, علي الإشارات التي جاءت في حديثه لبرنامج " مؤتمر إذاعي" لذلك رجع للخطاب الإنقاذي المأزوم, الذي لا توجد فيه مساحة للأخر, و بالتالي حاول أن يتعلل بما تطرحه المعارضة في خطابها السياسي, و معروف قبل أية حوار بين الفرقاء المختلفين حول السلطة و بناء الدولة, كل يرفع سقف مطالبه, لكي يخرج بنتائج ترضي طموحاته, و هذه لا تعد سببا منطقيا للقول إن الحوار أنتهي, و لكن الدكتور غندور لا يملك القدرة علي الخروج من الخطاب السائد, الذي يعتمد علي التوجيهات, و ليس إعمال الفكر بهدف تغيير الواقع, و أية محاولة للإشتغال بالفكر داخل حظيرة الديكتاتورية, ترمي بصاحبها بعيدا, كما حدث للدكتور غازي صلاح الدين و صحبه, و الدكتور غندور ليس بعزيز عند صاحب القرار من الدكتور غازي صلاح الدين. أما قضية تفكيك دولة الحزب لمصلحة دولة التعددية, هذه من موجبات التحول إلي النظام الديمقراطي, أن تكون الدولة و مؤسساتها لمنفعة كل أهل السودان, و ليس لمنفعة عضاء الحزب الحاكم, و لا اعتقد هناك أية حل للمشكلة السياسية, إذا لم يحدث تحول ديمقراطي حقيقي, يؤدي إلي تفكيك دولة الحزب, و لا اعتقد أن هناك حزبا سياسيا معارضا تحدث عن حل تلك المؤسسات التي تحدث عنها الدكتور غندور, بهذا الخطاب يحاول الدكتور إبراهيم أن يخوف به المواطنين المنتسبين لتلك المؤسسات, لكي يضمن ولاءهم فقط, أي استباق في عملية الاستقطاب السياسي, و التي أدت لفشل الإنقاذ و حكمها الذي أستمر 24 عاما عجاف, فالدكتور غندور رجع لذات الخطاب العاجز, الذي لا يستطيع أن يقدم أية نوع من التغيير, لأنه خطاب أحادي, لا يملك مقومات الحوار, و بالتالي يكون التغيير المنتظر قد فشل لغياب الفكر و المنهج, و أهم شيء الإرادة في التغيير, و ستظل الأزمة السياسية باقية ما بقيت الإنقاذ في السلطة. و نسأل الله العناية بأهل السودان.
|
|
|
|
|
|