|
فرص التغيير في ظل تعنت البشير بقلم عبد الفتاح عرمان
|
mailto:[email protected]@psu.edu كان إعلان (الوثبة) الذي بادر به المشير عمر البشير في يناير من العام المنصرم لجمع الصف الوطني والجلوس مع قوى المعارضة بشقيها السلمي والعسكري بمثابة بارقة أمل في الخروج بالسودان من عنق الزجاجة الذي أدخله فيه حكم الطاغوت على مدى الخمس وعشرين عاماً الماضية. وعلى الرغم من شكوك بعض قادة المعارضة في صدقية طرح قادة المؤتمر الوطني إلا أنهم رحبوا بالخطوة مطالبين بتهيئة المناخ بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين ووقف إطلاق النار من جانب الطرف الحكومي والإتفاق على رئيس محايد للجنة الحوار الوطني حتي يكون الحوار مثمراً بمشاركة الإتحاد الأفريقي. على الرغم من تمترس المؤتمر الوطني خلف مواقفه القديمة وتصريحات قادته بأنهم لن يضعوا (مفاصل) حزبهم على طاولة في (قاعة الصداقة) ليتم تفكيكها على أيدى (بني علمان)- تقرأ لن يتم السماح بتصفية نظام الحزب الواحد لصالح دولة التعددية والديمقراطية- إلا أن لجنة الحوار (7+7) توصلت مع الجبهة الثورية السودانية وحزب الأمة إلى إتفاق كان بإمكانه الوصول بكافة الأطراف إلى لقاء أولي يتم عقده لكل الأطراف صاحبة المصلحة في مقر الإتحاد الأفريقي في أديس أبابا تحت رعاية الآلية الأفريقية الرفيعة برئاسة الرئيس تامبو أمبيكي. إذ كان قادة الجبهة الثورية على إستعداد بمواصلة الحوار في الخرطوم في حالة موافقة النظام على النقاط التي وردت في الإتفاق الذي وقعته لجنة (7+7) من جانب والجبهة الثورية وحزب الأمة من الجانب الآخر. صحيح أن حركة تحرير السودان جناح الأستاذ عبد الواحد محمد نور كان لديها بعض التحفظات حول عدم إيفاء المؤتمر الوطني بالعهود والمواثيق- وفي ذلك يشاركها الجميع نظراً لسجل المؤتمر الوطني الحافل بتوقيع الإتفاقيات ونقضها، مما يؤهله إلى موسوعة غينيس للمعدل القياسي في توقيع الإتفاقيات والنكوص عنها- إلا أن بقية فصائل الجبهة الثورية وحزب الأمة القومي آثرت أن تبدد الشكوك (Benefit of the doubt) لصالح المتهم- المؤتمر الوطني. ولكن قادة المؤتمر الوطني بدون أدنى تدبر وحكمة أضاعوا فرصة عظيمة كان بإمكانها إنتشال الحوار من كونه حواراً مع الذات- وكمال عمر- إلى حوار مع قوى ذات وجود وتأثير حقيقي على مجريات الأوضاع في بلادنا، و تتمدد في أراض محررة شاسعة ولديها وجود في الأرياف والمدن. بالإضافة إلى حزب الأمة القومي الذي لا يستهين بوجوده وشعبيته إلا أحمق.علاوة على ذلك، تلبية مطالب قوى المعارضة بتهيئة أجواء الحوار كان سيقود حتماً إلى مشاركة قوى الإجماع الوطني نظراً لأنها ذات المطالب طالبت بها المؤتمر الوطني، وهي كتلة لا يستهان بها كونها تضم أحزاباً ذات ثقل جماهيري وتمتلك بعضاً من كروت اللعبة السياسية. لكن كل النداءات الإقليمية والدولية- وبل من داخل صفوف الإسلامويين الحادبين على مصلحة الوطن- سقطت على أذان صماء. إذ أصر جهابزة المؤتمر الوطني على مواصلة الحوار بمن حضر وإقامة الإنتخابات في موعدها تجسيدياً لمسرح الرجل الواحد!. في ظل تعنت المؤتمر الوطني إستطاعت قوى المعارضة بشقيها السلمي والعسكري التوقيع على (نداء السودان)، وهو إتفاق ساهم بتوحيد قوى المعارضة على ضفتي النهر ضد المؤتمر الوطني. وفي الجانب الآخر، إزدادت عزلة الديكتاتور البشير أكثر من أى وقت مضي في ظل تساقط حلفاءه السياسيين والعسكريين. فعلى سبيل المثال، فقد البشير بعض كادرات حزبه المؤثرة مثل غازي صلاح الدين ومحمد عثمان رزق ومجموعة (سائحون) وموسي هلال وأنصاره في الميدان، في الوقت الذي يلفظ فيه إتفاق (الدوحة) مع التجاني السيسي أنفاسه الأخيرة. البشير- وفي أنانية شديدة- يقود حزبه والسودان إلى الهاوية محتمياُ بكرسي السلطة خوفاً من حبل المحكمة الجنائية الذي صار أقرب إلى رقبته أكثر من أى وقت مضى. والإتهامات المجانية التي أطلقها ضد إسرائيل وأميركا برعاية إتفاقي (باريس) و (أديس أبابا) تعكس الحالة النفسية التي يعيشها الطاغية الذي توهم أن تاج السلطة سيقيه مصير الطغاة الذين سبقوه إلى مزبلة التاريخ. لا شك لدينا أن البشير سيعمل بكل ما أوتى من قوة لإقامة الإنتخابات الرئاسية في موعدها- وإن ترشح فيها وحده لا شريك له- لتدفئة نفسه من زمهرير شتاء الثورة القارص الذي ينتظره، وكل من يستطيع قراءة الكتابة في الجدران- كما تقول الفرنجة- سيصل إلى نتيجة مفادها أن شمس النظام قد غربت، وقد حانت ساعة الحقيقة. يقبل علينا 2015- كل عام والجميع بألف خير- في ظل توحد غير مسبوق لمصابي النظام الفاشي، وإهتراء مريع للعصا التي يتوكأ عليها النظام.. فمن يعلق الجرس في رقبة القط؟!
|
|
|
|
|
|