|
فتح بلاغ جنائي ضد أشهر برنامج سوداني ! بقلم فيصل الدابي/المحامي
|
02:09 PM Jun, 26 2015 سودانيز اون لاين فيصل الدابي المحامي-الدوحة-قطر مكتبتى فى سودانيزاونلاين
إذا تخيلنا أن أي رجل دين (مع التحفظ على هذا المسمى، فكلنا إما رجال دين أو نساء دين) قد افتى بوجوب محاسبة مقدمي برنامج أغاني وأغاني السوداني وبموجب ذلك قام بفتح بلاغ ضد كل المشاركين في برنامج أغاني وأغاني وتم إلقاء القبض ، لا سمح الله، على المتهم الأول السر قدور وعلى بقية المتهمين وهم كل المطربين والمطربات والعازفين والعازفات المشاركين والمشاركات في البرنامج وُوجهت لهم تهمة الغناء في شهر رمضان المبارك وإلهاء مسلمي السودان عن صلاة التراويح مع سبق الاصرار والترصد عن طريق الغناء ، وتم تقديم المتهمين ، لا قدر الله، للمحاكمة أمام أي محكمة جنائية ، فإن أي محامي مبتديء يمثل المتهمين يمكنه أن يقدم دفع قانوني على النحو الآتي: 1- من المعلوم شرعاً أن أصحاب المذهب المالكي (السائد في السودان) والمذهب الشافعي والمذهب الحنفي قد افتوا بأن الغناء العفيف النظيف الخالي من الخلاعة وغير المقترن بتعاطي المسكرات والمحرمات حلال في الاسلام وليس محرماً بأي حال من الأحوال وأن هناك كثير من علماء الدين القدامى والمحدثين قد جوزوا وحللوا الغناء المنضبط بضوابط الشرع منهم الامام الغزالي والامام ابن حزم والشيخ القرضاوي والشيخ حسن الترابي وغيرهم من الفقهاء الوسطيين ، ويرى الفقيه الفيلسوف أبو محمد بن حزم صاحب المذهب السني الخامس أن الاستماع للموسيقى مباح مثل التَّنَزُّه في البساتين ولبس الثياب الملونة، أما الأحاديث التي وردت في النهي عنها فيقول عنها ابن حزم : لا يصح في هذا الباب شيء أبداً وكل ما فيه فموضوع ومنقطع. واحتج ابن حزم بحديث عائشة أن جاريتين كانتا تغنيان فدخل أبو بكر فنهرهما وقال : أبمزمور الشيطان في بيت رسول الله فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: " دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد". ومن المعلوم كما قال إبن حزم أن العيد لا يحل الحرام. وقد رد بعضهم الاستدلال بهذا الحديث بأن هذا غناء بلا آلات، وهذا خطأ واضح كما قال إبن حزم لقول أبي بكر رضى الله عنه : أبمزمور الشيطان , إذن هي مزامير ولا شيء آخر، ولهذا ترى أغلبية المذاهب الاسلامية أن رفض التيسير على الناس ومحاولة منعهم من الترويح عن أنفسهم من وقت لآخر بالاستماع إلى الغناء العفيف النظيف والموسيقى الجميلة واللجوء للتشدد والغلو والقول بتحريم الغناء والموسيقى في رمضان أو في غير رمضان رغم عدم وجود نص ديني تحريمي قطعي الدلالة هو أمر غير مقبول شرعاً لأنه يدخل في مجال اختراع محرمات جديدة ما أنزل الشرع بها من سلطان!
2- من المعلوم للكافة أن صلاة التراويح ليست فرضاً ولا سنة في الاسلام وإنما هي صلاة تطوع ولا يصح وصف من يصوم الصوم المفروض ويصلى الصلاة المفروضة ولا يصلي التراويح بالكفر والخروج عن الملة والدخول في خانة كفار قريش لأن هذا الوصف يعتبر تشدداً وغلواً ينفر الناس من الدين، فكثير من الناس يصلون التراويح تطوعاً وقليلون لا يصلونها ولا إثم عليهم إذا أدوا الفروض والسنن المفروضة، بل أن كثيراً من السودانيين يصلون التراويح ثم يحضرون إعادة برنامج أغاني وأغاني في صباح اليوم التالي، وغني عن القول إن أجهزة الاتصال الحديث كالموبايلات والتابات قد اتاحت للانسان الاستماع عبر اليوتيوب لأغاني هذا البرنامج أو غيره في أي وقت من ليل أو نهار، فأين الإلهاء وأين الضرر؟! علماً بأن الواقع العملي يثبت أن الترويح عن النفس يقتل الملل ويجدد النشاط ويعين الانسان على العمل والعبادة ، من المؤكد أن البلاغ المذكور يتحدث عن ضرر وهمي لا وجود له إلا في ذهن الشاكي مع العلم أن أي أحد من المشاهدين أو المستمعين لم يقل أنه تضرر من الاستماع إلى هذا البرنامج أو مشاهدته ولم يفوض أي شخص آخر بمقاضاة مقدمي البرنامج بتهمة الالهاء عن العبادة وهي تهمة خيالية مخترعة لا وجود لها في أي قانون في العالم الحر أو غير الحر! وبذلك يكون الشاكي ، الذي يٌفترض أنه لا يسمع ولا يشاهد برنامج أغاني وأغاني، غير ذي صفة في الدعوى لأنه لا يعلم عن موضوعها شيئاً ولم يُكلف بالمقاضاة من قبل أي مشاهد أو مستمع لبرنامج أغاني وأغاني!
3- من المعلوم للكافة أن كل القبائل السودانية لديها أغانيها الشعبية وأن كل الطرق الصوفية السودانية لديها مدائحها الراقصة المصحوبة بالنوبة والطار أو بالموسيقى والطبول ، فهل سنضع كل هؤلاء في قفص الاتهام بتهمة ممارسة الغناء ؟! ومن المعلوم أيضاً أن الأمر الواقع يثبت أن كل وسائل الاعلام الرسمية وغير الرسمية في كل الدول الاسلامية ، بما في ذلك المملكة العربية السعودية ، تبث الأغاني العاطفية والوطنية وأن تلفزيون جمهورية السودان بالذات متخصص في بثّ الأغاني العاطفية والأغاني الحماسية التي تثير حماسة الرئيس البشير نفسه وتدفعه للرقص من وقت لآخر ، فلماذا لا يقوم الشاكي بمقاضاة رئيس حكومة السودان وتلفزيون حكومة السودان ويقوم بمقاضاة أفراد من الشعب السوداني؟! هل الغناء حلال على الحكومة حرام على الشعب؟! هل هذا الشاكي من فقهاء السلطان الذين يستأسدون على العامة بالفتوى ويتغاضون عن غناء الحكومة ورقص الحكام؟! الاجابة واضحة أمام المحكمة الموقرة ولا تحتاج إلى توضيح!
4- الغناء ليس مجرماً في القانون السوداني وليس هناك أي جريمة تسمى جريمة الغناء أو جريمة الالهاء عن العبادة بل أنه ، ووفقاً لمبدأ الشرعية المطبق في كل قوانين العالم، لا يُمكن عملياً وقانونياً محاكمة أي إنسان عن أي جريمة إلا بموجب نص قانوني سابق يحدد أركان الجريمة ويحدد عقوبتها ولهذا فإن الاتهام المقدم أمام المحكمة الموقرة هو مجرد اتهام كيدي لا يقوم على أي أساس أو سند قانوني على الاطلاق!
5- استناداً إلى كل الأسباب القانونية المذكورة أعلاه، ُيرجى من المحكمة الموقرة الاسراع في شطب البلاغ في مواجهة المتهمين وإطلاق سراحهم فوراً.
من المؤكد أن أي قاضي جنائي سوداني يقرأ الدفع القانوني أعلاه سيقوم بلا تردد بشطب البلاغ أعلاه في دقيقة واحدة وسيأمر بإطلاق سراح المتهمين فوراً ويوجه لوماً شديداً للشاكي بسبب إضاعته لوقت المحكمة الثمين عبر فتح بلاغ وهمي، ومن المؤكد أيضاً أنه سيكون لكل المتهمين حق قانوني أصيل في مقاضاة الشاكي أمام المحاكم الجنائية والمدنية على أساس البلاغ الكاذب وإشانة السمعة كما يحق لهم المطالبة بالتعويض عن أي أضرار مادية أو معنوية قد لحقت بهم من جراء اتخاذ إجراءات البلاغ الكيدي والكاذب في مواجهتهم وعندها سيقول الجميع للشاكي (وقعت يا فصيح فلا تصيح) !!!.
فيصل الدابي/المحامي
أحدث المقالات
- التشكيل الوزاري الجديد ... بارقة أمل بقلم حامد ديدان محمد 06-26-15, 01:19 AM, حامـد ديدان محمـد
- سرى لزعماء وشباب الأمة الاسلامية بقلم عمر الشريف 06-26-15, 01:14 AM, عمر الشريف
- البشير و المتنبئ و القادة الافارقة و نظرية العبد بالعصابقلم الدكتور / طارق عثمان حسين 06-26-15, 01:11 AM, طارق عثمان حسين
- حتام الظلام؟! شعر نعيم حافظ 06-26-15, 01:08 AM, نعيم حافظ
- مَنْ يغذى تطلعات تقرير المصير فى دارفور؟ بقلم: حسين اركو مناوى 06-26-15, 01:04 AM, حسين اركو مناوى
- يتعشمون في الجنة " عشم إبليس !" بقلم عثمان محمد حسن 06-26-15, 01:02 AM, عثمان محمد حسن
- تائه بين القوم الشيخ الحسين! الاحو ءء المتنبي الكابلي 06-26-15, 00:58 AM, الشيخ الحسين
- هل صحيح ان والي شمال دارفور السابق حرم الولاية من اربع مستشفيات ؟؟!! بقلم محمد احمد معاذ 06-26-15, 00:50 AM, محمد احمد معاذ
- عَرَبستان؛ العِرضُ يُهتكُ و يُسفكُ الدَم بقلم محمد حسن مصطفى 06-26-15, 00:45 AM, محمد حسن مصطفى
- الذئب المنفرد يهاجم القطيع الخائف بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي 06-26-15, 00:33 AM, مصطفى يوسف اللداوي
- عندما تصرُّ قناة (النيل الأزرق) ..!! كتبها : د. عارف عوض الركابي 06-25-15, 11:09 PM, عارف عوض الركابي
- تظاهرات جنيف بين مناهض ٍ للقرار ومؤيداً له ...!!! بقلم محمد رمضان 06-25-15, 11:06 PM, محمد رمضان
- الترابي مُتخوِّف من حساب التاريخ ! بقلم بابكر فيصل بابكر 06-25-15, 11:02 PM, بابكر فيصل بابكر
- دارفور: نظام البشير يفطر في نهار شهر رمضان بقلم أحمد قارديا خميس 06-25-15, 10:58 PM, أحمد قارديا خميس
|
|
|
|
|
|