|
فاكهة الفساد..! انتبهوا... هذه الجماعة تعني ماتقول: تحللنا.. ؟!
|
حسام بدوي [email protected] * تطرح شجرة المؤتمر الوطني هذه الأيام ثمارها؛ الشجرة التي دأب الحزب على رعايتها طوال ربع القرن الماضي، تطرح هذا الموسم طرحاً يانعاً، تلقفته بسرعة مجالس البلاد، وصحفها السيارة على السواء، عكس ما كان متعارفاً عليه في السابق، أذ يتحدث الناس في مجالسهم عن شؤون يصعب على الإعلام الرسمي وغير الرسمي تناولها! * غالبة النظم الشمولية إن لم تكن كلها حسب قول المفكر العربي د. عزمي بشارة، تتبع سياسة كشف الفضائح المتعلقة بإدارة الدولة، أو بالأشخاص المتنفذين، لمحاولة التغطية على فعل أكبر من الذي تم فضحه. * أذاً كيف سيفضح المؤتمر الوطني ممارسات بعض أفراده الذين أوكلت لهم مهام إدارة الدولة، وماهو الفعل الذي تنوي القيام به أثناء انشغال العامة بتلك الفضائح؟ * ليتم صبغ صفة المصداقية على رغبة الحكومة في محاربة الفساد والمفسدين، ويضمن لها مناخاً من الضبابية، تعمل من خلاله على تنفيذ أمرها الجلل؛ أعلن رئيس الجمهورية عن فتح الباب للأجهزة الإعلامية للعمل دون قيود أو ممارسة الرقابة عليها! * صحف الخرطوم وإعلامها المرئي والمسموع، لم يدع مجالاً للتشكيك، وبدأ من فوره بفتح ملف قضية الأقطان التي أغلقت السلطات بسببها صحيفة التيار التي لم تشملها رحمة مناخ الحريات حتى الآن ! وتنشر بعدها وسائل الإعلام ملف قضية الاحتيال والتزوير التي تورط فيها موظفون يعملون داخل مكتب والي ولاية الخرطوم، وغيرها من تجاوزات مالية وإدارية بوزارة الصحة، التخطيط العمراني، المجلس الطبي وغرفة الصيدلة والسموم إلخ إلخ..! * تقول المجالس إن الحكومة فعلياً بدأت في محاربة الفسادة، ليس قولاً بل فعلاً وخطواتها في ذلك ليست سرية بل علنية يتم نشرها كل صباح على عامة الناس. * قبل الحديث عن سياسة محاربة الفساد التي تتبناها الحكومة، حاول أن تجيب على الآتي: لماذا تحارب الحكومة الفساد الآن ؟ هل فقد المؤتمر الوطني قدرته على كبح جماح صراع التيارات بداخله، ليخرج الصراع إلى العلن وتبدأ تصفية الحسابات تحت غطاء مكافحة الفساد ؟ أم أن الحزب الحاكم يتبع طرح ونهج مختلف يقدم به نفسه للجماهير في مقبل الأيام ؟ أم أنه ينوي الإصلاح بالفعل؟ حاول أن تجيب على ذلك. * فعلياً، الحكومة لا تحارب الفسادة، وليست لديها الرغبة في ذلك! وللتأكيد، تأمل فقط ملف الفساد داخل مكتب والي ولاية الخرطوم، موظفون يستخدمون الختم الرسمي لمكتب الوالي لتصريف بعض الأعمال الخاصة، إلى جانب تزوير توقيع الوالي نفسه، ليس بالتوقيع بالأنابة عنه على أوراق لم تمر عليه، أنما تمرير القلم بنفس رسم الوالي وفوقه اسمه عبد الرحمن الخضر! على أوراق تخدم مصلحة تلك الفئة وليست لها علاقة بالشأن الولائي! ماذا فعلت الحكومة لمحاسبة المتورطين في تلك القضية؟ * في البداية بدأ الخبر ينتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويبلغ الصحف في طوره الثاني ليصبح خبراً رسمياً يستند على مصادر رسمية تنشره الصحافة الحرة والمستقلة! * كونت الحكومة لجنة تمكنت من استرداد المال المسروق! استرداد المال بحسب رواد المجالس، انتصار للفئة المصلحة على المفسدين... ومارست الصحافة دورها الرقابي على الجهاز التنفيذي بمتابعتها لملف القضية منذ البداية وحتى نهايته! * وجهة النظر القانونية في الطريقة التي تمت بها محاكمة المتهمين وأرجاع مال الدولة المنهوب إلى الخزينة في حد ذاتها فساد قانوني وأخلاقي؟ فكل مراحل المحاكمة التي تمت باطلة وليس لها سند قانوني، يتضح ذلك في تجاوز الجهات العدلية للقانون الجنائي الذي ضمن نصوص واضحة متعلقة بالفعل الذي قام به موظفو مكتب الوالي ( التزوير، خيانة الأمانة وانتحال صفة موظف دولة)، والانتقال إلى قانون الثراء الحرام الذي لا تتجاوز عدد صفحاته أصابع اليد، أيضا أعلان اللجنة أسترداد المال المسروق واعفاء المتهمين وفق ما يسمى بـ(التحلل). * من حق رئيس الجمهورية ووزير العدل تكوين اللجان المختصة، لكن متى يصدر الرئيس أو وزير العدل قرار بتشكيل لجنة قانونية؟ القانون يشير إلى أن اللجان تكون للتحري حول الجرائم غير الواضحة، يتم تشكيل تلك اللجان بحسب القانون من شخصيات مستقلة ومعروفة، لكن الجزء المهم المتعلق بأمر اللجان الذي أوضحه القانون، أن اللجنة تتحرى فقط وترفع توصياتها للجهة المسؤولة وليس من حقها أصدار حكم! * التجاوز القانوني بدأ بتكوين اللجنة، أذ أن الجريمة واضحة ( تزوير، خيانة أمانة وانتحال صفة موظف دولة)، إلى جانب العدول عن الأصل والعمل بالفرع ( بمعنى الأهتمام باسترداد المال، دون الأهتمام بالفعل الذي أدى إلى سرقة المال) إلى جانب أهمال ركن أساسي في القضية من هم المتهمون؟ ولماذا لم يتم الأعلان عن أسمائهم وصفاتهم؟ * قس على ذلك، استقالة رئيس المحكمة الدستورية، والي ولاية الجزيرة، استيراد الأدوية منتهية الصلاحية من قبل الجهات الحكومية، وأخيراً تبرع جهة مخابراتية أجنبية بمعلومة للحكومة تفيد بأن شركة تتبع لمساعد رئيس الجمهورية وشخصيات لها صفات أمنية، يتم التلاعب بتوكيلاتها وتهريب المخدرات من خلالها، ولا يتم تقديم متهم واحد للعدالة!! * كل ذلك الفساد دون وجود متهمين حقيقين، يتم تقديمهم للتحقيق، ليثبت أدانتهم أو براءتهم! * الحكومة تشغل الرأي العام بقضايا فساد تعلن دون محاسبة أو محاكمة أو حتى تسمية متهمين حقيقين، وتشغل القوى السياسية المعارضة، بفتح مناخ الحريات واتاحة فرصة العمل الجماهيري المفخخ! * صراع التيارات الذي تروج له بعض وجهات النظر ماهو إلا تبادل مواقع وتغير شخصيات مع الأبقاء على الأصل... يعمل المؤتمر الوطني على بناء حزبه، وسط انشغال القوى السياسية المعارضة بالندوات واللقاءات الجماهرية، وبدأ فعليا في تنشيط قواعده، وتصعيد عدد من القيادات عبر مؤتمرات قاعديه، عقدت في الأيام الماضية، تمهيداً لمؤتمره العام... هل يستعد الوطني لخوض الانتخابات التي يشكك البعض في قيامها؟ * على صعيد آخر تتعثر المفاوضات بين الحركة الشعبية – شمال والمؤتمر الوطني، لكنها وبحسب معطيات القرار (2046) ووجهة نظر المراقبين ستفضى إلى اتفاق في النهاية. * اثناء الانشغال بأمر الفساد، وهامش المخاطبات السياسية المعارضة، يعمل الوطني على ترتيب صفه الداخلي، مع احتمال توقعيه لثنائية جديدة مع الحركة الشعبية (التي أثبتت تجربتها في نيفاشا رضوخها للتوقيع أذا ما لبى الاتفاق مطالب قواعدها – التي ومن دون شك لا تمثل كل السودان!). * قد يفضي الاتفاق إلى حكومة انتقالية وفق دستور انتقالي، ليس فيه للقوى السياسية التي قبلت الحوار أو رفضته أدنى مساحة! * نجح المؤتمر الوطني في شغل الجميع بقضايا فساده، ونجح في خداع وسائل الإعلام حيث نقلت الأخبار كما أرد لها الوطني. * بل وجاد عليه بصفة (التحلل) التي أصبحت فاكهة الموسم وثمرته الطبية، التي يتشاغل بها المواطن على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي ومجالسهم الشعبية، حتى أنا لا استطيع أن أنكر أن للكلمة وقع مريح على نفس السامع ( تحللنا)! * ونحن منشغلون بالتحلل يطلق الحزب الحاكم بالونات أختباره: ( لا يوجد ما يمنع من ترشيح البشير لفترة رئاسية جديدة)! وتمضي البالونة دون أن يمسها الضرر. * هل يعمل المؤتمر الوطني على الإصلاح فعلاً، أم أنه يعمل على تقديم نفسه في بشكل مختلف، لمرحلة جديدة شعارها (تحليل شديد لعهد جديد) ؟!
|
|
|
|
|
|