|
عوض رحمه - قصه قصيره/عوض خضر أحمد
|
عوض رحمه الشهير بود رحمه رجل باغتته السنوات كما يقول فقد اصبح في الخمسين من عمره وهو مازال يمارس حياته كما لو تعدي العشرين بقليل و قد رافق كل شباب المنطقه ابتداءا من من يكبرونه وحتي الذين في عمر أبنائه وكان مع كل هؤلاء ودرحمه التوّاق لممارسة حياته بصخب وفي خضم هذه الحياة الهادره كان يضع حلماكبيرا بين دفتيها وهو لم يخفي حلمه ابدا عن رفاقه صغارا اوكبارا فقد كان دائما يردد أن اقصي أمنياته أن تسعفه السنوات وأن يكون ضمن الذين سيغيروا الوضع الراهن والوضع الراهن الذي يتحدث عنه ودرحمه دائما بدقه مجهريه يجعله مهووس بكل تفاصيله . لم يهتم ودرحمه بالطريقه المعهوده للجميع في ممارسة حياتهم فهو لم يكن يطمح او يحلم بزوجه وأبناء ابدا علي الأقل جهرا ولم يتحدث ابدا عن منزل يخصه أو أي ممتلكات أخري تندرج في سياق الأمور المتعارف عليها بين الجميع وإن مر خلال حياته الراعده ببعض تجارب العشق الغير مستقره والتي تنتهي دائما بتخلي فتاته عنه عندما تكتشف المسار الوعر الذي يسلكه هذا المثقفاتي الفوضوي
ودائما ماتبدا حكاياته مع الفتيات من خلال انجذابهن ناحية عقليته الفذه وقدرته الفريده علي التحليل وإستباط النتائج جراء نهمه الذي لاينقطع للقراءه
ورغم أن عوض رحمه تدرج في مسارات التعليم بشكل طبيعي وكان مبرزا حتي تخرجه إلا أنه ايضا لم يستقر في عمل لفتره تتعدي سد حوجته لمده ليست بالطويله علي كل حال
وهو لا يمانع في القيام باي عمل لسد هذه الحوجه عندما تلوح ولكنه سرعات مايختلف مع أرباب العمل وينعتهم بمختلف الصفات التي تروق لرفاقه فيصنعون من نعوته تلك نقطه مركزيه لتندرهم وقفشاتهم وجلساتهم الليليه
والليل هو صديق ود رحمه الذي لايمكن أن يختلف معه ففي الليل يطلق لنفسه العنان يتواثب دون توقف كأنه يسابق بزوغ الفجر ولكنه يهمد تماما نهارا الا في الفترات المتباعده التي يكون فيها يؤدي عملا ما
وخلال مرافقة عوض رحمه لكل هؤلاء الرفاق إبتلي بوداعهم واحدا تلو الآخر فرفاقه في المنافي دائما مايرددون أن آخر ما شاهدوه في الوطن كان وجه ود رحمه المتغضن الذي ينبت عليه الشعر بفوضي محببه إليهم
وقد حاولوا مرارا وتكرارا وعبر وسائل مختلفه سحبه إلي خارج الوطن ليبدا حياة طبيعيه تتسم بالمراحل المتعارف عليها لكنه كان دائما يرفض تلك الفكره قائلا
- أنا من هنا بمرق لي هناك بس (ويشير ناحية المقبره القديمه التي لاتبعد كثيرا عن المنطقه) ويستطرد عندما يلح عليه بعض الرفاق
- هوي ياناس أنا مستني الهدير الثالث بره وين بلقاه
وفي كل مره يودع احد رفاقه المغادرين كانت عيناه تدمع ولايستطيع الكلام لكنه سرعان مايستعيد رباطة جأشه
وكما ظل ود رحمه يودع الرفاق ايضا درج علي إستقبالهم عائدين في اجازاتهم
وكان هو من يزفهم إلي زوجاتهم فرحا مستبشرا دون أن تنتقل العدوي إليه
وقد تعرض ود رحمه في كل مراحل حياته للملاحقه وكثيرا ماكان يختفي
لعدة شهور ليعود بعدها مضعضعا مهدودا حزينا منصرفا عن كل شئ
ايضا هذه الحاله لاتستمر طويلا اذ سرعان مايستعيد حيويته ويبدا في ضخ حلمه من جديد في الطرقات وفي البيوت وقرب المدارس وفي الاسواق
كان يتحدث للجميع دون وجل شارحا بدقته المعهوده الأزمه وكيفية الخروج منها
ولكنه لم يجد آذانا صاغيه في كثير من الأحيان
بل أن البعض صار يجعل منه هدفا لسخريته وبعض المتعسكرين وانصاف الملتحين كانوا يتحرشون به ويسبونه علي رؤوس الأشهاد
ورغم ذلك كان ود رحمه لايتراجع ولايغير من أسلوب حياته
واحيانا كان يلجأ لوسائل مكلفه لذك لا يلجأ إليها الا بعد أن يكون قد قبض قيمة عمل مارسه لفتره محدوده كالعاده
إذ يبدا في وضع ملصقات عليها كلمات مقتضبه لكنها حاذقه معبره تكاد تشتعل
او يوزع منشورات فيها شروحات لما يدور وما المطلوب لتغييره
وفي خطبه المرتجله المفاجئه كان يقول
- ياناس هوي الخوف مابديكم حياه كريمه البلد دي خيرها دافر وانتو عارفين
وفي ناس ماصين دمنا وانتو عارفين وقاعدين يكبروا كل يوم وتتضخم مقتنياتهم وحساباتهم علي حسابكم وانتو عارفين وفاكين ليكم الاف المرتزقه عشان يخوفوكم وانتو ساكتين لمتين ساكتين خايفين من الموت القال منو انتو عايشين هسي
انتو اشباح انتو مامحسوبين عند الناس الكبار لانكم ساكتين لفتره طويله خلتهم ينسوكم
وغالبا بعد هذه الخطبه العصماء مايتعرض ودرحمه للاعتقال ويختفي فتره طويله
ليمارس بعد عودته دوره جديده من صراعه
حتي أتي يوم أحس عوض رحمه بحسه المرهف بالحنق في الوجوه
قرا الغضب والرفض واضحا جليا ورغم أن الكل كانو غاضبين
الا أن البشر طفح علي وجه ودر حمه وكان يفكر أن لحظته قد حانت
تحدث الي الجميع طلاب وعمال يوميه وبائعي الخضر كان يتنقل كالنحله بين
مختلف الفئات
ثم هدر صائحا استجابة لنداء جاء من المناطق المجاوره
وتجمع الناس من كل صوب وتجاوبت البيوتات مع الجموع الحانقه
وقد شوهد عوض رحمه لآخر مره وهو يركض حاملا طالبا صغير في السن ينزف
ناحية سيارة احد الرفاق العائدين من المنافي
وقد تضاربت الاقوال بعد إنقشاع مؤقت للاحداث بعض الناس
كان يقولون أن عوض رحمه إستشهد وتم دفنه في مكان بعيد
وبعضهم كان يقول أن بعض الناس شاهدوا جثة شخص يشبهه في مشرحه في وسط البلد
وآخرين كانوا يقولون أن عوض رحمه اختفي ليساهم في ادارة الرفض
والبعض الآخر كان يقول أن عوض رحمه معتقل في مكان سري
ولكن كل تلك الأقاويل لم تؤدي لمعرفة مكان عوض رحمه حيا أو ميتا
رغم أن المتواجدين من رفاقه الصغار بدأو حملة بحث محمومه تجاوب معها الناشطين في كل المدينه ولكن باءت مساعيهم بالفشل
لم يتركوا مشرحه ولا قسم شرطه ولا حتي سجن معروف
وبعد ان تملكهم الياس من ايجاده لم يجدوا مناصا من
الهدير مره اخري فخرجوا في جماعه صغيره
يحملون لافته ضخمه من القماش كتب عليها باللون الأحمر
سنقتفي أثر عوض رحمه وسنحقق حلمه الكبير عوض خضر أحمد - [email protected]
|
|
|
|
|
|