|
عودة طبعة الخليج/صلاح يوسف
|
سعدت كثيراً لعودة طبعة الخليج من صحيفة (الخرطوم) – بعد فترة توقف قصيرة مثل استراحة المحارب – للانتظام والتوزيع بدول الخليج العربي وبالتحديد في المملكة العربية السعودية حيث ظلت منذ مننصف تسعينات القرن الماضي تحتل موقعها في أماكن بيع الصحف كسفير أهلى يحفل بحضوره اليومي قراء السودان الذين كانت صحيفة (الخرطوم) بالنسبة لهم لسان حال وناقل أمين لما يدور في البلاد من أخبار سياسية واجتماعية وآراء وآداب وفنون ورياضة دون شطط أو إخلال رغم أن وسائل الاتصال الحديثة والمواقع الشبكية لم تقصر في إيصال المعلومة والرأي أولاً بأول. ولكن لما كان لتصفح الجريدة وعناق حروفها متعة ما بعدها متعة قد لا تتحقق بالجلوس لساعات طويلة أمام شاشة الحاسوب والتنقل بين مختلف المواقع خاصة للذين أدمنوا قراءة الصحف وتبادلها بأريحية، فقد ظل للصحف الورقية عموماً قراؤها الأوفياء الدائمون. وحين أطلت صحيفة (الخرطوم) في بلاد الخليج إبان فترة صدورها بالقاهرة وجدت ترحيباً كبيراً رغم وصولها في اليوم التالي لصدورها مما جعل القائمين بأمرها إزاء الترحيب بمقدمها يقفزون لاحقاً بمستوى الخدمة لطباعتها عن طريق الأقمار الاصطناعية بالتعاون مع صحف الخليج لتصل القارئ في ذات الوقت الذي يتم فيه توزيعها بالوطن. وإنها لعمري نقلة نوعية تميزت بها الجريدة، فكان المغتربون السودانيون يشعرون بالفخر حين يجدون صحيفتهم الأثيرة وسط مختلف الصحف المحلية والعربية والاجنبية جنباً إلى جنب. لقد لعبت الصحيفة بالخارج دوراً بارزاً في فتل ومد حبال التواصل بين كتابها من جهة وبين قرائها من جهة أخرى – حتى كونوا في جدة والرياض والمنطقة الشرقية جماعات علقت على صدورها شارة (أصدقاء الجريدة) حيث كنت شاهداً على ذلك - حين أتاحت الفرصة لأقلام المبدعين والمفكرين والمهمومين بالخارج لكي تتلاقح أفكارهم ويتفاعلوا مع موضوعاتها التي تعطي اهتماماً لقضاياهم، خاصة تلك التي قد لا تظهر بطبعة السودان المحلية. وحيث أن بلدان الخليج تزخر بأعداد هائلة من حملة الأقلام والصحفيين وصفوة مستنيرة من القراء، قد يكون الضروري مواصلة إشراكهم بتحرير صفحات تعنى بشئونهم كما كان في السابق مع التركيز على مستجدات حراكهم بالخارج دون أن يكون ذلك على حساب مساحة أمهات القضايا والأخبار الداخلية ليتميزوا بفرصة مطالعة أخبار البلاد وحظوة متابعة ما يهمهم ببلادهم الثانية دون إخلال بتبويب الصحيفة الأم التي لا يجب أن تخلع رداء المحلية على حساب مواد الطبعة الخليجية إلا بما يمهم مواطن الداخل والمواطن المقيم بالخارج في ذات الوقت. ولعل ذات النهج تتبعه بعض الصحف العربية التي تخصص طبعات تعنى ببعض أخبار المغرب العربي مثلاً إلى جانب موادها الأساسية فلا تكاد تحس بفارق ملموس بقدر ما أنه إعلاء لمهنية المواكبة وحرفية التغطية. وكنت قد قرأت يوم الجمعة الفائت عمود الدكتور الباقر أحمد عبد الله وهو يتدفق فرحاً ويهلل طرباً بعودة الصحيفة لقرائها بالمهجر، الذين فتحوا لها قلوبهم قبل بيوتهم كما قال، وينصف شاكراً بجزيل العرفان كل من وقف خلفها لتسهيل ظهورها لمواصلة المسيرة منذ ضربة البداية وصولاً إلى العودة الأخيرة حيث يتوجب على الصحيفة تمتين العلائق الأخوية بمهنية عالية بينها وبين من فتح صدره مرحباً بمقدمها. وإذا كان هناك من عكر صفو العلاقة الحميمة بين الصحيفة ومن أتاحوا لها فرصة الانتشار لبعض الوقت، فقد كان في المقدور تجاوز تلك العقبات بالحكمة والكياسة التي وضعت نصب أعينها رعاية العلائق الأزلية مع الأشقاء بدول الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية التي تحتضن العدد الأكبر من أرفع الكفاءات المتخصصة ومختلف القطاعات المهنية المهاجرة، بل ترحب كل يوم بالمزيد، حيث يتطلب ذلك من أبنائنا رداً لجميلها يتمثل في الوفاء والتفاني والإخلاص ورفع اسم السودان عالياً بما عرف عن شعبه من خصال حميدة لا نرضى تزحزحنا قد أنملة عن إطارها الزاهي.
|
|
|
|
|
|