|
عودة الروح لوزارة العدل
|
كثيرة هي القضايا التي هزت أركان وزارة العدل وكادت أن تهد المبني الفخم الشامخ ، فقد جرت مياه كثيرة تحت جسر العدالة في هذه البلاد فالوزارة المعنية ببسط مبدأ سيادة القانون وتوفير العدالة الناجزة في النظام القانوني والمعنية أيضا بالسعي لتحسين الأداء في مهنة القانون ولوضع الأسس والتقاليد السليمة للمهنة ولرعاية نظمها وأخلاقها ، هذه الوزارة اعترتها بعض الوهن تجاه بعض القضايا الساخنة حتى ظن الناس وأن بعض الظن أثم أن هذه الوزارة ومنذ عهد طويل غير قادرة وراغبة في القيام بواجباتها الدستورية والقانونية !! وعطفاً علي هذا فقد هبت عليها عاصفة من النقد في الأيام والأسابيع الماضية بعضه غير موضوعي بالأساس مثل الذي ذهب أليه سبدرات وزير العدل السابق ففي عهده تردت الوزارة الي الدرك الأسفل وتردت معها الوسائل القانونية السليمة , هذا النقد مرده موقف الوزارة المهزوز من قضيتين شغلتا الرأي العام، قضية تحكيم شركة الأقطان، وقضية الفساد التي طالت العاملين بمكتب والي الخرطوم ففي قضية التحكيم ارتكبت الوزارة خطأ إجرائي بالموافقة أبتداء علي التحكيم أو بالأصح ترك الأمر للشركة المتهمة أصلاً والمستشار القانوني وحدهما ، وتوالت أخطاء الوزارة في البيان الذي قدمه الوزير أمام المجلس الوطني فهذا البيان انحرف عن السياق القانوني ودخل في أفعال السياسة فمن الناحية السياسية قد كسبت الوزارة الرأي العام بجانب البرلمان الذي هلل فيه السادة النواب وكبروا أستحسانا لما قدمه الوزير, ولكن من الناحية القانونية أرسي البيان سابقة خطيرة تندرج تحت ( التأثير علي سير العدالة ) ما كان للوزير أن يدخل في تفاصيل الدعوي الجنائية التي تنظر فيها محكمة مختصة ، لا سيما أن الوزارة تمثل الاتهام في هذه الدعوي ، كان المطلوب من الوزارة توضيح ملابسات التحكيم دون الخوض في تفاصيل الدعوي الجنائية وكانت النتيجة المباشرة لهذا البيان أن طالب البرلمان بتشديد العقوبة علي المتهمين المفسدين وهذا بمثابة حكم يتنافي مع ما تقوم بها المحاكم ، يجب أن يظل مجري العدالة إجراءا وموضوعاً صافياً ونقياً ، وبما أن الأمور بخواتيمها فقد كسبت الوزارة هذه الجولة بالقرار الصادر من المحكمة المختصة بأبطال حكم التحكيم المثير للجدل !! ولكن يجب إلاّ ينتهي الأمر هكذا فلا بد من إجراءات حاسمة لكل الجهات التي أهملت وقصرت في هذا الأمر، اما القضية الثانية والتي أقامت الدنيا وشغلت الناس وهي قضية موظفي مكتب الوالي هذه القضية والتي ألقت بحجر كبير في بركة مياه الفساد الآسنة فحركت موجات الفساد المستشرى في جسد الولاية ، فحجم الفساد في هذه القضية كانت كبيرة والضالعين فيها ليسوا موظفين عاديين بل من المقربين من الوالي والمحيطين به ،فسارعت الوزارة إلي تشكيل لجنة من كبار المستشارين للنظر في القضية ولم تتأخر اللجنة وأعلنت قرارها الصادم لكل الناس بحفظ الأوراق وإطلاق سراح المتهمين بالتحلل بموجب قانون مكافحة الثراء الحرام والمشبوه والملاحظ أن اللجنة الموقرة لم تسبر غور هذه القضية بل أسرعت إلي طي الملف بصورة تثير كثير من الشكوك، كيف توصلت اللجنة إلي أن المال محل التهمة هو المبلغ المذكور في التحلل ، والأعجب من ذلك لماذا لجأت اللجنة إلي حجب أسماء الضالعين في هذه القضية لعلها استخدمت فقه السترة أو شئ من ذلك ، في تقدرنا أن التحقيق الجيد في هذه الدعوي سوف يؤدي إلي سقوط رؤؤس كبيرة ضالعة في هذا الفساد ليكونوا عبرة لغيرهم , بجانب أن المال المسترد سوف يفوق عشرات المرات المال محل التحلل ، إذا استبعدنا الأرقام المذكورة من خلال الشائعات التي وجدت بيئة صالحة لتبيض فيها وتفرخ فأن الرقم المذكور في التحلل لا يساوي عشر المال المسروق، هذا التحلل ليس ملزماً للوزارة وعلي أية حال عادت الوزارة إلي الحق بقرار السيد/الوزير بالقبض علي المتهمين وإحالتهم إلي نيابة المال العام ونخشي أن يكونوا قد هربوا!! فبهذا القرار استعدلت الوزارة الصورة المقلوبة والذي يحيرنا في أمر هذه الوزارة لماذا تسمح لنفسها بالوقوع في الأخطاء الفادحة ثم تعود لتصحيحها.... فقضية التحكيم كان يمكن تفاديها من الأساس لو أن المستشار المعني قام بعرض الأمر علي الوزير أو الوكيل أو الإدارة المدنية قبل الدخول في إجراءات التحكيم ، كما وأن لجنة التحقيق في قضية مكتب الوالي لو عرضت الأمر علي الوزير او المدعي العام لما وقعت في مسألة التحلل هذه ، ومهما كان الأمر فأن انتفاضة الوزارة نأمل أن تستمر في مواجهة كل القضايا التي تمس الصالح العام ، وكما ذهب الوزير إلي ذلك بحق فأن الصحافة عليها توخي الحذر والدقة في تناول قضايا الفساد وعليها أن تستقي معلوماتها من المصادر الصحيحة بحسبان أن الترويج للاشاعات التي لا تقف علي ساقين سليمتين تضر بالقضايا أكثر من نفعها ولكن الباب الذي يسد ريح الإشاعات هو الشفافية في التحقيقات بدون أي مجاملات وبدون وضع حساب السياسة في الاعتبار وأن يأخذ القانون مجراه الطبيعي هذا هو العلاج الناجي للترويج والإشاعات ، نأمل أن تكون صحوة الوزارة حقيقية لا سيما أن الظروف مواتية في ظل مساحة الحريات التي أتيحت والحوار الوطني ، هنالك قضايا مسكوت عنها يجب تحريكها الآن وبقوة مثل قضية المواسير وقضايا انتهاكات حقوق الإنسان في دارفور و قتل المتظاهرين في أحداث سبتمبر عام2013م وغيرها....... ولا يكفي أن تتحرك الوزارة عندما تصيبها وخز الصحافة عليها القيام بواجباتها فإقرارات الذمة وفحصها ضرورية ... ومتابعة تضخم أموال صغار الموظفين أرصدة في بنوك وعمارات وفلل ومزارع وشركات مهمة ، المجتمع السوداني مفتوح كل يعرف أصله وفصله فعلي الوزارة المتابعة وتحريك الإجراءات ، ومثال لما نقول فلو صح أن الوالي وقف بنفسه علي منزل احد مرؤوسه ولم يحرك ساكناً فأن هذا الامتناع يعد جريمة يعاقب عليها القانون ....... أما قول لجنة التحقيق أنها استدعت الوالي مرتين للسؤال باعتباره شاهداً يعد تحقيقا مبتورا ,الصحيح أن الوالي مشتبه به حتى يتم التحقيق معه بصورة شاملة بعدها يتم تقييم موقفه بدقة ومن العيوب في التحقيقات استعجال اعلان براءة المشتبه بهم فاللجنة الموقرة قررت أن الوالي بري براءة الذئب من دم أبن يعقوب، فقد سبق أن قال الوزير مثل هذه المقولة في قضية المواسير بان الوالي عثمان كبر وحكومته بريئان من الضلوع في تلك القضية المثيرة ومنذ ذلك الوقت ظلت المقولة محل تندر الناس الي يومنا هذا , العالم من حولنا يحققون مع رؤساء دول ووزراء بطريقة عادية جداً فالقانون فوق الجميع لا سيما إننا مازلنا نصر علي رفع راية الإسلام والتي ندعي أننا نستظل بظلها ورسولنا(ص) يعلن في البرية بقسم مغلظ والله لو أن فاطمة بنت محمد(ص) سرقت لقطعت يدها........ الله أكبر بارود صندل رجب
|
|
|
|
|
|