08:14 PM March, 09 2016 سودانيز اون لاين
عبدالغني بريش فيوف -
مكتبتى
رابط مختصر
بسم الله الرحمن الرحيم..انتقل شيخ الإسلام السياسي -عراب الإنقاذ ومهندس انقلاب عام 1989 في السودان الدكتور حسن عبدالله الترابي إلى جوار (ش) يوم السبت 6 مارس 2016 عن عمر ناهز 84 عاماً. وبعد انتشار خبر الوفاة ، توالت برقيات التعزية من رؤساء الأحزاب السياسية وقادة الحركات المسلحة -نعم قادة الحركات المسلحة ، سائلة الله أن يرحمه برحمته الواسعة ويغفر له ذنوبه ويلهم آله وذويه الصبر والسلوان وحسن العزاء وغيرها من الكلمات الطيبات.
طبعا، من حق الناس ان تدعو للموتى بالرحمة والمغفرة ولآلهم وذويهم الصبر والسلون ، ومن حق الآخرين أيضا ان يرفضوا العزاء سيما إذا كان الميت ساهم في حياته كشخصية عامة بطريقة أو أخرى في معاناة الناس كما في حالة الدكتور حسن الترابي الذي كان له دورا بارزا وواضحا منذ خمسينيات القرن الماضي حتى وفاته في تعذيب وقتل واختطاف عشرات الآلاف من السودانيين وفي بؤس الملايين منهم.
لم يكن الترابي مجرد شخصية سودانية عادية ، بل كانت شخصية مثيرة للجدل ، استخدم النفاق والخداع والغش والكذب والدين في إزاحة منافسيه الإسلاميين ، وتصفية خصومه السياسيين كما حدث للإسلامي الجمهوري محمود محمد طه ، والإنقلاب الذي دبره في عام 1989 للتخلص من الأحزاب التي جاءت إلى السلطة عبر صناديق الأقتراع والتصويت. ولعل الحديث النبوي الذي شاع الإستدلال به ، خاصة من طرف ممجدي حسن الترابي ، والذي يقولون فيه إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : " أذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساوئهم "!، هو حديث لا يمكن الأخذ به كون الكلام عن أفعال الترابي للتأريخ والتأريخ لابد أن يدون كما هو.
يقال أن التعرّض للميت بالسوء مذموم إذا لم تكن هناك مصلحة في ذلك ، أما إذا كانت هناك مصلحة في تناول حياة الميت كحقائق تاريخية من أقوال وأفعال وإقرار ، فلا بأس.
في حالة الترابي ، لا شك أنّ هناك مصلحة في ذكر أفعاله وأقواله التي شهدت عليها منظمات محلية واقليمية ودولية وعالمية مدافعة عن حقوق الإنسان، بما فيها الآليات الأممية لحقوق الإنسان، مثل التعذيب والإختفاء القسري والمجازر والقتل العشوائي، لأنّ ذلك يفيد في إحقاق الحق وصون الذاكرة الجماعية وردع من تُسوّل له نفسه تكرار هذه الجرائم في المستقبل، وإنّ موت أحد المشاركين في الجريمة ليس كفيلا بطمس حقيقتها التاريخية.
ما استغربني واستغرب عدد كبير من أبناء الهامش السوداني ، هو برقيات العزاء التي تساقطت كالأمطار من قادة الحركات المسلحة على آل الترابي ، تذكر فيها محاسن الرجل ، وكيف أنه كان يحرص على وحدة السودان ، وأنه كان يتناول قضايا الديمقراطية والحريات في كثير من لقاءاته ، وووالخ. هذه الإشادة والإشفاق على حسن الترابي ، نست أو تناست أن فتاوى هذا الرجل تسببت منذ 1983 حتى موته في مقتل أكثر من ثلاثة مليون جنوبي ونوباوي ، ورفض حتى مجرد الإعتذار عن تلك الجرائم والفتاوى حتى مماته ..فهل ذاكرة قادة الحركات المعزية مثقوبة أم هم ينافقون كما نافق الشيخ الهالك طيلة حياته؟.
جرائم حسن الترابي ضد المجتمع السوداني -خاصة جبال النوبة وجنوب السودان لا تعد ولا تحصى وإليكم بعضاً منها :
1/ بعد المصالحة الشهيرة في عام 1978 ، استطاع الترابي اقناع الرئيس جعفر النميري بالإسلام السياسي ، وقال له أنه على استعداد لجعله إماماً وخليفة على مسلمي السودان شرط اعلانه السودان دولة إسلامية. ودون أي اعتبار للتنوع الديني في السودان ، أُعلن السودان جمهورية اسلامية وفرض قوانين اسلامية عرفت عند السودانيين " بقوانين سبتمبر الظالمة" ، وهي القوانين التي قطعت وبترت أرجل وأيادي عشرات الآلاف من غير المسلمين من أبناء جبال النوبة وجنوب السودان ، وتركت آثاراً سلبية ما زالت ماثلة.
2/ بدأت الأحداث الدامية في جبال النوبة وجنوب السودان وتفاقمت تحديداً بفتوى شيخ الفتنة الدكتور حسن عبدالله الترابي مسيلمة العصر الكذاب ، حيث أفتى عام 1992 بقتل النوبة والجنوبيون جميعاً دون استثناء لأنهم كفار ومشركون يعبدون "الكجور" على حد تعبيره ، ودعا حتى مماته الى الجهاد على النوبة عبر استقدام الجهاديين بحجة تخليص منطقة جبال النوبة من المسيحيين والكجوريين على حسب تعبيره وتعبير الكثيرين من شيوخ الفتنة "النابحين" على الفضائيات محرضين على سفك الدم النوباوي ، فقدم عشرات الآلاف من الدواعش الإرهابيين وارتكبوا جرائم ومجازر لا تعد ولا تحصى بحق النوبة على مدى ما يقرب على ست عشرعاما كلها بسبب تلك الفتوى اللعينة.
3/ بسبب فتوى حسن الترابي في عام 1992 التي تكفر النوبة دون استثناء ، اقتيد في الفترة من 1992 حتى 1996 عشرات الآلاف من أبناء النوبة المتعلمين والمثقفين من مكان عملهم ومن بيوتهم في كل من الدلينج وكادقلي وتلودي وهيبان وغيرها من قبل جهاز أمن نظام الخرطوم وتم تصفيتهم جميعا تطبيقا للفتوى المذكورة ..فهل يعقل الترحم على روح من تسبب في قتل الأبرياء؟.
4/ الحملات العسكرية التي تقوم بها مليشيات البشير اليوم في كل من دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق مبررة بفتوى أصدرها حسن الترابي تحت عنوان ( لا يجوز الخروج على الحاكم) وهذا يعني جواز قتل وحرق وذبح ونحر كل من يعصي أوامر الحاكم ويخرج على سلطته.
ان افعال الترابي تعدت وهل اتعدى حدود المعقول واللامعقول في القبح الحيواني في بث سمومه الفتنوية بين المجتمع السوداني لأكثر من نصف قرن من الزمان ..ولستُ أدري بأي مبرر تعزي قادة الحركات المسلحة من استخدم حكم الله في غير محله ، فكان سبباً في المجازر التي يقوم بها دواعش السودان ومجاهديه؟.
المنافق حسن الترابي ، تكلم باسم الدين الاسلامي فكذب من حيث صدقه الناس فكان آية في النفاق والفتنة ...والترابي جعل من المساجد التي يرفع فيها إسم الله بيوتاً يرفع فيها إسم الشيطان بدعوته الى قتال كل من يعصي أو يرفع السلاح ضد الدولة ، فلا عجب اليوم أن نجد بعض من المسلمين يكرهون الإسلام حين رأوا مجازر بشعة وفظيعة ترتكب باسم إسلام حسن عبدالله الترابي رمز الفحشاء والمنكر.
لم ترفع الحركات المسلحة التي تقدمت الأحزاب السودانية في تعزيتها لآل الترابي سلاحها إلآ بعد أن أصبحت منتميها مواطنين من درجة ثانية بموجب فتاوى حسن الترابي ، فبدل أن تقود تلك الحركات تحركاً لتذكير الناس بمساؤي الرجل وكيف أنه قسم المجتمع السوداني إلى مسلمين وكفار ومشركين ، بكته بكاءاً شديدا وتمنت له الرحمة والمغفرة في تناقض واضح لقول الله سبحانه وتعالى (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما) النساء الآية 93، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم " من لا يرحم الناس لا يرحمه الله".
إذا كان قادة الحركات المسلحة يعتقدون أنهم بدعوتهم للترابي بالرحمة والمغفرة وغيرها ، وأن بإمكان هذه الدعوة الربانية أن تخفف من سيئاته التي لا تعد وتحصى ، فهم واهمون جدا.
نصيحتي لمن اشتد ورعه فأبى إلآ أن يترحم على حسن الترابي المتورط في جرائم لا تتقادم ، ويدعو له بالرحمة والمغفرة ، أن يفعل ذلك سرا ولا يجاهر به ، فإنّ المجاهرة بذلك إساءة لذاكرة ضحايا هذا الشيخ الذي أوصل السودان إلى شفير الهاوية ، وقله حياء وأدب تجاه عائلات الضحايا. وعليه في كل مرة يذكر فيها روح هذا المنافق الذي تاجر بالدين من أجل مصلحته الشخصية ، وقبل الاستغفار له ، أن يبدأ بالترحّم أربعة مليون مرة على أرواح السودانيين الأبرياء الذي قضوا بسبب فتاوى هذا المقبور.
والسلام عليكم..
أحدث المقالات
خطوات الاصلاح الاقتصادي في العراق: رؤية من الخارج بقلم د. حيدر حسين آل طعمة/مركز الفرات للتنمية والهل يقدر المتحاورون ماذا يعني فشل الحوار ؟؟؟؟؟؟ بقلم هاشم محمد علي احمدو شرعوا في تزوير تاريخ الترابي.. بلا وازع! بقلم عثمان محمد حسنالترابي.. هدأةُ الشيخ الأخيرة بقلم أحمد الدريني جو بايدن يشوه وجه الانتفاضة بقلم د. فايز أبو شمالةالكشف عن سيارات المستقبل في معرض جنيف ابراهيم السنوسي ما قدر الشغلانة بقلم شوقي بدرىقريمانيات .. يكتبها الطيب رحمه قريمان كيف تسقط حكومة بنكيران في يوم واحد وبدون قلاقل؟؟ بقلم انغير بوبكرحق اللجوء واللاجئين ...... قوانين مثالية، وواقع مرير اعداد د. محمود ابكر دقدق/استشاري قانونيي وباالأمهات الأرامل والمطلقات المجتمع يكفن والأبناء يدفنون!! (2) بقلم رندا عطيةالتسوية قبل الوحدة..! بقلم عبد الباقى الظافرضرب السد بقلم صلاح الدين عووضةكثير من علي الحاج .. قليل من السنوسي بقلم أسحاق احمد فضل اللهوقطع معتز قول كل خطباء السدود بقلم الطيب مصطفىدموع خالد مشعل ووحدة الإسلاميين!! بقلم حيدر احمد خيراللهفي عيد المرأة التحية لصمود نساء وطني... بقلم زينب كباشي عيسيالقمح وإستبدال الأدنى بالذى هو خير بقلم سعيد أبو كمبال بني مَلاَّل منتظرة منذ الاستقلال بقلم مصطفى منيغ في يوم المرأة العالمي : هل نالت حقها ؟ بقلم د. حسن طوالبهلا تحتمل الإنتظار والحلول التسكينية بقلم نورالدين مدنيالصدمة وفرضية الإغتيال بقلم أكرم محمد زكي القصر الكبير بلا إصلاح ولا تغيير بقلم مصطفى منيغ