|
عمليا قادة الاحزاب الطائفية أصبحت فاقدة الاهلية لممارسة العمل السياسي
|
المثني ابراهيم بحر
ستظل علاقة الاحزاب الطائفية بما الت اليه الدولة السودانية من فشل منذ الاستقلال مادة مثيرة للجدال, خاصة في هذه البلاد التي تشكل فيها تلك الاحزاب حضورا غالبا في ساحة السياسة السودانية, وقد كانت سببا في فسادها فأمتدت فشملت حتي اللغة التي افتقدت بعض معانيها ودلالتها, وهكذا علي سبيل المثال تلك الاحزاب تسمي نفسها بالقومية او الوطنية نزعت لاختزال الوطن في نفسها مع انها تفتقد لابسط وجود في الجنوب السوداني القديم , بل حتي وسط قوي اجتماعية مهمة في الشمال الجغرافي , بل ان اختزال الوطن في بعض تاريخنا السياسي بلغ حدا لخصته مقولة اذا اجتمع السيدان اجتمع السودان, فالاحزاب الطائفية انصرفت بعد الاستقلال للصراع علي السلطة كتركة خلفها المستعمر , ولم تكن لديها اي رؤية منهجية او برنامج سياسي واضح لحل مشاكل الدولة السودانية, وكان الاتحاديون يصفون حزب الامة بتجار الرقيق بينما يصف حزب الامة الاتحاديون بحزب الجلابة الذين يمتصون دماء الجنوبيين , فالشعوب السودانية ضحية صراعات ومؤمرات هذه الاحزاب الفاشلة , ولولا هؤلاء لكانت الديمقراطية الان عادة وسلوكا في المجتمع السوداني .... لم اندهش للبيان الهزيل الذي اصدره حزب الامة عقب الافراج عن الامام الصادق المهدي , او عن الالتماس الذي تقدم به محامي الامام الاستاذ علي قيلوب المحامي الي وزارة العدل , لان هذه السمات اصبحت تميز الحزب الكبير, ولكن ما ادهشني واحزنني مظاهر الحشود الهادرة من انصار الامام فرحين بالافراج عن زعيمهم ثم الحشود الضخمة في مسجد الهجرة بودنوباوي في يوم الجمعة الماضية , في صور تدعو للشفقة والرثاء علي حال الحزب الكبير الذي اصبح حاله يغني عن السؤال, تلك الجماهير الهادرة التي استقبلت الامام تصنع منه بطلا من العدم ونمرا من ورق ,ولكنها في الحقيقة قد ابتلعت الطعم ووقعت في الشرك الذي رسم لها بدقة من اجل تلميع صورة الامام التي اهتزت بشدة ,وفقدت بريقها علي نحو متسارع منذ المؤتمر العام الاخير للحزب, لمواقفه الضبابية والمهادنة للنظام اضافة الي تعيين احد انجاله في مؤسسه قمعية والاخر تمت اعادته الي الخدمة العسكرية دونا عن كل ابناء الانصار الاخرين الذين شردوا من وظائفهم ثم ترفيعه ترفيعه بطريقة دراماتيكية الي مساعدا لرئيس الجمهورية , ومن اجل هذه الصورة المهزوزة فكان لا بد من تلميع صورة الامام امام الرأي العام وبأي ثمن....! فمنذ المؤتمر العام الاخير واختيار الفريق صديق محمد اسماعيل امينا عاما للحزب , فالفريق صديق يجد التأييد من الامام وفي سيبل ذلك سخرت له كل السبل التي تضمن وصوله الي سدة هذا المنصب المهم بسلام, رغما عن انه لا يجد القبول بصورة واسعة , اضافة الي انه لا يسنده اي تاريخ او مؤهلات سياسية مما تجعل منه شخصا شبه نكرة , واقوي حجج الرافضين انه عمل محافظا في مدينة ######س التي تقع في ولاية جنوب دارفور في عهد الانقاذ , وبالتأكيد ان نظام الانقاذ لا يمنح مثل هذا المنصب عن فراغ....! اضافة الي كونه من الذين ينادون بفتح حوار مع النظام من اجل التقارب الذي يفضي للمشاركة ,مما حدا للكثيرين بأن يطلقوا عليه لقب (غواصة), ثم ان اكبر دليل يعضد ضعفه انه طوال مسيرته في الامانه العامة لم لم نحس به او نسمع له صوتا بأعتبار انه موجود, فقد طغت عليه شخصية د مريم الصادق المهدي واصبحت الامين العام الفعلي بطريقة غير مباشرة حتي ان الكثيرين كانوا يظنون انها اصبحت الامين العام للحزب الكبير بحق وحقيقة...................................... وبمرور الزمن وصلت المشاهد الي نقطة تصعب من استمرار الفريق في منصبه فأطاحت به الهيئة المركزية وترشح د ابراهيم الامين الذي فاز بالاجماع, ولكن المدهش بالرغم من الفريق لا يحظي بالاجماع الواسع تم تعيينه نائبا عاما عن الحزب الكبير بموجب دستور الحزب الذ يمنح الامام هذ الحق , ولكن الامين الجديد د ابراهيم الامين ما ان وضع قدمه ذهب في خط مغاير عن خط سلفه المهادن للنظام, واصبح د ابراهيم الامين حجرعثرة امام التقارب مع النظام فأصبح من الواجب عزله وبأي طريقة ومهما كلف الامر , فكانت هذه المسرحية الهزلية السيئة الاخراج التي شاهدها الجميع ................................... صحيح ان هناك صراعات داخل الحزب الكبير تقودها المجموعة التي تنادي بالتغيير ضد الاخري, ولكن التغيير صعب جدا مالم تتم خطوات منهجية تنتهي بزمن محدد يستصحب معه تغيير الافكار والشخوص , وخير دليل علي ما اقول ان اجتماع الهيئة المركزية الذي اطاح بالفريق صديق لم يكن فارق الاصوات كبيرا 248 مقابل 252 صوتا مع تلف 5 اصوات من جملة 564, وفي اخر مؤتمر عام للحزب حدثني احد الاصدقاء الذين ينتمون لحزب الامة ان احد الشباب حاول ان يرشح احد الاشخاص ضد الامام لاضفاء جو مغاير غير مألوف في الانتخابات التي باتت روتينية للحد البعيد , فأنهالت عليه الانتقادات بشدة, ونفس هذا المشهد اكده د ابراهيم الامين لصحيفة القرار بعد الاقالة مشيرا لترشح احد الاشخاص منافسا للامام فأنتقدته بشده السيدة سارة نقد الله وقالت له :(كيف تترشح امام امل الامة ) فالامام في حزب الامة خط احمر لا يجوز انتقاده ناهيك عن الترشح ضده, فالتغيير في حزب الامة في غاية الصعوبة مالم يتغير الاشخاص او تتغير افكارهم , مع ضرورة ان يكون لهم استعداد ودافع ذاتي لن يحدث التغير في الحزب الكبير ولكن من اين تكون البداية ........................... اذا كنت تقود الناس البسطاء فعليك ان تكون انموذج لهم , فلا يعقل ان تتوسع في الحياة وتتطالب في نفس الوقت بأن تتقدم الناس البسطاء وتحل مشاكلهم , لأن فاقد الشيء لا يعطيه, وهذا ما ينطبق علي السيدان السيد الصادق المهدي والسيد الميرغني اللذان وكأنما يقودان قطيعا من الضان لا يحسوا بالامهم, فالميرغني ضرب بأمال جماهيره عرض الحائط وأصبح امره واضحا لذا لا ينتقده الناس كثيرا ومع كل ذلك فهو قليل الكلام , ولكن المشكلة اصبحت في الامام الصادق المهدي الذي يمسك بالعصا من منتصفها وشكل طوق نجاة للحزب الحاكم في كثير من الاحيان, فالامام الصادق المهدي يواجه بالضغوط اكثر من الميرغني لانه كثير الافعال والكلام والتنظير......... لقد استطاعت الانقاذ اختراق المعارضة بحزب الامة منذ خروج الامام في عملية تفلحون ,و سقط الكثيرون في عسل السلطة وقال المهدي انه يحاحي (الضبابين) عن وجه السودان , ولكنه كان عسلا تهافتت عليه ضبابين الانقاذ, فلو كانت هذه الاحزاب قوية ولديها مصلحة علي الوطن كما ينبغي لما تمكنت حكومة الانقاذ من استلام نظام الحكم و الانقلاب علي حكومة ديمقراطية, فالسودان بيتنا الذي باعه سماسرة الاحزاب الطائفية ونحن عنه غافلون وقد يطالبنا المشترون بالرحيل مثلما يحدث في ساحات المحاكم وسوق الاراضي والعقارات , فالحيرة التي يبدؤها الكثيرون بشأن نظام الحكم البديل ليست من منشأها عدم وجود الحكم البديل وانما القصود البديل الناجح والمتاح المطروح في الساحة ,بأعتبار ان قيادات الاحزاب الطائفية ذات الثقل الجماهيري أصبحت غير مقنعة في شخوصها ولا في ممارستها للديمقراطية, ثم الاهم من كل ذلك عدم وجود برامج مقنعة وواضحة لحل ازمات الدولة السودانية , وبالتالي تمسك قواعد تلك الاحزاب بقياداتها التقليدية وعدم مقدرتها علي تغييرها وعجزها عن خلق قيادات بديلة فاعلة علي مدي اكثر من 5 عقود يؤكد عجزها علي ان تطرح بديلا موضوعيا , والعلة الكبري في أن اعداد مقدرة من جماهير تلك الاحزاب تتفاعل مع قادة تلك الاحزاب انفعالا رومانسيا كما شاهدنا في حالة حزب الامة عقب الافراج عن الامام وعند صلاة الجمعة الاخيرة بمسجد الهجرة بودنوباوي, وتكمن العلة والمصيبة الكبري ان صعود هؤلاء سوف يهدد الديمقراطية من جديد بعد ازالة هذا النظام ,بأعتبار انهم اصبحوا فاقدي الاهلية في ممارستهم السياسية, فهؤلاء في الواقع يتاجرون بالام جماهيرهم من اجل مكاسب شخصية , وهذه احدي المكانيزمات التي تستعملها النخبة الحاكمة لاضفاء الشرعية وتغبيش الوعي , فهم في الواقع يخدمون ايدلوجيا القهر الاجتماعي ولذا يأتي حيادهم كحياد ظاهري في داخله التزام ايدلوجي مبطن, وتنطلق هذه المواقف المتذبذبة من قادة تلك الاحزاب التي تخالف احلام جماهيرها حول الخوف الذي يعتري فهم قادة تلك الاحزاب من ان التغيير القادم سيكون شاملا في بنية المجتمع السوداني, ومن هذا المنطلق يحاولون فرملة التغيير لانه انه في حال ذهاب الانقاذ قد تذهب الاضواء الي قوي اخري منها قوي الحداثة , وبالتالي افول نجمهم فهذه الاحزاب ينظلق قادتها من موقف الرفض والعداء لما هو عليه حال المجتمع الراهن,و التحية لحزب المؤتمر السوداني الذي فات الكبار والقدرو فهو يمضي بثبات واتوقع له نجاح باهر في مزاحمة الكبار , وقد كنت حريصا منذ سنوات الجامعة في متابعة نشاط هذا الحزب الذي بدأ يجذب اليه اعداد مقدرة , وكنت حريصا علي حضور ندواته متي استطعت الي ذلك سبيلا ,و كان اخرها في جامعة البحر الاحمر قبل حوالي شهر ومن ملاحظاتي وضوح خطابهم بدون اي رياء او استهبال و التزامهم بخطهم الواضح الذي يمشون عليه مع جرأة طرحهم والاهم ما في ذلك تلاحم القاعدة مع القيادة وهذه النقطة التي تفتقدها الاحزاب الطائفية ,فحزب المؤتمر السوداني بدأت اسهمه في الارتفاع للمواقف المشرفة التي ظل يقدمها واخرها موقف رئيس الحزب ابراهيم الشيخ في الاعتقال الذي رفض الاعتذار عن مواقفه مفضلا السجن مدي الحياة عن الاعتذار او التراجع عن مواقفه ,فشكرا لهذا الموقف النبيل وان شاء الله سيرد لك الشعب السوداني الجميل بأحسن منه ولا عزاء لا صحاب المواقف المخزية......
|
|
|
|
|
|