|
على من تقع مسئولية الحريق والتطهير العرقـي والإبادة فـي دارفـور...؟
|
وما أحداث إقليم دارفور إلا واحدة من تلك المشكلات التي عجز النظام من وضع حلول لها فجرت إليها مزيداً من العنف المسلح ولقد تصدى أبناء دارفور في ثورتهم ضد التهميش والظلم في دارفور للضربات الموجعة والموجهة من نظام الجبهة الإسلامية ضدهم ولايزالون صامدون ومأساة دارفور التي هزت ضمير العالم في ما بثته قناة الجزيرة الفضائية من حقائق مجردة ومأساة بشرية يتعرض له إنسان دارفور، وما شريطي مجزرة قرية شوبا وسنقتا إلا دليل لاستمرار الإنقاذ في جرائمه ضد إنسان دارفور وما يحدث في دارفور هو تمييز عنصري وتطهير وإبادة لجنس البشر والأمس القريب تابعنا وشاهدنا وتابع العالم معنا مأساة دارفور في الحلقات الأربعة التي بثت بتاريخ السبت الموافق 29/11/2003م الماضي وبتعليق من الأستاذ الصحفي المعروف / محمد الكبير الكتبي، التي بث على شاشة الجزيرة وثبت للعالم أن هناك جريمة ترتكب ضد مواطنين أبرياء عزل في دارفور وضح جليا أن قضية دارفور هي ليست مشكله قبلية لكنها هي إبادة وتطهير عرقي وتطبيق سياسة التمييز العنصري كما كان يحدث في دولة جنوب إفريقيا والآن يحدث في جزء عزيز من السودان وفي قرى لا يتوفر فيها ! أبسط مقومات الحياة الكريمة من أمن وصحة تعليم وتنمية، والمتابع للحلقات الأربعة يجد أن الحكومة الحالية لم تقم ولم تقدم شيئاَ يذكر لإقليم دارفور إلا القتل والدمار وحرق القرى ولا يعقل أن لا نجد في إقليم دارفور الكبرى إلا طريق واحد مسفلت بناه الألمان بمجهودات من إبن دارفور البار السيد/ أحمد إبراهيم دريج، بولاية جنوب دارفور، ونجد في الولايتين الأخريتين (شمال وغرب دارفور، لا يوجد خمسة أمتار من طريق مسفلت وهذا إن دل فإنما يدل على التهميش المتعمد من قبل المركز من الاستقلال إلى يومنا هذا، وهذا دليل قاطع من تقليل المركز من أهمية الأقاليم المهمشة منها هذا الإقليم اليتيم، وأضف إلى ذلك أن أغلب المباني والمدارس المبنية والمؤسسات الحكومية في دارفور هي من بقايا ما بناه الاستعمار (الإنجليز) ومنها ما بني في عهد سلطنة دارفور، فالقرى في دارفور تعيش في ظلام دامس وحياة المواطنين هناك شبيهة كأنهم في العصر الحجري العتيق، فلا نجد بئرا إلا بناه المواطن ولا نجد قرية واحدة في دارفور فيها الكهرباء ولا يوجد طبيب واحد في قرى دارفور، والإنسان الدارفوري المصاب بألم في المعدة أو الكلية أو الضغط أو السكري أو غير ذ! لك من الأمراض المستوطنة يموتون بسبب الاهمال والتقصير حيث لا يوجد أطباء متخصصين إلا في المدن الكبرى، وبنفس الطريقة لا يجد إنسان دارفور الأمن والطمأنينة من قبل مرضى السلطة بسبب تطبيق سياسة المناطق المقفولة أو بالأحرى تطبيق التهميش والظلم بحذافيره، واعتبار مواطن دارفور مواطن من الدرجة الثانية مهما بلغ تعليمه ومهما وصل إلى أي منصب في الدولة إلا ويعتبر ترضية وتطبيق لعبة الموازنات القبلية الضيقة، وما يحدث في دارفور هو استمرار لما حدث في جنوب السودان وجبال النوبة والنيل الأزرق وشرق السودان.
وإذا رجعنا إلى برنامج الحريق الذي عرض في الجزيرة لنجده إنه لمؤلم جداً ونجد أغلب المتحدثين في الشريط هم من ابناء السودان وبعض منهم يتحدثون وكأن في قلوبهم رفعت الرأفة والرحمة وأغلب المتحدثين مطبلين للنظام وبطانة سيئة ومداهنون للانقاذ وأستغرب لحديث الأستاذ الجامعي الذي تحدث بعجرفة وتنكر للواقع المعاش وذكر إسم الأخ عبد الجبار عبد الكريم أدم خطأ في التعليق ونجد إلا القليل مما تحدثوا عن حقيقة التهميش والظلم، وشرحوا مواطن وبواطن التقصير، فحديث عضو حركة جيش تحرير السودان بإدارفور كان منطقياً وعقلانياً ونشيد به، وأيضاً حديث عضو حزب الأمة كان متوازناً وحقيقة شرح لب القضية بطريقة علمية، أما حديث والي شمال دارفور فكان حديثاً مطاطاً ومملاً ومخالفاً للحقيقة وكان يتحدث وكأنه في كوكب آخر فكيف يعقل أن نصدق هذا الوالي حيث لم نجد العناية من ولايته ولا شاهدنا في الشريط خيمة واحدة تأوي النازحين بل وجدناهم وشاهدناهم يشربون الماء من قطرات الصهاريج المتصدعة كما يشرب بعض منهم من المياه الراكدة الغير صالحة للشرب أصلاً، وكما يفترشون الأرض المجردة تحت ظلال الأشجار..!، فالقرى التي مرت بها! كاميرا الجزيرة هي واقع دارفورالمعاش اليوم و إساءة لحكومة الجبهة الإسلامية، وفي نفس الوقت إدانة للحركة الإسلامية التي حكمت السودان وفضيحة كبرى لدعاة المشروع الحضاري ووصمة عار في جبين كل الذين يدعون بأنهم جاؤوا لإنقاذ أهل السودان قاطبة.
ففي الوقت الذي تسعى فيه معظم حكومات العالم لخلق الظروف الملائمة للعيش الكريم وفي سلام ووئام داخلياً وخارجياً نجد حكومة الإنقاذ تتفنن في كيفية إبادة شعبها في الجنوب والشرق بالأمس واليوم بالغرب وتقوم بضرب قرى القبائل الإفريقية بطائرات الأنتانوف، وتهجم إليهم تارة بمليشياتها المسماة بالجنجويد المندسين وسط الشرفاء، فالمجازر البشعة والخراب والدمار الذي لحق بأكثر من تسعين في المائة من قرى دارفور هي جريمة تاريخية يرتكبها نظام الإنقاذ ضد مواطنين أبرياء وكان الأولى بالانقاذ أن تقوم بتنمية إقليم دارفورو توفرلهم أبسط مقومات الحياة وأبسط سبل العيش الكريم، فكيف نصدق هؤلاء بأنهم إسلاميون وهم يقومون بقذف الإنسان بالطائرات والقنابل تتساقط على رؤسوهم، وتستخدم ايضاً الأسلحة الفتاكة لتنشر الذعر والخوف في نفوسهم، فالدوافع والأسباب لهذا التطهير العرقي والتمييز العنصري كثيرة وهي استراتيجية الحكومة التي تدعي الإسلام الحنيف من أجل الحفاظ على سلطتها وإلا فما معنى القتل وحرق القرى وإبادات الجماعية التي يتلقاه هذا المواطن في دارفور..؟ وما معنى التهجير القصري وإبعاد وطرد المواطنين الأبريا! ء من قراهم ليكونوا لاجئين في الدول الجوار وخاصة في الجارة تشاد الشقيقة، وفي داخل الإقليم اصبحوا لاجئين ويفتقدون كل مقومات الإسعاف العاجل من غذاء وماء وكساء ومأوى....؟ وما يحدث في دارفور هو فرض ثقافة بالقوة وتغيير لتركيبة الإثنية لسكان الإقليم الأصليون والغرض من تهجير المواطنين هو السيطرة على أراضيهم الخصبة والنيل من مواردهم الطبيعية من ذهب وبترول والنحاس والثروة الحيوانية الضخمة التي تتميز بها هذا الإقليم عن بقية أقاليم السودان قاطبةً، فالمجازر الجماعية التي إرتكبتها هذا النظام في وادي صالح وهبيلا وكونقا حرازة وقرى المجاورة لمدينة الجنينة فوربرنقا بأكملها وعلمابأن هذه المناطق لم توفق كاميرا الجزيرة من الوصول إليها وأيضا ما جاءت الجزيرة من حقائق ما هي إلا قطرة ماء في البحر.... فمنطقة هبيلا ضربت بالطيران وأدعت النظام بأنها ضربت عن طريق الخطأ بعد أن إنكشف أمرها وضربت قري مكجروبندسي عدة مرات وأضف الي قري جبل مرة ( سونا سونا وجلدو وكدنير ) وقري منطقة زالنجي ( سلو ومارا وبيضا) الخ .
فالمجازر الجماعيه التي إرتكبها وما تزال ترتكبها مليشيات الجنجويد المدعومة من الإنقاذ في حق أبناء دارفور لتحقيق أهدافها سالفة الذكر ولتمرير أجندتها علي حساب وأرواح مواطني دارفور لهي جريمة نكراء ترتكب ضد مواطنيين عزل ... أما إباحة قتل الفور والزغاوة والمساليت ومعظم القبائل الغير عربية بدارفور مثلهم في جبال النوبه وجنوب السودان وشرق السودان لهو سياسة المستعمريين الجدد الذين أرادوا بالسودان الدمار والخراب وتقسيمه فلا غرابة ولا إستغراب إن سمعنا بأن السودان إنقسم في ظل هؤلاء الذين أتوا علي ظهر دبابة ليلا ... أما حرق وتدمير مئات القري والزرع والحقول وقتل آلاف الأشخاص وأغتصاب النساء وخطف الأطفال ونهب الأموال والممتلكات من الماشية والأغنام والجمال لهي دليل وصورة حقيقية للنظام وسياسة بشعة يتبعونها وسوف يتحملون المسؤلية كاملة أمام التاريخ والأجيال القادمة ... أما أن يتعلل النظام بتسمية قضية دارفور بمسميات غير مسؤوله وغير منطقيه والتقليل من قضية دارفور لا يزيد أهل دارفور إلا التماسك والترابط وإتباع سياسة ملئ أغلب الوظائف الهامة علي مستوي المركز والإقليم لعناصر تعمل في خطه! ا السياسي وتهميش الآخرين مما يؤكد تمسك الإنقاذ بسياسة الإستعلاء العرقي الأمر الذي يسهل مخطط التطهير والإبادة .... والغريب والعجيب أن أصبح إقليم دارفور مسرحا لتدريب الإرهابين والمطلوبين دوليا ومعسكرات جبل جو وعد الفرسان وجبال كرقو تؤكد ذلك والأدلة كثيرة وعديدة وما نشر في جريدة أخبار اليوم بتاريخ 9/2/2003 أن طبيب سعودي الجنسية من جماعة القاعدة عالج مليشيات تدعمها الحكومة ويدعي محمد عمر الدامش عمره 38 عاما وتم إعتقاله بواسطة شرطة دارفور أثناء إنسحاب المليشيات بعد إنجاز مهمتها والدليل الآخر المعسكرات التي تم معرفتها في منطقة لقاوة بكردفان فما علي النظام إلا وأن تبرئ نفسها من الأسلحة المحرمة دوليا وهذا مما يمهد للتدخل الدولي لأن الأدلة واضحة ( إنتهاك حقوق الإنسان – معسكرات إرهابية – أسلحة محظورة )
واستمرار هذه الحكومة في تنفيذ أجندتها الرامية إلى تصدير الإسلام السياسي المتطرف لدول غرب إفريقيا عبر بوابة دارفور بواسطة المجاهدين تابعين لدول (النيجر وبنين وموريتانيا وتشاد ومالي والسنغال..الخ) تم تدريبهم في السودان وهو السبب الأساسي الذي يدفع هذه الحكومة للجوء لجميع الوسائل المتاحة لها منها الوسائل العسكرية مادامت مواطن دارفور لا ينهج سياساتها، وذلك بهدف إخضاع هذا الإقليم وشعبه لسياسات الإنقاذ، وتؤكد التطورات الأخيرة على صعيد العمل العسكري للحكومة من دارفور والتي بلغت ذروتها بتكوين نسور الجو المدعومة بالقوة المسلحة براً وهذا دليل قاطع على فشل سياسات حكومة الجبهة الإسلامية في الاستحواذ على الأرض بسبب قوة المقاومة الشعبية والإرادة لا يمكن أن تهزم لكي تعوض الحكومة جواً ما خسرته أرضاً وميدانياً، وسياسة هذه الحكومة الاستفادة من مناخ وقف العدائيات بينها والحركة الشعبية لتحرير السودان من أجل تحريك وحدات عسكرية إضافية نحو دارفور للقضاء على المقاومة الشعبية بطائرات الأنتانوف، فالمتغيرات الدولية والمتغيرات الجديدة في إقليم دارفور نتيجة لتنامي الوعي الشعبي وتنامي ثقافة! المضطهد كتطور حتمي لتفاعل القمع المركزي مع العنف اللامركزي خلال الأربعة عشرة عاماً الماضية والأدلة تشير إلى فشل الحكومة في خلق بنية عقلية مؤيدة لأيدلوجياتها بسبب يقظة القبائل الإفريقية والعربية في دارفور وتوحدها لإفشال مخططات النخبة المركزية منذ الاستقلال لزرع الفرقة والشتات بينها بغية تنفيذ أجنداتها الموروثة منها أجندة هذه الحكومة المحلية والدولية.
ومن هذا المنبر نؤكد للعالم أجمع أن قضية إقليم دارفور قضية سياسية عادلة كقضايا الأقاليم المهمشة الأخرى، نطالب المجتمع الدولي إلى التدخل الفوري والعاجل لحماية مواطني دارفور المتمثلة في الأمم المتحدة وأمينها العام كوفي عنان والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية والولايات المتحدة الأمريكية والمنظمات الإنسانية المتخصصة في مجال حقوق الإنسان والدول المحبة للأمن والسلام العالميين بالتدخل الفوري لوقف الإبادة البشرية في هذا الإقليم اليتيم كما ندعو كل منظمات العون الإنساني إلى الإسراع لإغاثة المتضررين، الجوعى والعطشى في مخيمات اللاجئين في داخل الجارة تشاد ودولة إفريقيا الوسطى الشقيقة، وفي جميع بقاع دارفور الكبرى، وصدق القائل: (لايضيع حق وراءه مطالب)
حسن آدم كوبر
عضو التحالف الفدرالي الديمقراطي السوداني
القاهرة في 4/12/2003"
|
|
|
|
|
|