|
عقلية الصادق المهدي تعشق الحكم بنرجسية حتى الموت و دبلوماسيته مجروحة بركاكة القول أحمد يوسف حمد
|
عقلية الصادق المهدي تعشق الحكم بنرجسية حتى الموت و دبلوماسيته مجروحة بركاكة القول
أحمد يوسف حمد النيل
تمهيد :
النرجسية (Narcissism) : تعني حب النفس , و هو اضطراب في الشخصية حيث تتميز بالغرور , و التعالي , و الشعور بالأهمية و محاولة الكسب و لو على حساب الآخرين. و هذه الكلمة نسبةً الى اسطورة يونانية , ورد فيها ان نركسوس كان آية في الجمال و قد عشق نفسه حتى الموت عندما رأى وجهه في الماء. المصدر (ويكيبيديا)
تصريحات الصادق المهدي:
المتتبع لمسيرة الحركة السياسية السودانية بعقلية المواطن العادي فهي فاشلة , اما ان تخرج بالناس الى بر النجاة , أو ان يتعلم حكام هذا الوطن ثقافة الاستقالات. فعلاقة السياسي الحاكم و غيره بالشعب , كعلاقة الراعي و الرعية , و لم تكن الرعية في وضع مثل السودان تطلب المستحيل , فقط العيش الكريم , فقد عمدت كل الشخصيات السياسية في السودان لتغييب العقول , و دائما ما تصنع لأنفسها هالة اعلامية و فكرية و ثقافية تحاول اقناع الشعب بأن الثقافة أولا قبل الخبز , و ان مبادئ الحزب قبل الأمن , و ان حراسة الشخصيات السياسية و غناها قبل تأهيل الشعب تعليمياً و صحياً و خدمياً . فهذه الصورة التي تتبناها عقلية السياسي السوداني اما انها غائبة عن الوعي مثل نركسوس , و تنظر في مرآة قصر الحكم كل يوم افتتاناً بنفسها و الشعب يعاني بين الحفر , أو انها بعد رحلة العلم و الثقافة و الخبرة السياسية الطويلة لم تتعلم كيف يُنمق خطاب الحكم و احترام عقلية الجمهور الذي يصفق ليل نهار. حتى أصاب الشعب ما أصابه من الإحباط , و عادت له قناعة أن الحكومات السودانية ليست "نبتٌ شيطاني" فقد خرجت من صلب هذا الشعب. فما هي علة هذا الوطن و الشعب اذاً؟
ففي صحافتنا التي أصبحت لا يهمها غير الارباح , و سياسيينا الذين لا يهمهم غير أن تطيل هذه الصحافة اعمارهم في الحكم, و هم يطلون من نوافذها البائسة. كل يوم يفجعنا سياسي بلفظ و يرجمنا بكلمة , يتحرّون من وراء ذلك ركاكة القول و اسفاف التعبير. وفقاً لما جاء في صحيفة اليوم التالي فقد شن الصادق المهدي زعيم حزب الأمة , إمام الأنصار , هجوماً عنيفاً و قاسياً على قوى الاجماع الوطني, و عدَّه اجماعا ً "انتقائياً" و "ترلة" للجبهة الثورية.و نوّه الى أن قوى المعارضة بخطها الراهن ستضلل فصائل الجبهة الثورية, و ستعمل على انتاج سيناريو التجمع الوطني الديمقراطي مع الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة جون قرن دي مبيور. و كان هذا الحديث قد قاله الصادق المهدي في منتدى (خطر الشمولية و ضرورة الديمقراطية) نظمته اللجنة العليا لإنقاذ النظام الجديد بدار الأمة , ان الوضع السياسي الراهن يحتاج الى تنظيم ورشة بمشاركة الجبهة الثورية لإعداد استراتيجية سياسية بدلاً عن اسقاط النظام الحاكم بالقوة , سيما و ان البلاد تعاني استقطابا ً سياسيا ً حاداً و تبايناً في الرؤى و الاستراتيجيات.
يظهر لنا الصادق المهدي بانه المخلِّص الوحيد لهذا الشعب , هو يدعي انه يتذاكي و لكنه غير ذلك , فهو يصف الناس بما يلحظه على نفسه. فمن هو الانتقائي؟ و نحن نقول ان الصادق المهدي هو الانتقائي , و يتعامل مع الآخر بصفوية , فالذي يعرف الديمقراطية يحاسب نفسه على الفاظه حتى يتعلم الناس منه , و الذي يعرف الديمقراطية يحترم رأي الغير و ان كان خطأ , و اذا اراد التعليق فليقل كلام يحترم العقول ,بل هو يبحث فقط عن مجد ذاتي , و انه لعمري نركسوس اليوناني , غير ان الصادق المهدي يرى في نفسه جمال سياسي و تاريخي لذا لا يستطيع ان يفارق هذه الساحة و هو الذي يحكم فيها منذ ان كان عمره (29) عاما , و قد ناهز عمره الثمانين (ليس متأكداً) أليس حري به أن يتفرغ لأحفاده و حياته الخاصة و مذكراته و ترك الفرص لغيره؟ أم انه حصان طروادة الانقاذ. استخدمته الانقاذ لتتسلق به على ظهور المواطنين بعدما افقرته و عائلته , و لم يجد بدٌ الا ان يكون هو "ترلة" الانقاذ "الانتقائية". الكل يعرف ان مجالس الحكومة الليلية في المناسبات و التي يشهدها الصادق المهدي انما يتكلمون بذهنية الذي يمتلك السودان , و كأنه قد وقع له في (كرتلة) , أو ان أوراق اليانصين هي التي جعلتهم محظوظين بان كل واحد منهم أُختُص بجزء من السودان. ان خطورة الكلام الذي قاله الصادق المهدي تكمن في ضيق صدره بالديمقراطية. فخطر الشمولية الذي يتحدث عنه الصادق لم يأت إلا من بين يديه , حينما غفل عن الاسلاميين (أو ربما يكون باتفاق) و تراخى و توانى في حفظ البلاد من خطرهم. فهاهو اليوم يتكلم بلسان الشموليين من الانقاذيين الذين اشبعونا بالعبارات و التعبيرات الغريبة. فليعلم الصادق المهدي انه الشريك الأوحد في تجهيل عامة الشعب و عدم احترام عقله.
كلمتين قالهما الصادق المهدي و لكنهما ثقيلتان على مسامع المثقفين و الشعب المناضل. فعدم احترام الآخر يأتي هكذا بإطلاق الكلام على عواهنه. فالحرب الباردة بين روسيا و أمريكا لم تقم إلا بسبب كلمة تُرجمت خطأً. فالصراع بين فرقاء الوطن في مثل هذه الظروف المعقدة التي تحتاج البلاد فيها الى التآلف , يدل على أمرين لا ثالث لهما , اما ان الصادق المهدي ينافق على المعارضة و يرضي الانقاذ , أو انه يلعب لصالح نفسه من أجل الانفراد بالحكم دون المعارضة. و يكون في ذلك رأيه واضحا كرأي الانقاذ في الجبهة الثورية و المعارضة. فقد انكشف أمره و أصبح كالعاجز الذي لا يستطيع أن يحرر نفسه من مفهوم الانقاذ.
أما آن الأوان لشباب السودان أن يبرزوا بكل قوتهم السياسية و النضالية لتبديد أحلام النرجسيين , أصحاب الأفكار البائدة ؟ أم أن الجسد الشبابي قد أعياه النضال , و أصبح ايمانه في التغيير مشكوك فيه؟ متى تصحو جموع الوطن و تقف و تدلل على الوطنية و تقول ان (الدهن في العتاقي)؟ و هل سيقابل الناس تآمر الانقاذ و الصادق الذي ستفصح عنه الايام بكل هذا البرود؟ ربما يخططون لفصل جزء من السودان أو أن يشارك الصادق في الحكم , و ربما يتواصل معهم من أجل طلب يد الحسناء التي أفتقر أبوها , و هي رئاسة الوزراء ليعود كما كان قبل مجيء الانقاذ. و لكن هذه في الثوب الشمولي تحت قيادة العسكر. فليحكم الناس بعد هذه الافتراضات و الأسئلة التي بالحدس السياسي هي الأرجح , من هو "الترلة" و من هو "الانتقائي"؟
|
|
|
|
|
|