|
عفواً فخامة الرئيس .. نقطة نظام !!!
|
عفواً فخامة الرئيس .. نقطة نظام !!! يجب أن يكون الحوار موضوعيا وبناءاً يهدف إلي استنطاق الوقائع والأحداث ومصادمتها مع بعضها لتظهر الحقيقة ناصعة البياض لا لبس فيها ولا غموض . بعيداً عن لغة الشتم والكلام المبتذل الرخيص بلا طعم أو رائحة. لا نسعى لمناصرة زيد علي حساب عبيد ولكن نطلب من الجميع وهم يصوغون خطابهم لمناشدة الشعب السوداني الانطلاق من استهداف العقل واحترامه وليس النفاذ مباشرة للوجدان لاستثارة العواطف. جرت العادة علي لسان السودانيين بأن مارس هو شهر الكوارث أما بالنسبة للحكومة السودانية الحالية أن سبتمبر هو شهر كوارثها حيث استهدفت حياتها فيه كما زعمت مرتين علي الأقل، وسارعت إلي استغلال ذلك علي أفضل ما يكون.. تماما كما تفعل حكومة الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية عند حدوث عملية استشهادية داخل الخط الأخضر ، فتسارع علي لسان ناطقها الرسمي اتهام الشعب الفلسطيني بالإرهاب ووضع الجرم برمته علي كاهل الرئيس ياسر عرفات .. بغرض تحقيق عدة أهداف أهمها تحطيم رمز النضال ، وإحداث صدمة للذاكرة حتى تنسى الجرائم السابقة والتأكيد على الاحتفاظ بالرد على الجريمة الإرهابية البشعة حسب زعمهم ، وعلى أن الصراع يبدأ من هذه اللحظة الراهنة. ويأتي وجه المقارنة بتحميل الوزر كله لشخص بمفرده هو الدكتور الترابي وتحطيمه تماما كرمز لأنصاره وأنه سبب كل المآسي والمصائب وبذهابه إلي المقصلة ستحل كل المشاكل وينعم السودان بالاستقرار والأمن والرخاء .. ومما يزيد المشهد استغرابا أن الرئيس البشير شخصيا لم يكتشف الأمر إلا بعد حين وها هو يعترف حين قال: " أن الترابي نحبه ونقدره ونحترمه وكدنا نقول في يوم من الأيام لا إله إلا الله ومحمد رسول الله والترابي ولي الله..." والسؤال المهم هو هل سيعتذر الرئيس البشير للشعب السوداني بأنه قد خدع ويتعهد بإرجاع السلطة للشعب الذي أخذت منه على حين غرة بتدبير من الشيخ نفسه وهو علي استعداد للمحاكمة العلنية لكل ما أرتكبه من أخطاء وسببه من أذي في عهد حكمه للمواطن السوداني ؟. ويأتي رد فعل الحكومة علي لسان أعلي سلطة فيها بالتوعد والانتقام لأنها في الوقت الذي كانت تواجه فيه أحداث جسام ومتسارعة بسرعة البرق من عقوبات دولية واستهداف خارجي كما يحلو لهم تسميته .. تأتي الضربة الموجعة المؤلمة والغير متوقعة من زعيم المؤتمر الشعبي باستهداف حياة النظام الذي لم ولن ينسى بأنه هو من جاء بأعضائه يوما إلي سدة الحكم ولن يسلم أبداً بالأمر والواقع. ولكني أرى أن الدكتور لم يأخذ العبرة من الماضي ومن مؤازرة ومؤاخاة أفراد السلطة العسكرية إلا إذا كان هذه المرة سوف يتغدى بهم قبل أن يتعشوا به. ما يبعث على الحيرة والاستغراب أن الرئيس البشير ومن مقره في مجلس الوزراء يوم الاثنين الماضي الموافق 27/9/2004م حيث قال "أن الترابي ضالع بشكل مباشر في التخطيط للمحاولة الانقلابية الأخيرة" ، وأمام العدسات ورجال الإعلام والصحف توعد بقطع رأس الدكتور حسن الترابي .. وذلك لشروعه القيام بالمحاولة التخريبية تلطيفاً والانقلابية تحديداً لو صدقوا . لنقف قليلا عند هذا المصطلح الذكي بذكاء وفطنة السيد الرئيس أو احد مستشاريه .. لأن مصطلح محاولة تخريبية وتسويقها علي هذا النحو الذي سوقت عليه .. لاقى استجابة وتعاطف من جماهير الشعب السوداني التي تستجيب بسرعة إلي كلام يدغدغ العواطف ويثير النخوة ويستفز الرجولة وينال من الكرامة. فالسيد الرئيس ومعاونيه لا يستطيعون بأي حال من الأحوال استخدام كلمة انقلاب عسكري ..لأنها ببساطة تضعهم قبل غيرهم داخل قفص الاتهام، ولو قاموا بتجريم الدكتور الترابي وقطع رأسه في إشارة واضحة للتلاعب بالمصطلحات وتوظيفها حسب المصلحة.. حيث أن قطع الرأس أو التهديد به يوحي بأن السيد الرئيس " الأمام " المبايع علي إقامة شرع الله سينفذ عقوبة حد الحرابة علي الشيخ الذي بات يشكل خطرا كبيراً على بقاء النظام في الحكم .. فالشيخ المشاكس بطبعه وتطبعه وبخبرته الطويلة في صنع المفاجئات وهو في حد ذاته ظاهرة حيرت الأصدقاء قبل الأعداء . وتواجده الآن خلف القطبان ومحاولاته المستمرة لعدم الاستسلام وقبول الأمر الواقع لأكبر دليل علي ذلك. ولكن يبقى السؤال معلقا هل فعلا الرئيس البشير جاد فيما ذهب إليه؟ علما بأن التاريخ علمنا أن هناك ملفات لا يكشف النقاب عنها إلا بعد رحيل النظام الحاكم أيا كان والشعور بالطمأنينة والأمان والأمثلة كثيرة علي ذلك. وأن السيد الرئيس سينجز وعده الذي قطعه علي نفسه أمام رؤوس الأشهاد ..أم يشفع له أنه كان في حالة من الاستياء الشديد فقال ما قال ، كما يطلق الرجل زوجته في حالة الغضب ويقول لها أنت طالق طلاق ثلاث وتحسب له طلقة واحدة. وربما أراد السيد الرئيس إرسال رسالة أخيرة شديدة اللهجة إلي خصمه اللدود حاليا وشيخه المبجل سابقا بألا يعاود الكرة مرة أخرى . ولو فعل فلا يلومنّ إلا نفسه ولا عذر لمن أنذر. أما أين الشعب السوداني من كل ذلك؟ فإما أنه صدّق الحكاية وتخندق إلي جوار رئيسه وحادي ركبه حتى يتمكن من تجاوز المحنة الراهنة والعودة إليه كي يرقصوا معاً علي أنغام أغاني السيرة الحماسية احتفاءاً بالنصر، أو أن هموم المعيشة والحياة اليومية القاسية أبت أن تترك له حيزا من الزمن للتفكير في السياسة ومشاهدة المباريات التي تحدث في حلبة المصارعة السياسية والتعرف علي من سيفوز بالجولة والجلوس علي كرسي السلطة الوثير، وفي حالة رفض المهزوم التنحي بالحسنى فقوات الحرس الخاص المدججة بأحدث أنواع الأسلحة قادرة على إقالته بالقوة حتى لو أدى ذلك إلى حتفه ولا نستطيع إلا أن نقول ساعتها أن براقش قد جنت على نفسها. الخلاصة الوطن أكبر منا جميعا حكاما ومحكومين ..وأن قطع رأس الترابي أو بقاءه حياً لن يقدم أو يؤخر أو يحل المشكلة خاصة بالطريقة التي أعلن بها ، فلا هو ولا غيره أعز ممن فنوا ولا ممن سيأتون. يخلد الناس بأفعالهم الحسنة وليس بأسمائهم والتاريخ من يحكم إما لك أو عليك. والشعوب هي التي تقرر من جلب لها السعادة ومن حاول إلحاق الضرر بها. والخروج من المأزق الراهن يا سيادة الرئيس أن نقول كفى خصومات ومعارك انصرافية .. فالسودان الذي نتصارع عليه وعلى البقاء فوق عرشه مهدد بالفناء ومعرض إلي خطر التفتيت والحل بسيط جداً وهو العودة إلي الديمقراطية وبسط الحريات ، وإعطاء الثقة إلي المجتمع السوداني بقدرته علي فرز القيادة المؤهلة للسودان وليس لدينا أدنى شك لو كان شخصكم من يتولى زمام الأمور بشرط أن تكون من خلال انتخابات حرة ونزيهة وبرقابة دولية حتى يتثنى لنا الخروج من هذه الدائرة الجهنمية. معا من أجل سودان جديد بدر الدين أبو القاسم محمد
|
|
|
|
|
|