عندما يُغتصب حق رفيق أو زميل في إستنشاق عبق الحرية ، و يُكبل أمام ناظريك و يُمنع عن الإدلاء بشهادته في هذا العصر الضنين المعاني بقتل الحقيقة و المُزركش الظواهر بالأكاذيب و الخِدع و الفساد ، ينتابنا شعوراً قسرياً بالقهر و الإذلال و هوان أمرنا على الناس ، هاهي الجريدة الورقية تصدر أول الأمس الخميس دون أن تُزيِّن صفحاتها الحرة و الناصعة بالوفاء و الصمود بمقالي الأستاذين المناضلين زهير السرَّاج و عثمان شبونه ، كعادتهما في المؤتمر الصحفي الذي عقدته الجريدة يوم الخميس ذرا على الحضور و من سيطلَّع على مجريات المؤتمر فيضاً من العِبر و القيِّم التي كادت أن تفنى في عصر الإنقاذ و من والاهم من النفعيين و المتاجرين بثروات البلاد و قوت العِباد ، ثم قلَّدهما التاريخ المعاصر و ما سيتم تسجيله في سفر سيطلع عليه من سيدركون المستقبل ، أنهما كانا مجرد كاتبين تجردا من عبادة الذات و أخلصا لمصالح الأُمه ، و أنهما أعزلين إلا من فكرٍ و قلم و جُرأة و شجاعة لا تثنيهما عن قول الحقيقة لومة لائم و لا صياح مُهدِّد و لا سوط جلَّاد مأجور ، هذا التكالب المسعور الذي يشنه نظام الإنقاذ الشمولي على صحيفة الجريدة ، يستهدف هذه المرة تجفيفها من منابعها الفكرية و الإبداعية ، بعد أن يئسوا من هزيمتها بالخسائر المادية ، وهي أول سابقة يتم رصدها في أصناف الحجر الإعلامي و القمع الصحفي على المستوى الإقليمي و العالمي ، فأن تستهدف قلماً بعينه فيه من الإمعان في إذلال حرية التعبير ما يندى له الجبين و تقشعر له الأبدان ، هم لا يعلمون أن القاريء السوداني بشموخ وعيه و قدرته الجيِّده على التحليل سيكون أكثر إهتماماً و إلتفافاً حول الجريدة و كتابها عبر أبسط القواعد السلوكية المجتمعية المتعارف عليه و المُعبَّر عنها في مقولة ( كل ممنوع مرغوب ) ، كما أن الناس بلا شك ستعلم أن كل قلم هز عرش السلطة و أقلقها و أخافها بالقدر الذي يدفعها إلى الإستزادة من إشانة سمعتها في ما يتعلق بحرية النشروالتعبيرعبرالمجازفة بإيقاف الكُتَّاب و أصحاب الرأي عن ممارسة حقهم الدستوري المشروع ، هو بلا شك قلم صادق و نبيل و مستقصد للمصلحة العامة و منحاز إلى مطالب و الجماهير و مُعبّرٌ صادق و ( مأمون ) عن آلامها و آمالها ، كيف يفوت على من يعتقدون أنهم يحمون النظام السياسي أن دوائر النشر و الإفصاح عن الرأي أصبحت مفتوحة و مُتاحة بالقدر الذي لا يمنع أيي ( مغمور ) عن نشر كل ما يدور في خلدهُ صالحاً كان أم طالحاً ، ناهيك عن من هم في مستوى النجومية الصحفية لزهير السرَّاج و عثمان شبونه ، إن حكومة المؤتمر الوطني على المحك الآن و في هذا الوقت بالذات ، حيث بدت إشارات الوعي السياسي الشبابي تطفوا على السطح و تُدلي بدلوها حيناً بعد حين ، شاءت أم أبت ستكون مُضطرة إلى التعامل مع واقع جديد لن تصنعه بأيديها وحدها كما تعودت في سبعة و عشرين عاماً مضت ، الفاعلون الجُدد على موعد مع مقارعة النظام ، و ستكون أولى معارك التحرير في ساحة حرية النشر و التعبير و الإنتماء السياسي و الفكري .. لا تطابق في الأفكار و المعتقدات إلا للوطن و الأمة .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة