|
عضلات الانقاذ بقلم عثمان محمد حسن
|
· كبَّر جاري في خيمة العزاء تكبيرة فجائية- كما يفعل أهل ( الانقاذ) في كل مناسبة- كان صوته جهيراً جداً.. التفتت إليه كل الأعناق في تجهُّم- ربما تحسباً لسماع ( منافق) ينوي القاء خطبة جوفاء عن مآثر الفقيد ( العظيم)..
· و تذكر جاري وقع ( بعض) التكبيرات على النفوس هذه الأيام.. فاستتبعها بتكبيرة أخرى:- " الله أكبر بتاعة المؤمنين، مش بتاعة الجماعة!" ضحك الجميع رغم ظرف العزاء.. و عادت الأعناق إلى قواعدها سالمة، لأن " الإيمان ما وقر في القلب و صدقه العمل"!
· يا رب غفرانك.. بذنوبنا قد سلطت علينا من لا يخافك و لا يرحم.. غفرانك!
· شاهدت امرأة تتوكأ على صبرها.. يبدو جثمانها عبئاً ثقيلاً عليها.. و هي تحمل كيساً من مستلزمات ( قدر ظروفك)، ما يفاقم الأعباء النفسية و الجسدية عليها.. كانت تحاول ركوب حافلة وسط الزحام بعد انتظار طال.. و ثمة عضلات قوية تدفعها يميناً و يساراً و إلى الخلف.. و غابة من سيقان عمياء تدوس على قدميها من كل اتجاه.. و كلما اقتربت من الباب وجدت نفسها خارج ( الحلبة) بضربة تكاد تكون القاضية.. و تعود إلى المحاولة من جديد.. تلك عضلات و سيقان تشرَّبت ثقافة ( الانقاذ) حتى الثمالة.. و امتلأت بمتلازمات ( المؤتمر الوطني) من فقر في الأخلاق.. و استئساد على ضعفاء السودان المكلوم..
· أطلت ( حاجة آمنة) من خلفية المشهد.. و " عارف الوجع في الجوف شديد... و عارف كمان ما بتقدري".. إذ أن نديدات ( الحاجة) من الأمدرمانيات ذوات الماضي الجميل.. انتقلن إلى حاضر تخيف فيه الكلاب الضالة الأسود المكبلة في القفص.. رأيتهن يخضن مياه الأمطار الآسنة و كل خطوة تقول:- " المعايش جبارة!"
· هربت العدالة الاجتماعية يوم دخل غول ( التمكين) ساحات السماحة.. و انقض على حارات ( الفُقرا قسموا النبقة).. فحمل السودانيون كل المعاناة في الحل و الترحال.. و محاسيب الانقاذ يصلون و يرتشون و يختلسون و ( يحللون) و يتزوجون مثنى و ثلاثاً و رباع.. و ( يُوَرِّطون) الجميع في متاهات الفقر و الضياع..
· غفرانك، ربنا! بذنوبنا قد سلطت علينا من لا يخافك و لا يرحم..!
|
|
|
|
|
|