|
عرمان وغندور والسباق نحو ميس البيت الأبيض بقلم صديق محمد عثمان
|
06:29 PM Feb, 10 2015 سودانيز أون لاين صديق محمد عثمان-لندن - مكتبتي في سودانيزاونلاين
وزع السيد ياسر عرمان الأمين العام للحركة الشعبية ومسوؤل العلاقات الخارجية بالجبهة الثورية خطابا ضمنه عشرة أسئلة موجهة إلى البروفيسور إبراهيم غندور مساعد رئيس الجمهورية للإجابة عليها خلال زيارته إلى الولايات المتحدة بدعوة رسمية من الخارجية الأمريكية. وكان ياسر قد أصدر قبل ذلك خطابا موجها إلى الإسلاميين في السلطة السودانية دعاهم فيها إلى ترجيح الإنحياز إلى شعبهم عوضا عن إستمرار الإصطفاف مع النظام. ولا تحمل أسئلة ياسر بشأن زيارة غندور إلى أمريكا جديدا من حيث المضمون ولكن دلالة رسالته أعمق بكثير من أسئلته، فخطاب ياسر يكشف عن حالة غضب إعترت الحركات المسلحة والمعارضة المتحالفة معها من توجيه الخارجية الأمريكي الدعوة رسميا لمسوؤل حزبي في النظام السوداني هي الأولى من نوعها منذ فترة ليست بالقصيرة، ولكن لأن ياسر والحركات لا يستطيعون توجيه أسئلة إلى الخارجية الأمريكية صاحبة الدعوة فقد أختار أن يوجه أسئلته إلى البروفيسور أبراهيم غندور. ولو أن ياسر تمهل قليلا لأدرك بأن هذه ليست المرة الأولى التي توجه فيها الإدارة الأمريكية الدعوة لمسوؤل سوداني بصورة تبدو مخالفة تماما لسياستها المعلنة فقد سبق للجنة الشئون الخارجية بالكونجرس أن إستضافت الدكتور حسن الترابي للإستماع لشهادته بشأن نظام الرئيس عمر البشير وذلك في العام 1992 وهو نفس العام الذي كانت الحكومة السودانية قد شنت فيه حملة عسكرية ضارية على مواقع التمرد بالجنوب والذي كان ياسر ضمن حركته المقاتلة. ثم تعددت لقاءات المسؤلين السودانيين سرا وعلانية بمسوؤلين أمريكيين منذ العام 1994 مرورا بالعام 1996 والذي شهد تطورا كبيرا بعرض الخرطوم التعاون الكامل مع الإدارة الأمريكية وهو التعاون الذي إمتد أثناء الإجتياح الأمريكي للعراق. ولا شك أن ياسر يدرك أن دعوة الخارجية الامريكية للبروفيسور غندور ليست مفاجئة ولا طارئة بل هي تأتي تطورا طبيعيا للسياسة الأمريكية تجاه السودان والتي تقوم على الضغط والإحتواء وتطوير تيارات داخله لتشكل اللبنة الأساسية للتغيير الذي تنشده الإدارة في السودان. أسئلة امين العلاقات الخارجية للجبهة الثورية لم تأتي من فراغ فلقد شهد العامان المنصرمان تنافسا كبيرا بين تحالف المعارضة الخارجي وبين النظام في الخرطوم على خطب ود التحالف الدولي الجديد القديم من خلال إتصالات مباشرة أو من خلال وكلاء التحالف الإقليميين، لذلك فإن أسئلة الأمين العام للحركة الشعبية هي في الحقيقة عبارة عن حملة إحتجاج في وجه الإدارة الأمريكية. بعد مفاوضات التجمع الوطني في القاهرة مع الحكومة السودانية في العام 2005 حكى أحد مفاوضي التجمع أنهم تفاجأوا بمستوى العلاقات الشخصية بين أفراد من وفد الحكومة المفاوض واللواء عمر سليمان مدير الإستخبارات المصرية وراعي المفاوضات حينها، وعبر عن أنهم في وفد التجمع المفاوض كادوا يصيحون لسعادة اللواء عمر سليمان وهو يصافح أعضاء وفدهم بجفاء بينما يحتضن بحرارة وفد الحكومة ويسألهم أسئلة شخصية تكشف عن حميمية العلاقات كادوا يصيحون فيه بأنهم هم جماعة القاهرة وليس هؤلاء!! .. يبدو لي أن أسئلة ياسر ليست بعيدة من ذلك. عقب إنقلاب الإنقاذ خرجت كل القوى السياسية إلى الخارج وشكلت التجمع الوطني الديمقراطي في أسمرا ومهما لاحت في الأفق دلائل وعلامات ضعف النظام وتفشي الخلافات العميقة داخله، فقد إختارت هذه القوى غض الطرف عن السوانح السياسية التي كانت كفيلة بأن تمكنها من إختراق دفاعات النظام وزيادة الخلخلة في صفوفه وترسيخ العمل الحزبي الداخلي وتوسيع مواعينه رويدا رويدا دون التخلي عن الكفاح الخارجي طبعا، ولكن هذه القوى ظلت تراهن على الخارج تماما حتى حين لاحت سانحة نيفاشا تأخرت القوى المدنية عن مبادرة القوى المسلحة وجاءت إلى الخرطوم ضيوفا على الأمر الواقع الذي أسسته نيفاشا وجلست هذه القوى في برلمان السلطة مجرد موظفين يتلقون الرواتب ويصطرعون فيما بينهم ويختلفون ثم خرجت من مولد نيفاشا بلا أثر يذكر في التأثير على مجريات الأحداث التي قادت نحو انفصال الجنوب. وربما يدفع الأخ ياسر عرمان بسجله غير المنكور خلال فترة نيفاشا ومحاولاته وزميله باقان أموم القيام بشئ ذا قيمة هنا وهناك، ولكن ذلك لا ينفي أن السبب الأساسي في فشل القوى السياسية في إستثمار الزخم السياسي لنيفاشا هو حالة العطالة عن الفعل والإستناد الكامل على العنصر الخارجي في الضغط على النظام لتحقيق بعض المطالب وعجزها المدقع عن تأسيس مواعين مدنية تمارس الديمقراطية وتنتزع الحقوق وتحمي الناشطين وتجبر النظام على القبول بالأمر المنطقي. ومنذ العام الماضي تكرر المعارضة ذات الخطأ ففي الوقت الذي انكشف لكل ذي بصيرة أن النظام وصل سدرة منتهى إفلاسه السياسي وبلغ الصراع بين أطرافه مراحل متقدمة جدا، وأضطر إلى الدعوة للحوار صدقا أو نفاقا فذلك لا يهم كثيرا بقدر أهمية إستعداد المعارضة ليس لإختبار نوايا النظام وإنما لتوظيف حقائق الواقع السياسي على نحو إيجابي، في هذا الوقت بالذات خرجت المعارضة تطلب النصرة لدى الأنظمة التي خبرتها سنين عددا فلم تنل منها خيرا وإذا كان ذلك حين كانت هذه الأنظمة راسخة فإن الامر الآن أكثر وضوحا وقد ذاقت هذه الأنظمة مرارة الهزيمة على أيدي شعوبها وأضطرت إلى خوض سبيلها إلى القصور التي أخرجت منها فوق دماء مئات الآلاف. لم يكن أقبح من محاولات النظام المستميتة طلب عضوية التحالف الإقليمي البغيض، إلى هرولة الحركات المسلحة إلى إعادة فتح مكاتبها في القاهرة وتصريحات بعض منسوبي تيارات ( الليبرالية) المزعومة وزعماء تحالف معارضة الداخل وبيانات بعض القوى السياسية تأييدا لإنقلاب السياسي. لعل الأخ ياسر عرمان وبقية الإخوة في الحركات المسلحة والقوى السياسية التي خرجت تبحث عن منافسة النظام في تقديم طلبات القبول والعضوية في التحالف الدولي والإقليمي يدركون الآن أن ما لم يستطع التجمع الوطني تحقيقه في 2005 لن يستطيعوا هم تحقيقه الآن، فالمجتمع الدولي المزعوم ليس منظمة طوعية توزع الرضا على الأطراف الإقليمية بل إن ذات المجتمع الدولي هو الذي ظل يدعم النظام في ظل المقاطعة الدولية المعلنة كما كان يفعل مع نظام جنوب أفريقيا، ولا أظن ياسر وتحالف الجبهة الثورية يفوت عليهم أن هذا المجتمع الدولي هو من ظل يدرب قوات الامن في العواصم الغربية ويمده بتقنيات التجسس والتصنت على الاتصالات ومواقع التواصل الاجتماعي، وهو نفسه الذي ظل يدرب الطيارين العسكريين الذين يشنون الهجمات على معسكرات النازحين في كلياته المنتشرة في العواصم الغربية، وهو نفسه الذي ظل يمد النظام باسبيرات الطائرات العسكرية عبر وسطاء كثر لا شك أن ياسر وغيره أقدر مني على حصر أوجه التعاون بين النظام وبين ما يمسى بالمجتمع الدولي. لقد صالحت الحركة الشعبية النظام وفقا لموازنات الخارج التي ساقتها قهرا إلى نيفاشا، ولم يكن العيب في مبدأ الصلح ووقف القتال فذلك فعل موجب ولكن العيب كان في التعويل التام على الخارج الذي قضى وطره من الحركة الشعبية ثم قام بتصفية زعيمها وعزز تعاونه مع اطراف في النظام.
ملخص القول أن النظام وهو في هذه الحال أنفع للجهات الدولية من الحركات المسلحة والمعارضة السياسية الأخرى، وهي تستخدم تطلعات هذه الحركات في إبقاء النظام على مستوى من الضعف يضمن استمرار تعاونه وتقديمه الخدمات الجليلة، وتتكفل هي بمنع هذه الحركات من بلوغ مرحلة تشكيل الخطر الحقيقي على النظام. في ظل هذه المعادلة فإن إستمرار المراهنة على الخارج هو في الحقيقة خدمة لأهداف الجهات الدولية. نعم نحن أعضاء في أسرة دولية كبيرة وعلينا التفاعل مع هذه أعضاء هذه الأسرة إيجابا ورعاية المصالح المعتبرة للشعوب الأخرى ما في ذلك خلاف، وبهذا الفهم فنحن جزء من منظومة شعوب الكرة الأرضية التي ترزح اليوم تحت نير أنظمة مهما ادعت الديمقراطية فقد تكشفت نتائجها عن ظلم فاحش، حري بالذي يحمل السلاح نضالا في سبيل قيم ومبادئ وأسس للحياة الكريمة حري به ألا يشترك في سباق في الإتجاه الخاطئ من الطريق ولا يهم أن يؤدي ذلك الطريق إلى البيت الأبيض.
مواضيع لها علاقة بالموضوع او الكاتب
- ابرز ملامح هذا العام عمق الازمه المتصاعدة في قلعه الارهاب الدولي المسماه اسرائيل بقلم أحمد ويتشي 07-02-15, 06:03 PM, الحاج حمد محمد خير
- وثائق نضالية من دفتر الاستاذ فاروق ابوعيسى 1-10 بقلم بدوي تاجو المحامى 06-02-15, 10:04 PM, بدوي تاجو
- لكن ليس قبل ذلك بقلم نورالدين مدني 06-02-15, 10:02 PM, نور الدين مدني
- العلمانية الصريحة او فأقرأوا الفاتحة على دين الذين امنوا قريبا بقلم جاك عطالله 06-02-15, 10:01 PM, جاك عطالله
- الاقتصاد العراقي.. مشاكل متأصلة وحلول مفقودة بقلم د. همام عبد الكاظم الجرياوي/مركز المستقبل للدراس 05-02-15, 07:45 PM, مقالات سودانيزاونلاين
- عجل السامري .. واسand#65276;م الناس بقلم صديق محمد عثمان-لندن 24-11-14, 03:21 PM, صديق محمد عثمان-لندن
- إعتقال المهدي خطوة مهمة في طريق الحوار الوطني صديق محمد عثمان 18-05-14, 00:54 AM, صديق محمد عثمان-لندن
- شمس تركيا الاسلامية تأذن بالمغيب : فاز اردوغان وخسرت الحركة الاسلامية التركية صديق محمد عثمان 02-04-14, 06:18 PM, صديق محمد عثمان-لندن
- معذبو الأرض في السودان ينتظرون حلاً! هل من مُعين؟ أحمد إبراهيم أبوشوك 31-10-13, 07:10 PM, أحمد إبراهيم أبوشوك
- الفصل الثاني من مسرحية النائب الاول 16-09-04, 12:40 PM, ساره عيسي-ام درمان
|
|
|
|
|
|