|
عدالة المعاشات والمنح الاضافية في قانون الضمان 2014 2/2/محمد علي خوجلي
|
محمد علي خوجلي Khogali 17@yahoo .com. تنص المادة (73) من مشروع قانون الضمان الاجتماعي 2014: يستحق معاش الشيخوخة إذا توفرت الشروط الآتية وهي: 1- بلوغ المؤمن عليه سن الستين أو سن التقاعد المنصوص عليها في نظام الاستخدام المتفق عليه بموجب عقد العمل بشرط ألا تقل عن ستين سنة وبحد أقصى خمسة وستين سنة. 2- عدم بلوغ المؤمن عليه سن الستين على ألا تقل سنة عن خمسين سنة عند اكمال اجراءات تسوية المعاش. ج- ألا تقل المدة المسددة عنها الاشتراكات عن عشرين سنة. د- يجوز لمجلس الوزراء بناء على توصية من الوزير المختص أو الوالي أن يستبقى المؤمن عليه من سنة إلى أخرى بعد سن التقاعد (ستين سنة) إلى أن يبلغ الخامسة والستين وتحسب هذه المدة لأغراض المعاش. ناقشت في الجزء الأول من المقال عناصر هذا النص وأضيف: أنه من الأسباب الرئيسية التي تدعم وجهة النظر باحتساب فترة العمل بعد الستين وحتى 65 سنة للفترة المعاشية لجميع المعاشيين، ما كشف عنه تقرير مسح القوة العاملة 2011 الذي أجرته وزارة تنمية الموارد البشرية والعمل من أن حوالي 35% من القوة العاملة بأجر أعمارهم ما بين ستين وحتى 65 سنة. وفي جانب آخر، نلاحظ بالنسبة للمعاشات المبكرة. 1- شرط بلوغ سن الخمسين للمعاش المبكر يفيد بالضرورة أنه مستحق للعاملين الذين يلتحقون بالعمل في سن الثلاثين (اعلانات لجنة الاختيار القومية لشغل الوظائف الشاغرة حددت سن الثلاثين كحد أقصى من شروط التقدم بطلب للجنة). وإذا أدركنا حجم البطالة (18% بحسب مسح القوة العاملة 2011) وبطالة الخريجين (90%) وواقع أن الكثيرين لا يتم استيعابهم لسنوات طويلة تبلغ أحياناً عشر سنوات فإن مشروع قانون الضمان الاجتماعي 2014 كان عليه الانتباه لهذا الواقع ومعالجته. وغير ذلك يعني حرمان أعداد كبيرة من الخريجين غير المستوعبين من الحماية الاجتماعية نهائياً. 2- والصندوق القومي للتامين الاجتماعي في الممارسة لا يعيد – أبداً – تسوية المعاشات المبكرة في الأحوال التي تقتضي ذلك. (عند بلوغ الستين، أو عند نهاية القرض لجزء من المعاش) وتشمل عناصر التسوية: 1- نسبة خفض المعاش. 2- التعديلات في المعاش خلال فترة الخفض. 3- رد المبلغ المستقطع لمقابلة أقساط القرض والمتغيرات التي حدثت. حيث دأب الصندوق على تطبيق الزيادات بالنسبة المئوية على المعاش المقبوض خلال تلك الفترات وليس أصل المعاش. وتخفض قيمة المعاش المستحق عند عدم بلوغ المؤمن عليه سن الستين على ألا تقل عن خمسين سنة عند اكتمال اجراءات تسوية المعاش وأن نسبته للمؤمن عليه الذي يترك الخدمة ما بين 50 وأقل من 55 سنة (15%) ومن55 سنة الى أقل من60 سنة (10%) (المادة 76– الجدول رقم 4). وكل أصحاب المعاشات المبكرة في صندوق التامين الاجتماعي تضرروا كثيراً ولهم مبالغ طائلة في ذمة الصندوق المالية. ومعظم قوانين التامينات الاجتماعية والضمان الاجتماعي في المنطقة العربية تتضمن منحاً اضافية تقدم في بعض حالات الاستحقاق تحسيناً لأوضاع المعاشيين وأسرهم ومن تلك المنح:- (1) منحة الوفاة: (وفاة المؤمن عليه الطبيعية أو بسبب إصابة عمل) ووفاة صاحب المعاش. (2) منحة نفقات الجنازة: لعائلة المؤمن عليه أو المعاش. (3) منحة الزواج: الأرملة، الابنة، الأخت.. التي تتقاضى معاشاً حيث تمنح عند زواجها وقبل ايقاف المعاش منحة (18 – 30 شهراً) أو مبلغاً مقطوعاً. (4) منحة المفقود: الإعانة في حالة فقدان المؤمن عليه المشترك في النظام أو صاحب المعاش. (5) المعاشات الاستثنائية: منح معاشات استثنائية أو زيادة في المعاشات أو مكآفات استثنائية للمؤمن عليهم أو المعاشيين. (6) العلاواة العائلية: وهي مستحقة لصاحب المعاش عن الزوجة والأطفال. (7) المنح المقطوعة: (إعانة الحمل، منحة الولادة، إعانة الوفاة، منح الكوارث والطواري). (8) التعويضات الاضافية: في حالة انتهاء خدمة المؤمن عليه بسبب العجز الكلي أو الجزئي متى أدى ذلك لاستحقاقه معاشاً، وانتهاء الخدمة بالوفاة، وثبوت العجز الكامل أو وقوع الوفاة نتيجة اصابة عمل أو مرض مهني بعد انتهاء الخدمة.. في السودان تضمن قانون معاشات الخدمة المدنية 1993 تعديل لسنة 2004م (الملغى بقانون 2014) المنح الاضافية التالية: 1- منحة المفقود: (مؤمن عليه أو صاحب معاش). 2- معاشات خاصة: (فقدان الحياة بسبب إصابة عمل أو مرض مهني، يمنح معاش يساوي الحد الأقصى للمعاش للدرجة التي تلي درجته صعوداً، كما تمنح العائلة بالاضافة للمعاش المستحق منحه تعادل أجر ستة أشهر عند الوفاة). ج- معاشات استثنائية يقررها مجلس الوزراء. أما قانون التأمين الاجتماعي 1990 تعديل 2004 فلم يشتمل على أي منح اضافية على الرغم من أن قانون التأمين الاجتماعي على السودانيين العاملين بالخارج 1997 (اختياري) تضمن المنح الاضافية التالية: 1- تعويض اضافي في حالتي العجز الكلي أو الوفاة. 2- منحة الوفاة: معاش ثلاثة شهور. 3- مصاريف الجنازة: معاش شهر. وحتى يحافظ مشروع قانون الضمان الاجتماعي 2014 على الحقوق المكتسبة بالقوانين القائمة قبل أن يلغيها فإن عليه تضمين هذه المنح وهي: 1- منحة الوفاة. 2- منحة المفقود. 3- منحة الجنازة. 4- المعاشات الخاصة. 5- التعويض الاضافي. 6- المعاشات الاستثنائية. لكن ذلك لم يحدث حيث تنص المادة (83) في مشروع قانون الضمان الاجتماعي 2014: (1) في حالة وفاة المؤمن عليه تمنح عائلة المؤمن عليه المتوفي إعانة وفاة مقدارها أربعة أشهر مرة واحدة بأجر التسوية. (2) في حالة وفاة صاحب المعاش تمنح العائلة إعانة مقدارها معاش شهرين دفعة واحدة. ونصت المادة (102) على:- "على الرغم من أحكام هذا القانون يجوز لمجلس الوزراء منح معاشات استثنائية في الأحوال التي يراها وبالفئات التي يحددها وبالشروط التي يضعها على أن تدفع الوزارة (المالية) للصندوق أي معاش يتقرر بناءً على ذلك بصفة مستمرة فيكون من الحقوق المكتسبة التي تضمنها قانون معاشات الخدمة المدنية 1993 تعديل لسنة 2004 وقانون التأمين الاجتماعي للسودانيين العاملين بالخارج 1997 وسقطت في مشروع قانون الضمان الاجتماعي 2014: 1- التعويض الاضافي في حالتي العجز الكلي أو الوفاة. 2- مصاريف الجنازة. 3- منحة المفقود. 4- المعاشات الخاصة في الأحوال وبالشروط التي حددها قانون معاشات الخدمة المدنية 1993 تعديل 2004 القائم. ومن الطبيعي أن يحافظ مشروع القانون الجديد على المكاسب في القوانين القديمة، ومن المفهوم أن يعمل المشروع على تطوير المنح القائمة بإدخال منح جديدة أو زيادة مبالغ المنح القائمة لكنه من غير الطبيعي الغاء حقوق مكتسبة بما يخالف الدستور ويكرس عدم العدالة. ومعروف أيضاً أن معظم دول العالم أخذت بنظام تقديم خدمات اجتماعية للمعاشيين أو المؤمن عليهم أو لكليهما ولكن تلك الخدمات تحكمها القوانين التي تحدد طرق تمويلها وشكل ادارتها والخدمات التي تقدمها وشروطها...الخ. إلا أن السودان اختار طريقاً لوحده لم يسبقه أحد عليه وهو تقديم الصناديق القائمة لما يسمى حزمة الاسناد الاجتماعي وهي:- كفالة الطالب/ الطالبة الجامعية، المصروفات الدراسية، علاج المعاشيين، الدعم الاجتماعي، رعاية المتفوقين، كفالة اليتيم والحج لبيت الله الحرام. وحزم الاسناد الاجتماعي لم تمنع قيام جمعية تطوعية هدفها جمع الرسوم الدراسية لطلاب جامعة الخرطوم.. ولم توقف النداءات اليومية في الصحف اليومية ولا البرامج التلفزيونية لذوي القلوب الرحيمة للحصول على دواء أو تكلفة علاج.. ولا صرخات الأيتام الخافتة.. وبالنسبة للمعاشيين فإن الحزمة تستفيد منها نسبة ضئيلة من المعاشيين لا تتجاوز الـ20% وهذه الحزمة تستنفد مبالغ طائلة وفي مرة فشل الخبير الاكتواري في معرفة كامل المبالغ التي صرفت.. وكيف يتم انفاذ حزمة الاسناد الاجتماعي في وقت لا تملك فيه الصناديق قواعد بيانات أساسية صادقة وحديثة.. ويساعد على كل ذلك أن الحزمة (خارج القانون) وهذا من أخطر الأمور. (في مرة أصدر مدير لصندوق التامين الاجتماعي قبل عدة سنوات توجيهاً باسقاط اسم طالبة من الكفالة، أو هكذا أفاد الموظف المسئول، بسبب مقالات لوالد الطالبة في الصحف اليومية ينتقد فيها أداء الصندوق)!! ومن جهة أخرى فإنه توجد عشرات الصناديق والجمعيات والاتحادات والمنظمات التطوعية التي تقدم ذات الحزمة ومنها من يتلقى اعانات مالية من الخارج، كما تهتم بالحزمة وزارات الرعاية والضمان الاجتماعي ومن تلك الجهات الكثيرة صندوق الزكاة والصندوق القومي لرعاية الطلاب، وصناديق رعاية الطلاب الولائية، والولاة، والاتحادات العمالية وعشرات المنظمات التطوعية الوطنية.. طريقان أمام مشروع قانون الضمان الاجتماعي 2014: (1) العمل على اقامة صندوق مستقل للمساعدات الاجتماعية، تموله الدولة والجهات الأخرى التي تنشط في حزمة الاسناد وغيرها من الدعم الاجتماعي وايقاف تمويله المجاني من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وهو الطريق الأكثر سلامة. (2) النص الواضح في القانون على الخدمات الاجتماعية التي تقدم للمعاشيين وتمويلها وادارتها وشروط منحها والغاء الإسناد المجاني لبعض المعاشيين دون سواهم.. ونواصل نقد مشروع قانون الضمان الاجتماعي لسنة 2014 وننظر في الجهاز الاستثماري لأموال الضمان الاجتماعي.
|
|
|
|
|
|