|
عتاب من غرفة العناية المكثفه سعيد عبدالله سعيد شاهين
|
[email protected]
اليوم ابنائى الذين ينتمون لى (سودانى سودانيه) اخاطبكم وانتم وانا (السودان) من المفترض ان نحتفل جميعا بمناسبة عيد الاستقلال والذى رفع علمه على سارية القصر الجمهورى صبيحة الاول من ياناير عام 1956 فى احتفال شهد لاول واخر مرة توحد الشعب السودانى بكل طوائفه فى فرحة صادقة نابعة من كل قلب .
بعدها تفرقتم شيع وطوائف واليوم اكملت 57 عاما . ومن غرفة العناية المكثفه التى اوصلتمونى لها
بتجاهلكم المتعمد لحالتى الصحيه وانصرافكم وراء مصالحكم الخاصه متجاهلين باصرار معنى برالوالدين
نعم يا ابنائى وبناتى الحسرة تملأ جوانحى وانا (السودان) وحيدا فى العناية المكثفه سياسيا اقلب مسيرة سبعة وخمسون عاما اعاتبكم لان كشف حسابكم زاد من اوجاعى واليكم الكشف بتجرد وصدق عسى ولعل تصحى ضمائركم وتعودوا الى رشدكم.
اخاطبكم بصدق وتجرد ولأن التاريخ لا يكتب وفق العواطف والأهواء بل بتسلسل الاحداث وربطها بعضها البعض ومن خلال تراكم الاحداث ومجرياتها حسب مراحلها وتاثر المراحل اللاحقه بالسابقه ، لقد لاحظت من مراجعاتى ان سبب ما انا فيه حاليا راجعا الى
اولا الخطأ القاتل الذى وقع فيه متعلميكم ومثقفيكم الاوائل والذين اسسوا مؤتمر الخريجين ومنه خرجت التكوينات السياسيه الكبرى والمؤثره مثل حزبى الامه والاتحادى الديمقراطى حيث بتعجلهم تسنم زمام السلطه ارتموا فى احضان البيوت الطائفيه فى تبادل للمنافع والمصالح المشتركه ، مما افرغ الديمقراطيه والتداول السلمى للسلطه من محتواها بسبب رئيسى هو عدم وجود برامج واضحه لاى حزب يتم نيل الثقة الانتخابيه بموجبها ومن ثم المحاسبه فى حالة الاخفاق فكانت العمليه الانتخابيه تتم بالاشاره لدرجة ان احد المرشحين المتعلمين قال قولته الشهيره لو رشحنا حجرا لفاز!؟ قالها فى قلب الخرطوم بل ان اكبر زعيم حزب طائفى بدأ حياته بدائره مغلقه للبيت الطائفى . فكان كما يقولون زواجا كاثوليكيا بل تزاوج غريب بين العلم والجهل والاميه وهذا ما يمكن ان نسميه بثقة (ديكتاتورية ديمقراطية الاشاره !؟) وهو من امراض السياسة السودانيه الفتاكه خاصة وان البيتين تتناوشهم تهمة الصناعة الخارجيه ان لم يكن دعمهم الكامل متمثلا فى الانجليز والمصريين
ثانيا الاحزاب العقائديه تكونت خارج رحم الوجدان السودانى حيث مولد الحركه اليساريه ممثله فى الحزب الشيوعى نشات فى مصر والاسلاميه ايضا اتت من مصر ممثله فى الاخوان المسلمين كاول مسمى للاسلام السياسى بالسودان وكلا الحزبين توشحا بستار الديمقراطيه واس برامجهما اثبتت الايام عكس ذلك
ثالثا تداولت كل الوان الطيف السياسى خاصة الاربعة الكبار السلطه سواء عبر ديمقراطية الاشاره او الانقلابات العسكريه غض النظر عن فترة استلام السلطه او المشاركه فى سلطه عسكريه ، وكلها دون استثناء كانت من تراكم ما اعانيه من امراض اليوم كدوله بين الدول
رابعا تطور الامر الى رفع السلاح بين ابناء الوطن الواحد
خامسا كان نتيجة ذلك ان اصبت بداء (السكر السياسى) مما تسبب فى قطع ارجلى متمثلا فى انفصال الجنوب والذى يتحمل وزره الجميع دون استثناء لان تراكماته بدات منذ الاستقلال وعدم حل مشكلة الداء . بداية من مؤتمر المائده المستديره الى ان استفحل المرض وبترت الارجل
كل هذه الاشياء اجهضت معنى الاستقلال بل اعادتنى الى مربع الاستعمار بثوب جديد اكثر مضاضة والما مما ادخلنى العناية المكثفه مهددا بخطر الرحيل
فيا ابنائى وبناتى وانا فى لحظات الاحتضار ارجوكم ان تساعدونى لاسترد عافيتى ولا يتاتى ذلك الا وفقا لروشتة الاطباء والتى تحتوى على
ان تمارس كافة الاحزاب العمل السياسى بصورته الصحيحه داخل احزابها اولا بعقد مؤتمراتها بحرية تامه من القاعده للقمه وفق برنامج واضح وملزم مع تحديد فتره زمنيه قصوى لرئاسة الحزب
الرفض التام للسلطه العسكريه الا وفق ضرورات وضوابط تضمن فى الدستور تحدد متى يستلم الجيش السلطه ومتى يعيدها للمارسة الديمقراطيه
نبذ العمل المسلح ضد السلطه تحت اى ظرف من الظروف ولا يتم استخدام السلاح الا للجهات المعنيه وهى الجيش الشرطه الامن الوطنى او بترخيص حسب القانون
التحريم الكامل الاستعانه او السماح للتدخل الخارجى فى الشان السودانى مهما كانت درجة الخلاف فاذا لم يتم استنهاض الهمم وكسب الراى العام لقضية معينه يعتبر هذا عجز سياسى وضعف فى ممارسة العمل السياسى بمعنى التفريق الصارم بين معارضة النظام كسلطه وتهديد امن الوطن حيث التدخل الخارجى له فواتيره الباهظه
العمل باخلاص وهمة لوضع الدستور الدائم بعيدا عن المكايدات واعلاء قيم المصلحة العليا
على السلطة الحاكمة اليوم ان تعلن فض الاشتباك بين سلطة وهيمنة الحزب واتاحة الفرصه بحرية تامه ليتنادى كل ابنائى وبناتى للوقوف بجانب محنتى و هذا هو بداية العلاج كما موضج فى الروشته لان فى عهدها والذى اخذ فرصته الكاملة فى السلطه باتت احذية واسلحة الاجنبى تقلق مضجعى وتزيد من اوجاعى مما يجعلنى فى هضربة الحمى السياسيه انادى باعلى صوتى اين الاستعمار القديم واصرخ فيكم جميعا يا ابنائى اغلقوا صوت المنادى (باليوم نرفع راية استقلالنا) حتى نعيد للعلم هيبته وللسيادة معناها وتعود ارجلى الىى مكانها سالمة معافاة والطب الحديث اقدر على ذلك
ابنائى وبنات (السودان) يا من تنتسبون اليه انشادكم وانا فى اقسى لحظات ضعفى ان تولونى عنايتكم واحضار الدواء المطلوب حتى اعود متعافيا وهذا ابسط حقوق الابوه فلنفتح طاقة امل جديده حتى نغنى فى عاما القادم من اعماقنا اليوم نرفع راية استقلالنا ونتذوق طعمها
تركتكم بعافيه وماعافى عنكم وانتم لاهين عنى فى شدتى بين االحياة والموت
وكل عام وكلنا بخير وصحه سياسيه واقتصاديه وجسديه
وآخردعوانا اللهم جنبنا الشقاق والفرقه وولى فينا من يصلح الحال ويعدل بين العباد واهدنا جميعا لما ترضاه
و صلى الله على سيدنا محمد
|
|
|
|
|
|