يقول علماء المسلمين لا اجتهاد في ما فيه نص. ولا يبرع عبد الجبار عبد الله إلا في الاجتهاد في المنصوص عليه. فقد كتبت في مناسبة انعقاد مؤتمر الحزب الشيوعي السادس كلمة عن السبب الذي دفعني للاستقالة عنه في 1978. وتغاضى عبد الجبار عن هذه السبب بصورة مطلقة سوى أنه تأخر أربعين عاماً وكأنه لم يسمع أن تتأخر خير من ألا تأتي بتاتاً. خلافاً لذلك راح من خبث طويته يبحث عن أسباب أخرى لخروجي وإن عازته كذب بغير تحرج. سبق لي القول إنه كان بوسع عبد الجبار أن يقف على أسباب خروجي على الحزب في اجتماع له بمحمد إبراهيم نقد، سكرتير الحزب الشيوعي السابق، في مكتب الكتاب والفنانين الشيوعيين الذي كانت لي قيادته. فحدثهم عن ملابسات استقالتي قائلاً: "لم يوضح لنا عبد الله أسباب استقالته من الحزب، ونعلم أنّ له أسبابه، ولكنه سلّم ما لديه من وثائق وممتلكات للحزب وخرج فجأة، وقررنا من جانبنا أن لا نعاديه وأن لا نهاجمه". وواضح من اجتهاد عبد الجبار الأخرق في ما فيه نص (وهو استقالتي لسببي الذي ذكرته) أنه كان للحزب أسباب احتفظ بها للنسنسة من وراء ظهر الهيئة الحزبية مناط المعلومة. فأرخى عبد الجبار أذنه لهذه النميمة وأقعى لها ك"مثقف" ملازم للفروة منشرحاً "وقايم سداري" بما يخصه القادة البواسل من النفايات اللدنية. فقال عن التجاني الطيب، قدس الله سره، إنني خرجت لعشمي في مصالحة نميري في 1977. ولم يعرف عبد الجبار إلا بعد "مساعدة رفاقية ما" أنني تداولت هذا الأمر مع عفراء عبد الرحمن طوعاً كبعض سيرتي في برنامج تلفزيوني لها بقناة الخرطوم. ونشرت في ردي على عبد الجبار رسالتي للسكرتارية المركزية عن وجوب قبول الحزب بالمصالحة. وفيها طعنت منطق بيان الحزب الذي استنكف دخولها بمطاعن جدية. وبالطبع ساء عند الشيوعيين فقه المصالحة منذ أزرى بهم أعداؤهم بعد ثورة أكتوبر 1964 لقبولهم دخول المجلس المركزي خلال عهد عبود في 1963. وبلع بهم الهوان أمام عقائدهم "عن المصالحة" وممارستهم أن اعتذر التجاني الطيب، قدس الله سره، رسمياً عن اشتراكهم في ذلك المجلس. ولم يكن مأذوناً في هذا التنصل بغير مراجعة حزبية مسؤولة ومنشورة للتجربة كما بينت في كتابي "صدأ الفكر السياسي السوداني". وأصبحت المساومة عندهم عاراً ماركسياً بنص الشاعر أمل دنقل: لا تصالحْ! ..ولو منحوك الذهب وهجروا فقهها الماركسي. فلم يُرَوح عليهم شعر فردريك إنجلز فيها: البعض يقول لا مساومة أبداً. إنها سذاجة أن يجعل المرء من جزعه الشخصي برهانا نظريا. ناهيك عن قبس اللينينية التي اسعفتنا خلال الممارسة فسوغت لنا دخول المجلس المركزي بفقه قد يجده عبد الجبار في "كتاب ثورة شعب". لقد قرأنا "عن المساومة" للينين على معلمها الأول راشد فلا تأتيني بسيرة ناس متلك متلك. ثم لمّح في معرض أسباب خروجي إلى نسنسة أخرى من التجاني، قدس الله سره، وأنتظر منه بباناً أوفى ليعرف الظالمون أي منقلب ينقلبون. وعاد عبد الجبار في رده عليّ بمزيد من نسنسات من لازم فروتهم. فقال عن التجاني الطيب، تقدس سره، إنني تركت الحزب بضغط أسري مارسه عليّ أخي الزين على إبراهيم الذي "كان عضواً نشطاً في الاتحاد الاشتراكي أثناء المصالحة وبعدها". خسئت يا عبد لجبار وخسيء التجاني الطيب. لقد سد الزين الفرقة في الأسرة بقوة حين تورطنا في عقوق الوالدين "ممن ربياني صغيراً" في صحبة الأراذل ممن نزعت حياة السرية الطويلة السدى عنهم الحياء والأدب والحفاظ. وسيسألك الملكان يا عبد الجيار يوم الحساب إن لم تأت بمستند عن انتظام المرحوم الزين في الاتحاد الاشتراكي. ولن تعدمه طالما كان المرحوم نشطاً في ذلك التنظيم نشاطاً بلغ التجاني ممن بسمعه وعقلة وقر. و"سوادانيزفوراول" تقيف ليك إن لم تنشر فيها مثل هذا المستند. ثم روى عبد الجبار عن التجاني الطيب، قدس الله سره، أنه اكتنف استقالتي عن الحزب وعودتي للعمل بجامعة الخرطوم (وبعثتي الدراسية بفضلها) شغل أمني رعاه كمال حسن أحمد. وكمال بلدياتي ولم أتعرف عليه بعد مع أنني دخلت أكثر بيوته لزيارة والده وبصحبة أخيه عثمان وابن عمه وخالد الكد. ولم التمس منه بهذه الصفة بواسطة خالد سوى أن يعيد لي من مصادرات الأمن من منزلي أشرطة كاسيت حملت تسجيلاتي الحقلية لرواة تاريخ الكبابيش وشعرائهم ومغنيهم. وهي عهدة جامعية. أما عودتي لجامعة الخرطوم فقد حكمتها إجراءات المصالحة الوطنية التي احتفظ الأمن القومي فيها بحق التعليق على عودة أمثالي إلى مواقع عملهم القديمة. واجتزت إجراءات الأمن كما اجتازها محمد سعيد القدال وجلال الدين الطيب وعلى محمد خير. ومذ صرت في الجامعة استحققت التدريب أو استكماله مثل غيري. وبدا لي أن عبد الجبار لم يسعفه تكتيك "قدر ظروفك" ليتفادى الأخذ بسبب استقالتي كما هي في نصها بجد فأراد أن يزيدنا بيتاً من خياله الأشر. فاتفقت له قراءة خاصة "لما حدث لي على الصعيد الشخصي الوجداني". فجاء بقصة سقيمة مفادها أنني تيتمت بعد رحيل أستاذي عبد الخالق محجوب في سياق هزة يوليو 1971. ولم يطب لي المقام بين وجوه قادة بواسل وسموا تلك الفترة الحرجة بمثل "بصمات التجاني الطيب الأسطورية". وود لو أنني صرحت بلين ركبي في حضرة "أهل الوجوه الصارمة" من مثل التجاني الطيب قدس الله سره. ولا أدرى لما احتاج عبد الجبار لهذه القراءة "السيكولوجية" (غير المأذونة) "على الصعيد الشخصي الوجداني" لشخصي ليقول إنني "انفنست" كما يقول عامة الشيوعيين. قولها وخلصنا يا عمي. ولكن لمثقف "قدر ظروفك" تفانين وادعاءات وقراءات غميسة ألهمها له مجمع الآلهة وأنصافهم في س م. بسحروك يا عبد الجبار وحاة أمل دنقل بسحروك وحاة مهدي عامل بسحروك ووحاة نيتشه بسحروك ووحاة ماركيز المنتظر (لأنه لم يستشهد به بعد في مضمضته بالأسماء) بسحروك "بسحروك يا ولد" كما قال عبد الله عبيد أحمد ذات عمود صحفي قديم.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة