عارفنكم كضابين و ما بتقدروا تعيشوا من غير تكضِّبوا.. و عارفينكم دجالين.. تلعبوا بعقول السذج، ناس قريعتي راحت. بقينا نقرأ أفكاركم لما تتكلموا زي ما بنقراها ما بين السطور لما تكتبوا.. و دي من المزايا المكتسبة من خلال معايشتنا ليكم و اكتشافنا الرزايا الكامنة في مشروعكم ( الحضاري).. و من بلاوي طالعة منكم و ابتلينا بيها.. و مع ذلك تسرحون و تمرحون و تخاطبون الجماهير لقاءات عامة..
وصل الكبير إلى الساحة.. و بدأت جوقة التهليل و التكبير تردد نشيد الإفك و التدليس و الوصولية- و انبرى قائد كورس الهتِّيفة يطالب الجماهير أن ترحب بالرئيس ( المؤمن) بما يتوافق مع الايمان و الاسلام:- " تكبير!" صمت مطبق في الميدان.. إلا من الجوقة ( المتمكنة).. صوت طائر الشؤم حط على رؤوس الجماهير.. كرر قائد كورس الهتيفة ( الطلب ) :- " تكبير!".. :- " تكبير!" :- " تكبير!" و يتكرر مع كل الطلب (الشحذة) صمت مصاحب لأصوات الجوقة ( المتمكنة)..!
و بدأت الجماهير الأخرى تتسلل فرداً فرداً إلى بيوتها بعيداً عن التكبيرات و التهليلات القادمة و هي تفكر في العدوان الذي وقع على القوت و الدواء و البيوت..
لم يعد يهم الناس في البيوت، حالياً، سوى الحديث عن أنابيب الغاز و الاعجاز في الحصول على أنبوبة غاز واحدة.. ( دي جبتها كيييف؟!) فيأتي رد من الذي حاز على الأنبوبة:- ( طاردت الدفار من محِل لمحل.. و كل محل أمشيهو ألقى ليك أنابيب كتااااار مرصوصة، مع إنو المقرر لكل ميدان 20 أنبوبة بس.. و الناس عارفة الكلام.. و مع ذلك بتخلي أنابيبا الفاضية في الصف لغاية ما يجي دورها بعد يوم يومين تلاتة.. لكني و اصلت مطاردة الدفار لغاية ما وصلنا ميدان فيهو 4 أنابيب بس، و طوالي ختَّيت أنبوبتي في نمرة خمسة في الصف..!)
هكذا تحدث شاب يمتلك ركشة و لديه متسع من الوقت كفيل بمطاردة الدفار تحت شعار ( وراك.. وراك.. و الزمن قدامنا!)..
هل كنت معي حين أسرج وزير البترول حصانه و انطلق في البرلمان يذود عن تقصير وزارته بالكلام الأجوف؟ ألم أقل لكم بأن كل دستوريي الانقاذ لديهم ( دستور) لذلك يشربون نخب انتصارهم على الأمانة و شرف الكلمة و البرلمان، يصفق لهم؟
وقف وزير البترول ذاك أمام البرلمان متشدقاً:- " الغاز موجود فى الاسواق و يمكن الحصول عليه خلال اسبوعين ، لولا الحصار وشح موارد البلاد من العملات الصعبة" !!
تشويش مقصود يكتنف تلافيفه، حيث أكد عدم وجود الغاز حين تحدث عن إمكانية الحصول عليه خلال اسبوعين.. و ربط الحصول عليه خلال ذينك الاسبوعين بموارد البلاد من العملات الصعبة الشحيحة.. و هذا يعني أن الغاز سوف يظل شحيحاً إلى أن يتنازل الدولار عن العرش للجنيه!
يخافون أحياناً.. إنهم بشر في الخوف لكنهم غير بشر في مواسم الطمع و الانحدار إلى أسفل سافلين
و عليك ألا تفهم ما يقولون.. أو، إن شئت، فافهم عكس ما يقولون.. لأنك إن وثقت بهم باعوك للزمن القاهر.. أو ألقوا بك في أخدود بلا قرار.. أنت مربوط في معركة الدفاع عن النفس دائماً..
صار سعر أنبوبة الغاز 80 ألف جنيه.. أضعاف ما كان عليه قبل الأزمة.. و لا يزال الناس يتضجرون من أن كميات من الغاز تتسرب من الأنابيب المعبأة.. و بعضهم يشكو عدم ملء الغاز حسب الكمية السائدة في السابق.. الأنبوبة ( بِتنفِّس)، يقولون.. و اشترى بعضهم الأنبوبة بمبلغ 100 ألف ج .. و يتحسرون على الماضي حين كانت الأنبوبة تستغرق ما بين الشهر و ال3 شهور، و تستغرق اليوم اسبوعين، أو أقل، حسب القدرة على شراء أنواع و كميات الأطعمة المطبوخة..
يتكلم الناس و يحتجون.. و يكثرون من الغضب في البيوت.. و لا يخرجون إلى الشارع ليزلزلوا الأرض تحت أقدام الملاعين!
و ننام و نصحو و ملاك الموت يحوم فوق رؤوسنا.. و الأدوية المنقذة للحياة تقتل جيوبنا التي تعاني فقر الدم و الأنيميا المنجلية.. و تتصارع كلٌّ من وزارة الصحة الاتحادية و وزارة الصحة الولائية من أجل أيلولة التأمين الصحي إليها.. و التأمين الصحي ليس بطاقة تأخذك إلى الطبيب للكشف و معرفة الداء و تحديد الدواء.. كلا.. ليس الأمر كذلك! فنحن في سودان ( ورطات) الانقاذ، و ( التلتة) لازمة عليك كي تتحصل على البطاقة.. و تتبعها إجراءات مضنية لتصل الطبيب فيكتب لك ( الروشتة) التي لن تمر بها على الصيدلية لأخذ الدواء ما لم تذهب لمقابلة الأخصائي في أحد المراكز، البعيدة عن مكان سكنك، ليكتب لك روشتة أخرى و يوقِّع عليها، ثم تذهب إلى مكتب المحلية المختص.. تدفع مبلغاً فيعطوك دفتراً مكتوبة عليه الأدوية.. و عليه بيانات توضح فترة تجديد الدفتر.. و عليك دفع رسم التجديد..
أنت في دولة تعتمد ميزانيتها على الرسوم و الجبايات..
و كثيراً ما يهرب الدواء من الصيدليات ( المحددة).. فتدفع بك إلى الصيدليات ذات ( السبع نجوم)، حيث تبتسم لك كل أنواع الأدوية فاتحة ذراعيها، و ما عليك إلا أن تفتح لها جيبك في غضب!
يعتبر البنك المركزي الأدوية، غير المنقذة للحياة، سلعة مثل كل السلع.. فلا يسمح بالتعامل مع مستورديها إلا في ذلك الاطار.. و إذا ارتفع سعر الدولار، ارتفعت أسعار تلك الأدوية.. و آخر شكاوى الصيدليات هذه الأيام أن أسعار الأدوية قد زادت 100%.. علماً بأن الأسعار كانت أعلى من أن تتحملها معظم الجيوب التي هي أصلاً تحت خط الفقر.. هذا أشبه بالقتل البطيئ عبر الحرمان من الدواء!
و هو أسوأ من قتل الأبرياء في دارفور و جبال النوبة و تلال الأنقسنا، إلا أن سكان تلك المناطق يشاركوننا في الحرمان من الدواء، و لا نشاركهم في الموت الجماعي المباشر و لا في الجوع القاتل..
أمريكا تنوري.. يا أمريكا تنوري!
هاتفني ابن أخ لي مقيم في أمريكا، وضعت زوجته طفلة في السودان الاسبوع الماضي.. و للمصادفة وضعت زوجة أخ لي، مقيم في أمريكا أيضاً، طفلة في نفس اليوم.. و أفادني بأن بنت أخي- عمه- قد مُنحت يوم ولادتها شهادة الميلاد و شهادة الجنسية الأمريكية و بطاقة التأمين الاجتماعي، و في الطريق جواز سفرها الأمريكي.. كل ذلك دون أن يدفع أخي (بنساً) واحداً.. بينما ابنة ابن أخي لا تزال بلا شهادة ميلاد.. و لا شهادة جنسية سودانية و لا جنسية أمريكية.. و منتظراها إجراءات لا حصر لها للحصول على أي شهادة إثبات شخصية!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة