*ويصح أن يكون العنوان: بدل اكتئاب.. *ولكني فضلت أعلاه لأنه بات يرد على ألسنة الكثيرين في سياق التذمر.. *وشخصياً اعتدت على عبارة: لم يعد للحياة طعم.. *أو بالتعبير العامي (والله الواحد بقى ما حاسي بأي طعم للحياة).. *والسبب الأول في ذلك وطأة الإحساس برتابة حياتنا.. *حتى (الفلس) صار رتيباً...كئيباً...حزيناً...يفتقد دهشة الافتقار اللحظي إلى المال.. *فهو يتبع السوداني مثل ظله سنين...سنين...سنين...عددا.. *ومن ثم فهو اعتاد عليه- مكرهاً- مثلما اعتاد على شخصيات.. وسياسات.. و(محفوظات).. *اعتاد على شخصيات - حاكمة ومعارضة - لا تتبدل.. *وعلى سياسات هي نسخة كربونية من الأولى تتكرر عاماً...إثر عام...إثر عام.. *وعلى محفوظات حفظها (صم)...كحفظه محفوظات المدارس.. *محفوظات برامجية...وغنائية...وشعرية...وروائية.. *لا جديد، كل شيء بات معروفاً...مألوفاً...محفوظاً...مثل ضحكات السر قدور.. *حتى (ثلاثيات) مازدا فقدت عنصر الدهشة...من شدة التكرار.. *وقبل أيام مارس هوايته (المحفوظة) حتى وهو يلعب في أرضه...وبين جمهوره.. *والاختصاصي النفسي علي بدلو تحدث عن (النفسيات).. *قال حتى طلاب المدارس أُصيبوا بالنفسيات...دعك من بقية أفراد الشعب.. *وكلامه هذا مقبول.. ومهضوم.. ومفهوم......ومعروف.. *ولكن ما هو غير مفهوم حديثه عن اختلالات نفسية لدى كثير من المسؤولين.. *وقد يرجع ذلك إلى عدم التهيؤ (النفسي) للمسؤولية.. *يعني حين لا يحلم الواحد منهم بأن يكون مديراً...ثم يجد نفسه وزيراً.. *فهذا شيء فوق طاقة (النفس) على التحمل.. *وما يعانيه أبناء الشعب فوق طاقة نفوسهم.. وعقولهم.. وأعصابهم.. على التحمل.. *ما يعانونه جراء رهق الظروف المعيشية الضاغطة.. *ثم إذا أضفت إلى ذلك مشاعر الملل والرتابة والكآبة تصبح النفسيات نتيجة حتمية.. *فكل شيء يتكرر كل يوم...كل أسبوع...كل شهر...كل سنة.. *وعلي بلدو الذي يحذر من (وباء) النفسيات أضحى هو نفسه جزءاً من هذه (المكرورات).. *أضحى جزءاً محفوظاً...من (محفوظات) تسبب الملل.. *تفتح التلفزيون تجد بلدو...تفتح الراديو تجد بلدو...تفتح الجرائد تجد بلدو.. *بل في الجريدة الواحدة قد تجده كاتباً...وضيفاً...واستشارياً.. *وصار ينافس- في كثرة الطلَّة -المسؤولين...والمغنين...والمذيعين... و(المكتئبين).. *ويقترح من كان سبباً في كلمتنا هذه اقتراحاً عجيباً.. *يقول إن على الدولة إضافة علاوة (بدل اكتئاب) إلى علاوات الخدمة المدنية.. *تماماً مثل علاوة بدل سكن...وبدل ترحيل...وبدل شدة.. *ويعضد اقتراحه بالإشارة إلى ترتيب شعبنا في قائمة الشعوب الأقل سعادة.. *فالسودانيون- الآن- من بين أكثر أمم الأرض تعاسة.. *وأحد أسباب تعاستهم هذه- بخلاف الوضع المعيشي- رتابة تكتم على أنفساهم.. *ويكفي دليلاً على ذلك مشاهدة (عرض العاشرة الإخباري). *إنه يكاد يكون ذاته منذ سنين...سنين...سنين عددا !!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة