فجأة لاح من الباب ضابط مهاب الجناب..كل العسكر أعادوا ترتيب أوضاعهم ..منهم من ألقى التحية وبعضهم تجاوز المكان بسرعة..نظرت سهام الى الرجل وفي عينيها استعطاف..تمنت أن يساعدها الضابط في أن تتحدث بهدوء ومودة الى زوجها ..الحديث من وراء الحاجز الحديدي في السجن مزعج..كانت دائماً تشعر أنها تتحدث الى زوجها بصوت مسموع..كانت تتمنى أن يمرر زوجها كفه على كفها..قبل أن تقرر تقديم استرحام عاد الضابط الى إدراجه بينما تقدم الصف خطوة واحدة إلى الأمام. بعد دقيقة وقف أمام سهام جندي نحيل..بدون مقدمات أمسك ب(عمود) الطعام وخاطبها "النقيب الخنجر عاوزك في المكتب"..دخلت سهام باستحياء جعلت نظرها في الأرض ثم لزمت الصمت..أمسك الضابط بورقة صغيرة و سال ضيفته عن اسم النزيل..أمر الجندي ان يحضر وائل الطيب سعيد..حاول الضابط الشاب إجراء عملية استطلاع سريع..يريد ان يعرف أي النساء في مكتبه ..عمله في اقسام الشرطة ومن بعد ذلك السجن جعله يسيء الظن بالمجتمع..منذ ثلاث أعوام يبحث عن امرأة عفيفة لتشاركه الحياة كزوجة..هاجس الزوجة الخائنة كان يسيطر عليه ربما لانه لم يكن شخصاً مثاليًا. دون ان تتحدث انسحبت سهام الى خارج المكتب..أدرك ضابط السجن ان الضيفة لا تريد أن تتحدث أمامه..لحق بها خارج المكتب ..طلب منها ان تستريح في المكتب حتى يأتي وائل قال الاسم هذه المرة غير مقرون بكلمة نزيل..بدا مهتماً بالفتاة الجميلة والهادئة ..رفع (الكاب) بزهو وقال لنفسه سأعرف القصة. انصرف الضابط الى حيث ملفات النزلاء.. الملف (١٨٠٩) وائل الطيب مهندس مدني يبلغ من العمر ثلاثة وثلاثين عاماً..متزوج من سهام الحسن..ربما صفة زوج ليست دقيقة سهام ووائل أكملا عقد القران قبل عامين ..الآن كل شيء مع وقف التنفيذ..حلم الزوجين يتوقف على جلسة طلب إعسار في المحكمة..المستقبل بين يدي قاضي لا يرى شيئاً غير أوراق ومستندات..بعد اطلاعه على الملف ومن واقع خبرته تأكد له أن المهندس الشاب سيمكث في السجن سنوات طويلة. ..أغلب الظن أن الشابة الجميلة لا تدرك هذه الحقيقة.. قرر النقيب الخنجر أن يضع نفسه على قائمة الانتظار. عاد النقيب الخنجر الى مكتبه وبدأ يشعر أن الشابة الحزينة والتي ترتدي حجابا أنيقاً لن تكون شخصية عابرة في حياته..حينما دخل الى المكتب وجد الضيفة غارقة في دموعها..لم يكن من السهل استنطاقها في مثل هذه الأحوال ..انصرف النقيب الخنجر منزعجاً يبحث عن المراسلة حسن كباية ..هذا المراسلة مثل راديو لندن يقدم الموجز في نصف دقيقة..بالفعل بعد أن ضرب الأرض معلنا التحية العسكرية زف كباية الخبر "سعادتك حالة طلاق"..أكمل التفاصيل وائل الطيب سعيد خسر الإعسار بالأمس ثم مر على المحكمة الشرعية مع حراسه وطلق زوجته. عاد الضابط الى مكتبه بصحبة حسن كباية..حاول كباية أن يمارس القهر ويطرد الضيفة من المكتب.. زجره النقيب بنظرة جعلته يبحث عن باب الخروج ..انكفأ النقيب على الطاولة متوسداً يديه.. نزلت من عينيه دموع غسلت ضميره الذي أنبه كثيراً..عاد الى مكتب الأرشيف يبحث في ملف وائل الطيب سعيد ساعياً ليجد عنوان الدائنين ليشاركوه الحزن.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة