|
صيف الحسم وعام إسقاط النظام.. يا لوجعك يا وطني..! بقلم يوسف الجلال
|
حرج بالغ، ذلك الذي ارتسم على وجه الإمام الصادق المهدي، غداة انتهاء المهلة التي حددها لاعتزال السياسة. حرجٌ مرده إلى أن الرجل طالب المؤتمر الوطني بقبول (الخيار الناعم لتفكيك النظام)، وإلا فإنه سينضم إلى خيار "الإطاحة الخشنة بالنظام"، أو التخلي عن العمل السياسي.
وسرعان ما تآكلت الأيام وانقضت الساعات، إلى أن بلغت الدورة الكونية نهار السادس والعشرين من يناير 2011م، وهو اليوم المحدد لشروط المهدي. لكن "الوطني" لم يعر المقترح أدنى التفاتة، ومضى سادراً في انفراده بالسلطة، غير آبه بشروط ولا رجاءات زعيم حزب الامة، وهو ما جعل الرجل في حيرةٍ بالغةٍ، بعد أن تهيأ الكثيرون لسماع قرار الاعتزال.
لكن المهدي نجا – بعبقرية – من الحرج، واستمر في موقعه دون أن يطرف له جفن، قائلاً إنه اختار ركوب بارجة الانتفاضة، ومعارضة النظام بالتي هي أخشن، بدلاً عن التي هي أحسن. وما هي إلا شهور معدودة، حتى طرحت قوى الإجماع الوطني التي اندغم فيها المهدي بفاعلية، رؤية جديدة لإنهاء حكم المؤتمر الوطني، اسمتها "خطة المئة يوم لاسقاط النظام". لكن المهدي الذي استفاد من حرج التعهدات المسقوفة، تفطّن إلى الحرج الذي يمكن أن يترتب على قبول الخطة الجديدة المحددة بمائة يوم، وسريعاً قام بنفض يده من الفكرة.
ويبدو أن المهدي تعلّم من تجربته السابقة، فقد تجاوزه الحرج الذي شربت منه المعارضة بمرارة، بعدما انقضت المئة يوم، دون الإطاحة بالنظام.
وعلى ذات النهج الغريب، مضى الأمين العام للحركة الشعبية ياسر عرمان، بعدما قطع في مداخلته بندوة حزب المؤتمر السوداني التي أقيمت أمس الأول، بأن "هذا العام هو عام التغيير واسقاط النظام"، وهي ذات التعهدات التي أطلقها رئيس الجبهة الثورية مالك عقار إير مطلع الأسبوع.. طبعاً لن نقول أو نفعل غير الانتظار حتى نهاية العام، لنرى النظام يترنح ويسقط، أو نرى الحرج يرتسم على وجه عرمان وعقار..!
الأكيد، إن المعارضة ليست وحدها التي شربت من كأس الحياء والحرج السياسي الناجم عن الوعود الزمنية المشروطة، أو التعهدات الجوفاء، لجهة أن الحكومة تملك نصيباً وافراً في هذا المضمار. أنظر إلى الحكومة تجد أنها تتوعد التمرد كل عام بصيف ساخن، أو صيف حاسم، وفقاً لمقتضى الحال، وطبعاً يمر الصيف ولا يُحسم التمرد..!
بل أسوأ من تعهدات المعارضة كلها، فإن الذاكرة الجمعية للشعب السوداني تحتفظ بتصريح قاطع وجازم لنائب رئيس الجمهورية السابق الحاج آدم يوسف، بعدما خرج إلى الملأ من منصة مدينة الرصيرص في صيف أبريل 2012م، معلناً أن "التمرد ما بخرّف معانا"، في إشارة إلى أن الحكومة ستكسر عظم الحركة الشعبية تماماً، لكن التمرد خرّف وصيّف، وجاء الحاج آدم نفسه ليقول في يوليو 2013م من خلال منصة قاعة الصداقة التي احتضنت فعالية خاصة بنساء جنوب كردفان، "إن الحكومة ستنهي التمرد قبل حلول الخريف". قال الحاج آدم ذلك، دون أن يطرف له جفن، تماماً مثل الصادق المهدي.
على رسِلكم جميعاً، فنحن ليس في مرحلة الدعاية الانتخابية. ومهلاً لأن "حبل المهلة يربط ويحل".
|
|
|
|
|
|