صلاح شعيب ، لماذا تريد لنا هذا ؟ بقلم عادل إسماعيل

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-12-2024, 02:09 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-02-2018, 11:02 AM

عادل إسماعيل
<aعادل إسماعيل
تاريخ التسجيل: 09-08-2014
مجموع المشاركات: 25

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
صلاح شعيب ، لماذا تريد لنا هذا ؟ بقلم عادل إسماعيل

    10:02 AM January, 02 2018

    سودانيز اون لاين
    عادل إسماعيل-
    مكتبتى
    رابط مختصر




    لا أستطيع أن أخفي استغرابي الشديد و استيائي اللامنتهي و أنا أقرأ للكاتب الكبير صلاح شعيب مقال له بشأن وجوب مقاطعة الانتخابات في 2020 لأنها خدمة لتزييف الإرادة .
    و صلاح من المثقفين النبلاء الذين يريدون خيرا للبشرية عامة ، و وطنهم الأصلي خاصة ، و تشربوا و عشقوا فنونه و أدابه ، حتى تحس أحيانا أنك تعرفه من شدة تعلقه بهموم الوطن . و لكن برغم هذا يبدو بعييييدا عن التحولات الكبرى المضطردة التي تمازج الوعي اليومي بل الساعاتي بل الدقيقي بل اللحظي ، الذي يشكل في مجمله وعيا جمعيا مبعثرا جديدا ، لم يألفوه . و هذه هي الغلوتية : وعي جمعي و مبعثر في نفس الفضاء !!
    و لكن ما هي الإرادة التي نريد حفظها من التزييف ؟
    إرادة الشعوب ، في واقع الأمر ، ما هي إلا وعيها المجسد لآمالها و طريق التعبير عنها . نقطة على السطر . فوعيك الذي تكتسبه هو الذي يملي عليك إرادتك و طريق التعبير عنها . و الوعي الذي نستطيع التحدث عنه ، في هذا المقام ، إنما هو ما تأتي به المعارف و التجارب التي يمكن قياسها بأدوات مفهومة لنا ، و ليس وعيا أنتجته تأملات و رياضات روحية أشرقت في نفوس أصحابها وعيا ساميا يلزم أصحابة .
    و ما أفتقده في صلاح و بعض الكتاب الذين أجبروا على المنافي ، أنهم ينظرون إلى الشعب السوداني و كأنه توقف عندما تركوه . و لعل هذا يفسر حيرتهم في ما يبدو كأنه استكانة من الشعب السوداني و معايشة له لنظام رديئ يبادله الكره و عدم الاحترام . كما لا يعني ذلك أن الشعب السوداني يظن أن صلاحا و قبيله المثقف قد تخلوا عنه أو أنهم تجاهلوه ، فهو يعلم أنهم مغلولو اليد لجهة إنقاذه من الإنقاذ . فكلما يريده منهم ، في هذا الشأن ، أن يفهموا إنه أصبح يكتسب وعيا غير ما ألفوه عنه .
    فعندما أخذ الإسلاميون السلطة في يونيو 1089 ، بقفاز عسكري ، لم يكن إنقلابا عاديا يحاول ، كغيره من الإنقلابات ، الزعم بأنه أتى لإحداث التنمية و تسهيل الحياة للشعب السوداني و إن أدعى ذلك في بداية أمره ، و إنما أعتقد الانقلابيون أن للشعب السوداني مشكلة مع السماء و هو يعرف حلها و الطريق إليها ، لذلك لم ير مفهموما لفكرة الوطن إلا داخل هذا الزعم . و هو ما قاد النظام ليعتقد أنه يفوق العالم أجمع باستعلائه بالإيمان ، و المسميات الإسلامية التي سادت حتى البصات و الترحيلات السفرية الإسلامية !!
    في هذا الجو الغريب و البيئة الموتورة ، سحب النظام الدعم الذي كان يتوفر على الرعاية الصحية و التعليم . و هما البندان اللذان يبرران وجود أي دولة طبيعية ، و هما أيضا البندان اللذان يصنعان الطبقة الوسطى التي أضطلعت بحركة التغيير على طول التاريخ البشري . و ما كان ذلك كذلك دوما ، إلا لأن الطبقة الوسطى تملك شيئين مهمين : الطموح للتغيير ، و الوعي الضروري بقضايا التغيير . فالطبقة العليا لها وعي بقضايا التغيير في عمومها ، و لكن ليس لها الطموح في عمومها ، أيضا . فهي طبقة عليا ، فإلى أي شيئ تطمح أن تكون ؟ و أما الطبقة الدنيا ، فهي عكس أختها العليا ، لها الطموح للتغيير في عمومها ، و لكن ليس لها الوعي الضروري بقضايا التغيير في عمومها ، أيضا .
    و لكن الطبقة الوسطى لم تختف كما تبادر إلى ذهن كثير من المثقفين ، ويسوقهم إلى قراءات عقيمة للواقع الذي يحاولون فهم مشاكله و ابتداع حلول له ، و إنما تغير شكلها و محتوها . و لقد جاء في مقال لنا ذي صلة :
    "عندما تشتت الطبقة الوسطى ، قليل منها إلى أعلى وكثير منها إلى أدنى ، ظهر فراغ لحظي في المنطقة الوسطى . فلم يعد فيها بشر يمثلها كما كان ، و لا مفاهيم وسطى كما كانت ، لتجذب الأطراف إليها فيما يسمى بالنسيج الاجتماعي .. و لكن الطبيعة لا تقبل الفراغ ، بل لا تردد في تعطيل أهم قوانينها تفاديا لذلك الوحش الكوني الذي يسمى الفراغ ، فعبأته بفئات جديدة وتلك هي طبقتك الوسطى الجديدة .. و لكن ما هي هذه الفئات ؟؟ وما هو وعيها المسؤول عن إجرائها مجرى الكتلة الحرجة التي تزرع بذور التغيير ؟
    كان التشريع العجيب المسئول من تغيير تركيبة الوعي في المتصل السياسي والاجتماعي في سودان الراهن ، هو سحب الدعم من قطاع الرعاية الصحية والتعليم حيث أصبحتا - كما صرح أحد المسئولين - دخلين إضافيين لخزينة الدولة !! ولكن هذين البندين - الصحة والتعليم - هما بندان عاجلان ملحان فوريان حاسمان ، و لهذا خرجت جموع الشعب السوداني المسحوب منها الدعم ، لتلبية هذين المطلبين فافترعت دروبا في الحياة غير مطروقة ولم تألفها من الماضي ، وهكذا ظهر الباعة المتجولون المتعلمون ، وسائقو الركشات والمواصلات العامة الاخرى ، وبائعات الشاي والأطعمة ، وأصحاب المهن القلقة .. إذن ، هذه هي طبقتك الوسطى الجديدة .. فما ظنك بها ؟؟
    وفي حقيقة الأمر، ما جعل التعرف عليها عصيا ، أن سيمياءها لم تعد تعلوها تلك الملامح المطمئنة التي ميزت رصيفاتها السوابق ، بأنها آخر الشهر تستطيع أن تقابل احتياجاتها الملحة بكل أريحية ، و أن نمط حياتها لم يعد متناغما مع بعضه البعض كالذي ميز رصيفاتها السوابق ، بأنها في وظائفها الوسيطة تبلور لها وعي متشابه المآخذ ، ترجم بدوره سلوكا متشابها وتصرفات يمكن التنبؤ بها ، ومن ثم إجراءها مجرى الصالح العام . وهو ما عنيناه حين قلنا إن الطبقة الوسطى قد تغير شكلها كما تغير محتواها..
    و لما كان الوعي هو الإبن الشرعي للتزاوج بين التجربة وخائضيها ، كذلك أنتجت تجربة الإنقاذ المريرة وعيها ووعي خائضيها .. فصار خائضوها يحملون وعيا ذا خصائص حاسمة لا مزاح فيها : إنه وعي فردي، و وعر، وعنيد ..
    فأما فردي ، فلأن التجربة التي خاضها أحدهم لمقابلة الاحتياجات الملحة المتعلقة بالصحة والتعليم ، تختلف عن التجربة التي خاضها الاخر ومن هنا جاءت الفردنة .. و أما وعر ، فلأن التجربة التي خاضها لم تسبقها تجربة تلطفها.. وأما عنيد ، فلأنه غير مستعد للتنازل عنه لأنه أبقاه حيا إلى الآن !!
    إذن، لتتمكن هذه الطبقة الوسطى من القيام بمسئوليتها التاريخية في قيادة حركة التغيير، علينا القيام بعملية تنغيم لتضاريس هذا الوعي ، ليصير وعيا جماعيا بدلا عن فردي ، ولدنا بدلا عن وعر، ومرنا بدلا عن عنيد .. وفي حقيقة الأمر، إن غياب هذا التنغيم هو السر في فتور تجاوب وتفاعل الشعب السوداني مع فئاته المخلصة التي نادت بالانتفاض وإسقاط النظام التحاقا بما يسمى الربيع العربي ..
    في الواقع ، أنا لست مرتاحا ولعلني مستاء من دفع الشعب السوداني ليقتضي أثر الشعوب العربية لإسقاط النظام .. فلم ينل الشعب السوداني مقام الاستاذية على شعوب المنطقة إلا لتقديمه محاضرتين عن كيفية تغيير النظم السياسية في وقت كانت شعوب المنطقة تعيش ديجورا حلوكا .. كانت المحاضرة الأولى في اكتوبر 64 وكانت المحاضرة الثانية في أبريل 85 ، ولذلك هم الآن يقتفون أثرنا ، فالمرحلة التي نحن خارجون منها هم يا دوبك داخلون فيها . فقل لي ، بحق السماء ، كيف نطلب من من هو أمام ، أن يسير خلف الذين يسيرون خلفه ؟؟ إنه ، و ربي ، لشئ عجاب!! "
    و ما نحب أن نوكد عليه في هذا المقال ، أن هذا الوعي ، الذي يتبلور رويدا رويدا في عقل و قلب الشعب السوداني ، لم يخرج من ماعون الأحزاب أو أي مكونات سياسية أخرى عاشت معه ، و هو ما جعل الحزب الحاكم يتهيب أصواته لذلك يسعى إلى تزويرها ما وسعه التزوير ، كما جعل الأحزاب تتهيب أصواته لذلك تسعى إلى مقاطعة الانتخابات ما وسعتها المقاطعة ( !! ) ، بحجة عدم نزاهة الحزب الحاكم ، و لا ندري لماذا يختارها الشعب في الانتخابات لو كان الحزب الحاكم نزيها من أصله !! . و لهذا لا يستطيع أحد في هذه الدنيا أن يزيف إرادة الشعب السوداني أو أن يخدعه مجددا . هذا من حيث إجباره على التصويت لمن لا يرغب فيه . أما من حيث تزوير أصواته ، و هذا متوقع ، فأن مشاركة عدد كبير من الناس في الانتخابات ، يجعل مهمة التزوير صعبة و يحد من قدرتها ، خصوصا أن الحزب الحاكم و الذين معه لم يعودوا جهة واحدة مصمتة .
    في حقيقة الأمر ، ما يحزنني جدا ، أن الاستاذ صلاح شعيب يرى أنه لا يملك بديلا سوى المناداة بالتغيير بالطرق التي ألفها ، و لا يضع اعتبارا ، أو في الواقع هو غير مدرك ، لصنوف الوعي التي أصبحت تشكل إرادة ، و من ثم ، خيارات الشعب السوداني . فصلاح ما يزال يعتقد أن شرط خوض الانتخابات ، أن تكون نزيهة و عادلة ، و كأن الحزب الحاكم يمكن أن يكون عادلا و نزيها ( راجع مقالنا الفائت بعنوان "حوار مع صديقي الانتفاضي النبيل" ) . و أغرب من ذلك ، أن صلاحا ، يقول في ختام مقاله مثار غضبي : "خلاصة المقال أن بناء الأمم أمر شاق، ويحتاج إلى رجال ونساء دولة ذوي بال طويل، ومثابرة خلاقة في تحقيق التغيير في العقول أولا. ومخطئ من يظن أن ثلاثين عاما من فشل المعارضة في إسقاط نظام استبدادي تمثل معضلة بلا حل. فالبناء الوطني يستغرق قرونا عددا كما دلت التجربة البشرية، وهذا يتطلب من الذين ينشدون تحقيقه أن يعملوا أولا على معالجة الخلل العضوي في تركيباتنا السياسية الذي يتوسد بنية تاريخنا الوطني. ومتى ما عالجنا أزمات أحزابنا التنظيمية فإنها ستتمكن حتما من إحداث التغيير"
    . فلماذا لا تعتقد ، يا عزيزي ، أن خوض الانتخابات يمكن أن يعتبر سيرا في هذا الاتجاه الطويييل ؟؟ و لماذا لا ترى أن الفوران و "الانفلات" الحزبي ، اللذين تحدثهما أجواء الانتخابات ، يؤديان بالضرورة إلى أن تنظر كل المكونات السياسية و المسلحة في خطابها الداخلي و الخارجي ، بما يشكل هزة مطلوبة للتربة السياسية الكلاسيكية و المستجدة ، و يؤديان ، أو في الحقيقة ، يساعدان على معالجة أزمات أحزابنا التنظيمية ، حتى تتأهل لنشوء مفاهيم جديدة جديرة بالتعبير عن هذا الشعب العظيم ؟؟ فلماذا ننتظر قرونا لبناء وطننا في الوقت الذي يمكن أن نبدأ فيه بالقليل الممكن ؟؟
    و لعلني أذكر ، الآن ، كم أثار حنقي صلاح شعيب ، ذات يوم ، و هو يحتفي بأطروحة تافهة و طفولية ، أطلقها أحد الموهومين ، الذين ينادون بإعادة احتلال السودان حتى يستطيع المحتلون حل مشاكله ، و كأنهم ينتظرون دعوة منه، و كأنهم لا يردون له طلبا ، أو كأنهم لا هم لهم سوى الدخول في معافرة مع بيئات يمكن أن تكون معادية لوجودهم ، أو كأنه يريد أن يحتسي شايا و يستمتع بما يستمتع به في الوقت الذي يبني له الآخرون وطنه بدمائهم و عرقهم !!
    عزيزي صلاح ، أتمنى أن تكف عن مثل هذه المجاملات الضارة ، و أن تفكر في كيفية مكافحة تزوير الانتخابات و حصرها في أضيق نطاق . و أن تدرك ، أيضا ، أن الأحزاب لا يمكن إصلاحها إلا بتسييل مفاهيمها و اختبارها لما تبقى لها من جماهير ، في التحرك تجاههم . و هي ، أيضا ، اختبار لما يعتقد أنهم جماهير الحزب الحاكم بفضحهم و خجلهم من هزال خطابهم ، فلن يستطيعوا الدفاع عن حماقات حزبهم . فبقليل من المجهود يمكن للتغيير أن يبدأ ، و يبنى عليه في المستقبل . و ستكون المحاضرة القادمة لأستاذ الشعوب هي في الانتخابات ، لأنه أدرك أن التغيير ، هذه المرة ، على المدى الطويل ، إنما هو انتخابي و ليس انتفاضيا . فلماذا ، إذن ، تريد لنا أن ننتظر قرونا ؟؟



























                  

01-02-2018, 03:31 PM

Biraima M Adam
<aBiraima M Adam
تاريخ التسجيل: 07-05-2005
مجموع المشاركات: 27615

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: صلاح شعيب ، لماذا تريد لنا هذا ؟ بقلم عاد� (Re: عادل إسماعيل)


    الأخ عادل،
    سلام ..
    هل أنت بترد علي مقال الأخ صلاح شعيب المرفق أدناه ..
    Quote: مشاركة المعارضة في انتخابات 2020 خدمة لتزييف الإرادة بقلم صلاح شعيب

    نظام الحركة الإسلامية المسيطر الآن على مفاتيح الحياة في البلاد لم يأت أصلا ليحسن مداولة السلطة سلميا وسط القوى السياسية. ولو كان رموز الإخوان المسلمين يؤمنون بديمقراطية الانتخاب حقا لما اختصروا طريقهم إلى السلطة بانقلاب عسكري. وإذا قرأ الذين ينادون بمنازلة السلطة انتخابيا فكر حسن البنّا، وسيد قطب، وبقية المنظرين، جيدا لما كلفوا أنفسهم مشقة التفكير في إمكانية هزيمة الإخوان عبر صناديق الاقتراع، أو توظيف المناسبة لاقتلاعهم إذا زوروها. ولو أن المنادين باللجوء إلى انتخابات النظام كحل لأزمات الوطن عرفوا كيف يدير الإخوان المسلمون الانتخابات الشكلية على مستوى النقابات، والاتحادات الطلابية، وبعض المؤسسات الاجتماعية، والرياضية، لأدركوا حقيقة معنى الإسلام السياسي. بل إن تجارب آخر انتخابات رئاسية، وجغرافية، أقامها النظام كشفت لنا بالوثائق الدامغة كيف أن التزوير هو جوهر هذا العبث.
    ولعل الذاكرة ما تزال تحمل فكرة خج الصندوق خجا متمهلا حتى يملأه المشرفون عليه ببطاقات مرشحي الحزب الحاكم. فضلا عن ذلك فإن كل هذه الانتخابات السابقة ظلت مسنودة برعاية الحزب الحاكم الذي يمول أعضاءه من مال البلاد، ويجدون كل الدعم اللوجستي الذي يفتقر إليه كل من هو غير مشارك في السلطة. الأكثر من ذلك أننا ندري أنه بعد أن تكتمل الإجراءات الصورية للانتخابات تذهب صناديق الاقتراع إلى دور الحكومة نفسها التي ينافس رموزها، وليس إلى مواقع محايدة. بل إن الذين يحرسون، أو يعدون، بطاقات الاقتراع هم نفسهم الأشخاص الذين يعيشون على كنف الذين يطرحون أنفسهم للفوز بالانتخابات. ولذلك لم تشهد البلاد طيلة نشوء فكرة انتخابات الإخوان المسلمين أي اقتراع يقوم على الشفافية التي ظللنا نشهدها في بعض فترات الحكم الوطني. ويجدر التذكير أن هناك مرشحين تابعين للحركة الإسلامية نزلوا ضد رغبة زملائهم الممسكين بالسلطة ولكنهم شكوا من التزوير الذي عبث بأصواتهم. فإذا كان الاسلاميون يزورون ضد بعضهم بعضا في انتخاباتهم داخل التنظيم وضد قواهم الأخرى التي انسلت من الحركة الاسلامية فكيف يكون الحال حين يتنافسون مع خصومهم الطائفيين، والأيديولوجيين، والمستقلين.؟
    إن كل انواع الانتخابات التي يجريها الإسلاميون هي الغش عينه، والذي يحسنونه، وللأسف يأخذ بألباب بعض سياسيينا، ومن ينشطون في مساحة التفكير الاستراتيجي. فالانتخابات وحدها مهما كانت شفافة لا تخلق تداولا سلميا لمناصب المؤسسات في القطاع العام، أو الخاص. فهي جزء من كل منظومة النهج الديموقراطي. وإذ إن أي انتخابات لا تبقى نزيهة إلا في نظام ديمقراطي كامل الدسم، فإن غض الطرف عن لوازمها الأخرى إنما هو مضيعة للوقت إن لم يكن حرثا في البحر. فالذين يتنافسون لنيل ثقة الناخب لا بد أن يكونوا معا على قدم المساواة في قدرات التمويل، ومساحات الحرية. فمرشحو النظام يستندون على "كسبهم المادي المخصوص من الدولة" وتعين حركتهم أجهزة إعلامية حكومية وخاصة، ومنظمات مجتمع مدني مدعومة من الدولة، وهناك إعانات أخرى مستترة. وبطبيعة الحال لا يقف المشرفون الفنيون على العملية الانتخابية ضدهم، إضافة إلى أن مؤسسات الشرطة، والأمن، لا تعترضهم، أو تعوق سعيهم للفوز. بجانب ذلك فإن الدولة بطبيعة نهجها هي دولة الذين ينافسون خصوم الإسلام السياسي في انتخابات الرئاسة، أو الاتحادات النقابية، والدوائر الجغرافية. إذن فعمليا تصعب منافسة مرشحي الحكومة في الانتخابات الماضية وكل التي ستعقبها لتزوير الإرادة الشعبية، وحيازة الشرعية الدستورية التي ما تزال تمثل عقدة للإسلاميين.
    يتضح أن الذين يقولون بأن مشاركة المعارضة في انتخابات الرئاسة ستنشطها حتى إن لم تفز سيتوقفون الآن من إنتاج أي نوع من التأمل لخلق بدائل للتعامل مع النظام طوال العامين القادمين. أي المطلوب منا أن نحطم آمالنا حتى في الانتفاضة حتى نريح أعصاب النظام بأنه لن يصاب بأذى طوال هاتين السنتين ما دامت الاستراتيجية المعارضة ستبنى منذ الآن لخوض الانتخابات.
    إن البحث عن استراتيجيات لتنشيط المعارضة لا يكمن بالضرورة وحده في الهرولة نحو مشاركتها في الانتخابات القادمة على ما في ذلك من مغامرة انتحارية سيوظفها النظام لإنهاء عقدة شرعيته.
    إن مشكلة ضمور الأحزاب التقليدية وسائر أحزابنا الأخرى عضوية. فهي عاجزة عن زيادة قواعدها، إن لم نقل المحافظة عليها، والتواصل معها لأسباب شتى، الجوهري فيها أن النظام الاستبدادي يتحمل جزء من المسؤولية عن هذا. فضلا عن ذلك فإننا نلاحظ أنه منذ مباركة السيدين لأبنائهم لأن يكونوا جزء من السلطة أفقرت معارضتهما. فإذا كانت زعامة حزب الأمة قد ضمرت بعد مشاركة عبد الرحمن في السلطة فإن الحزب الاتحادي الأصل، وعددا كبيرا من فصائل اتحادية اندمجت مع السلطة وتماهت فيها. أما بالنسبة للحزب الشيوعي، وحزب البعث، فإن تعويق كوادرهما في العمل العام والخاص، فضلا عن الانشقاقات عطل ذلك النشاط المؤثر. وبالنسبة للحركات المسلحة الرئيسيّة فلا اعتقد أنها نمت تواصلا مع قواعد في مناطق النزاع ناهيك عن سائر بلاد السودان. إذن فهذه المشكلة العضوية المتعلقة بتجذير القوى السياسية لنشاطها عبر القواعد الشعبية هو محك الإخفاقات المستمرة للحركة الوطنية. والحقيقة أنه رغم أفضلية ظروف ما سمي التحول الديموقراطي إبان تنفيذ اتفاق نيفاشا بالقياس للظروف الحالية فإن الأحزاب التقليدية عجزت من الاستفادة من ذلك المناخ لإحداث اختراق في التأثير المفارق على الرأي العام. ولعلها عجزت حتى من إصدار صحف مؤثرة تصل لقواعدها، وهي التي تدعي أنها ما تزال حينها تملك قواعد متينة في الريف والحضر. ولذلك يبقى من الخطل أن نتصور أن هذه الأحزاب، وبقية فاعليات المجتمع المدني المعارضة، قادرة على تحريك الشارع إبان الانتخابات، خصوصا أن للنظام قرابة ست فضائيات، ويسيطر على الأجهزة الإعلامية. وهناك عشرات من الصحف الموالية له بالإضافة إلى ذلك فإن قوانين النظام للعمل الصحفي تهدف للمزيد من التضييق، وما يزال البرلمان ينتظر مناخا مواتيا لإجازة قوانين في منضدته لمحاصرة نشاط شبكات التواصل الاجتماعي.
    إننا لا نتخيل أنه في خلال العامين القادمين ستعمل أطياف أحزاب المعارضة في الإعداد للانتخابات بشكل جيد إذا سلمنا بجدواها. فهذه الأحزاب تعاني من خلل أساسي في ممارسة الديمقراطية داخل أجهزتها، والشواهد كثيرة، ولذلك تبعثرت إلى جماعات بعضها يشارك السلطة في التزييف. ولا بد أن الحركات المسلحة قد ضعفت لعوامل عديدة، وحتى إن نجح علي الحاج لجلبها للسلام مع الحكومة فلا نتخيل أنها ستحدث اختراقا في ما يتعلق بتنشيط القواعد الشعبية التي لم تختبر حجمها.
    إن انتخابات 2020 تمثل إضافة لمحاولات تزييف الإرادة السودانية، ولا يحتاج أي رجل راشد أن يتصور أن الإسلاميين سيتنازلون طوعا للمعارضة لقيادة البلاد عبر صنيعهم الانتخابي. ومن ناحية أخرى لا نتصور أيضا أن الانسحاب في آخر لحظة سيقوي المعارضة، أو يهدد وجود النظام. والذين يضربون الأمثلة بما جرى في هذا الخصوص في بلدان من حولنا يبدو أنهم لم يدركوا نازية النظام السوداني، واستعداده لإبادة أكبر قدر من المتظاهرين كما حدث في ثورة سبتمبر. ولذلك اعتقد أن مشكلة التغيير لا تكمن في استبدادية النظام وحدها، وإنما تكمن في الأساس في فشل قوانا السياسية في تكوين مظلة قومية مستقرة لإحداث اختراق في المشهد السياسي منذ الثلاثين من يونيو. فصيغ تحالفات التجمع الوطني، والإجماع الوطني، ونداء السودان، وباريس، وميثاق الفجر الجديد، عجزت عن خلق تناغم في وحدة المعارضة السلمية، ووحدتها أيضا مع الحركات المسلحة. ولا نظن أنه في ظل تصارع الأجندات وسط هذه القوى أن يقوم للعمل التحالفي قائمة ما لم يستشعر القادة السياسيين أهمية تقديم التنازلات لصالح مقاومة النظام.
    لا شك أن المنادين بخوض المعارضة للانتخابات القادمة يحسنون الظن في الخطوة، ولكن من خلال النظر لقرائن الأحوال يبدو أن الأولوية الأساسية للعمل المعارض هي معالجة نواحي الضعف التنظيمي المستشري. وهذه خطوة لازمة لإحداث تغيير ممكن، ومستدام، ومبني على أرضية صلبة. والحال هكذا ربما وجدنا أن افتقاد النقد الذاتي داخل كياناتنا القومية يمثل أس الضمور الذي لحقها طوال تجاربها التاريخية. فلا يستقيم الظل والعود أعوج. فأحزابنا الرئيسية ما يزال يقودها من بلغوا الثمانين من العمر، وليس هناك بوادر أمل لخلق نقل سلس للقيادة للأجيال الجديدة. وهنا تكمن العناصر المؤدية الى الفشل في تفعيل الأحزاب، بل إننا نلحظ كل يوم مساع حثيثة هنا وهناك للاصطراع حول وراثة السيدين بكثير من التهافت. ولا نتصور أنه في أجواء كهذه ستمتلك قوانا السياسية القدرة على جلب الجديد في المشهد السياسي، ناهيك عن منازلة نظام متمكن في كل شبر من أرض البلاد.
    خلاصة المقال أن بناء الأمم أمر شاق، ويحتاج إلى رجال ونساء دولة ذوي بال طويل، ومثابرة خلاقة في تحقيق التغيير في العقول أولا. ومخطئ من يظن أن ثلاثين عاما من فشل المعارضة في إسقاط نظام استبدادي تمثل معضلة بلا حل. فالبناء الوطني يستغرق قرونا عددا كما دلت التجربة البشرية، وهذا يتطلب من الذين ينشدون تحقيقه أن يعملوا أولا على معالجة الخلل العضوي في تركيباتنا السياسية الذي يتوسد بنية تاريخنا الوطني. ومتى ما عالجنا أزمات أحزابنا التنظيمية فإنها ستتمكن حتما من إحداث التغيير.


    وشكراً

    بريمة
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

تعليقات قراء سودانيزاونلاين دوت كم على هذا الموضوع:
at FaceBook




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de