|
صديق وش الجندبة ... بقلم منتصر محمد زكي
|
03:30 PM Oct, 30 2015 سودانيز اون لاين منتصر محمد زكي- مكتبتى فى سودانيزاونلاين
مثلما أنجبت كراكاس الأسطورة ( كارلوس) أنجبت أمدرمان الماسورة ( صديق وش الجندبة ) .. كلاهما داهية ولا ينقصه الذكاء مع اختلاف الهدف والكاريزما .. يقال أن المتحري أبو حريرة هو أول من أطلق عليه اللقب فالتصق به منذ المرحلة المتوسطة حتى لحظة مغادرته السودان خلسة بداية تسعينيات القرن الماضي .. لا نستطيع الجزم بأنه ضحية ظروف إجتماعية إقتصادية سياسية لولعه الشديد منذ الصغر بالمقالب وإلحاق الضرر بالآخرين لاسيما أن أقارنه عاشوا نفس الظروف وخاضوا ذات التجارب .. هو بإختصار نسخة مشوهة للزول السوداني .. إستغل صداقته بقريب القنصل في روما فرافقه إلى هناك كأول زيارة له خارج السودان .. دخل المدينة التاريخية العريقة كصرصور أربكته الأضواء فصار يتخبط في مشيته ويجول بنظره في كل الأنحاء .. بعد أيام قليلة من وصوله روما حدثته نفسه الأمارة بالسوء فتجاوز الخطوط الحمراء حيث شوهدت عربة السفارة (مرسيدس ) أكثر من مرة داخل أزقة (اوستيا) في روما وكالابريا معاقل المافيا وبداخلها وش الجندبة وصديقه قريب القنصل .. لاتحتمل السفارة هزة من ذلك النوع ومنعا للقيل والقال تم طرد وش الجندبة ورفيقه وطلب منهم مغادرة إيطاليا في نفس اليوم .. بعد طرده من روما كانت وجهته دمشق الفيحاء وحيدا دون رفيقه الذي فضل العودة إلى السودان مكتفيا بما حدث في روما .. دخلها ليلا يحمل الكثير من الدولارات والقليل من الخطط والأفكار .. تعرف على الضابط (ب) في أحد الملاهي الليلية في منطقة جرمانا .. إستعراضه لمقدرته المالية داخل الملهى كان سببا في تقرب الضابط إليه فوقع الطائر على شاكلته .. حاول إستغلال علاقته بالضابط الرفيع لأقصى مدى لعلمه أنه ما أن تنفد دولاراته سيركله كحذاء بال .. دمشق مدينة قاسية لا ترحم الغرباء مثلها مثل بقية عواصم العالم .. نصحه الضابط (ب) بالذهاب إلى حلب الشهباء حيث الهدوء والسكينة والحدائق التي لا تحصى .. مهد له الضابط الطريق إلى حلب بتوصية هاتفية لمدير أمن حلب ومنحه رقم هاتفه للإستعانة به عند الحاجة .. إلتمعت عيناه بنظرة شيطانية وفشل في رسم إبتسامة تعبر عن إمتنانه بهذه الإكرامية التي ما كان يتمتع بها وجهاء المدينة دعك من عابر سبيل .. أحيانا تخدمنا الظروف ويبتسم لنا الحظ فنغتنم الفرصة فيما هو خير لنا ولسوانا لكن أمثال وش الجندبة ممن يعيشون الحياة بلا هدف ويفتقرون إلى القيم يهتبلون الفرص ليمارسوا الفوضى في أغبى صورها .. اختار وش الجندبة مقعدا في الخلف (كنبة شكرن) داخل باص الهيب هوب المتجه إلى حلب في رحلة تستغرق ثلاث ساعات قضى نصفها نائما والنصف الآخر متأملا ملامح الطريق كأنه الشاعر مصطفى سند (له الرحمة) .. بعد وصوله مدينة حلب بأيام عرف مداخل ومخارج المدينة القديمة وإلتقى ببعض الطلبة السودانيين قرر أن يلتحق بجامعة حلب رغم أن الدراسة لم تكن ضمن إهتماماته ولم يكن يمتلك شهادة تؤهله لدخول الجامعة .. وهنا جاء دور حلال العقد (ضابط الملهى) .. حيث منح قبول إستثنائي من القيادة القطرية وبشهادة مزورة صار وش الجندبة طالبا في كلية الحقوق ! .. وليت الأمر توقف عند ذلك فقد تم ضمه للحزب ومنح رتبة لا تمنح إلا لقدامى المنتسبين .. علاقته بضابط الملهى ومدير الأمن شكلت له درعا ووفرت له الحماية ظالما أو مظلوما وكان لا يتورع في إستخدامها كسلاح يخيف به السوريين والسودانيين على السوا .. فصار بعبعا يتحاشاه الجميع كلما زادت سطوته ونفوذه زاد بطشه وإستبداده فكثر ضحاياه ( صاحب الشقة .. الجيران .. صاحب البقالة ... الخ ) حتى بعض أصدقائه لم يسلموا من أذاه .. عاد عصام (أبو طويلة) من عطبرة فأخبره الرفاق بأمر القادم الجديد وإستخفافه بالأقدمية والفوضى التي يحدثها في الإجتماعات الليلية حيث وصلت به الجرأة أنه كان يضرب تربيزة الإجتماع بقبضة يده وهو يصرخ فيهم .. كنا نعتقد في بادئ الأمر (الحديث للرفاق) أن ما يفعله نتاج تعاطيه لعرق العنب لكنه فعلها أكثر من مرة وهو في كامل وعيه .. (أتركوا أمره لي) قالها أبو طويلة وهو يغادر قاعة المحاضرات .. في أول إجتماع بعد عودة أبو طويلة حضر وش الجندبة وهو يتمطى كزرافة متخمة .. إستدعاه أبو طويلة إلى مكتب جانبي وبعد فترة ليست بالقليلة خرج وش الجندبة بغير الشكل الذي دخل به متغير اللون مرتبك النظرات كفأر سقط في بخسة روب .. من يومها عرف وش الجندبة أن الله حق وأن حوة والدة وأن هنالك دوما من هو أكبر نفوذا وأشد بطشا .. لا أحد يدري ما دار في ذلك المكتب الجانبي لكن بعض المقربين من وش الجندبة ذكروا أنه أقسم لهم أنه إلتقى اليوم الشيطان وجها لوجه .. كثرت غيابات وش الجندبة عن الجامعة وإجتماعات الحزب وشوهد أكثر من مرة برفقة شلة المنتحرين بل ذكر البعض أنه صار مقيما معهم بصورة دائمة في شقتهم التحت أرضية المشهورة ب (الوكر المهجور) .. إشتهر أعضاء شلة المنتحرين بإحتساءهم لعرق العنب دون كسره بالكراش (مشروب غازي) .. ويتباهى الواحد منهم بأنه تجاوز العشر سنوات منذ إلتحاقه بالجامعة ولم يتخرج بعد .. كذلك عرفوا بضربهم للكوارع (ضان) ضرب غرائب الإبل .. أحس وش الجندبة بأن هؤلاء القوم يشبهونه وأنه ينتمي إلى هذا المكان فإنضم إليهم ليكمل مسيرة الضياع التي بدأها بأمدرمان .. أيقظني صوت الهاتف عند السادسة صباحا كان المتصل دكتور عادل من تركيا أخبرني أنه فوجئ بوجود صديق وش الجندبة ضمن العالقين في الحدود التركية السورية وأنه حاول مساعدته في الدخول إلى تركيا لكن الإجراءات المشددة حالت دون ذلك .
-- [email protected]
مواضيع لها علاقة بالموضوع او الكاتب
- العالمي !! بقلم صلاح الدين عووضة
- دكتوراة في موقع سودانيزأونلاين دوت كوم!sudaneseonline.com بقلم فيصل الدابي/المحامي
- الخالدون وخالد..!! بقلم الطاهر ساتي
- الخطاب الإسلامي المعاصر بين الثنائيات والتقابلات (1) بقلم الطيب مصطفى
- .... أمر قبض ... !! بقلم ياسر قطيه
- المرتجى والموسيقى السودانية بقلم بدرالدين حسن علي
- مصطفي عثمان شحادين .. الدقا نسابتو وقلع مرحاكتو بقلم شوقي بدرى
- الانتفاضة الثالثة انتفاضة الكرامة (20) الآمال المرجوة والأهداف الممكنة بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي
- أنظرو الي حكومة المؤتمر الوطني كيف أوصل الشعب السوداني الي شعب بلا رحمة بقلم محمد نور عودو
- خطاب مفتوح للذين يتحاورون تحت قبة البرلمان: أ تتحاورون والنظام ماض في غيه؟ بقلم فريدة شورة
- الشباب السودانى مابين رصاص الانقاذ ورصاص الامريكان السود ! بقلم محمد الحسن محمد عثمان
|
|
|
|
|
|