|
صدق أو لا تصدق .. مكتبة محمد أحمد محجوب تبحث عن مكان! محمد وقيع الله
|
صدق أو لا تصدق .. مكتبة محمد أحمد محجوب تبحث عن مكان!
محمد وقيع الله
مكتبة الأستاذ محمد أحمد محجوب ليست مكتبة مثقف عادي. فهي مكتبة لرائد من أعظم رادة العمل السياسي، وقائد من أقوى قادة ثورة الفكر، وواحد من أبكار الخريجين، وواحد من أوائل المثقفين السودانيين الذين أنشأوا حلق الاطلاع الثقافي في البلاد. وتلكم هي حلقة الاطلاع التي عرفت في تاريخ الثقافة السودانية بمجموعة الهاشماب. وقامت في موازاتها حلقة الاطلاع الثقافي الأخرى التي عرفت في ثلاثينيات القرن الماضي بجماعة أبي روف. وشخص مثل محمد أحمد محجوب كانت الثقافة شيئا أساسيا في حياته نتوقع أن تكون مكتبته على قدر كبير من التميز الذي وسَم شخصه. ولو كانت مكتبة مثل هذه مكتبته في بلد من بلدان الحضارة الغربية التي تعرف قدر الفكر والمفكرين لتسابق الأثرياء إلى اقتنائها وبذلوا ملايين الدولارات لاجتنائها. ولسبقتهم مكتبات الجامعات الكبرى التي ترى في مثل هذه المكتبة القيمة شيئا أكثر من مكتبة وربما عدتها متحفا من متاحف الفكر. ولا غرو فمكتبات كثيرة في أمريكا مثل هذه تعد في عداد المتاحف القومية. وخذ مثلا بمكتبة الرئيس الأمريكي توماس جيفرسون التي هي عند قومه أشبه بالمقدسات لأنها أسهمت في إنتاج هذا المفكر الفيلسوف الذي كان في طليعة الآباء التأسيسين القوميين للولايات المتحدة. فهو أكثر من أسهم في وضع الأسس الفكرية والتشريعية لذلك القطر الكبير. وقد سمعنا قبل حين الرئيس الأمريكي الحالي أوباما وهو يفاخر بهذه المكتبة عندما أشار إليها في خطابه الذي وجهه إلى العالم الإسلامي وذكر أنها تضم نسخة من ترجمة إنجليزية قديمة لمعاني القرآن الحكيم. ذكر أن أول نائب مسلم انتخب للكونجرس أقسم على تلك النسخة من معاني الكتاب العظيم. ولم يكن زعيمنا القومي محمد أحمد محجوب أقل ثقافة من الفيلسوف الأمريكي وإن لم يتح له بذل الجهد العقلي القومي الذي بذله. ومهما يكن فنتوقع أن تكون مكتبة المحجوب بمثابة الكنز الفكري القومي. وعهدنا بكبريات الأسر السودانية أنها تضن بمكتبات شخصياتها الراحلة حيث تحتفظ بها في ظروف غير صحية إلى أن تتآكل وتبيد. وقد كان سلوكا حميدا أن تتبرع أسرة الراحل العزيز بمكتبته لصالح الوطن الحبيب. ولكن رد الفعل من جهات عدة مرجوة كان مخيبا للآمال. حيث اعتذرت أكثر من جهة مأمولة، ومنها دار الوثائق القومية، عن استقبال تلك المكتبة واستضافتها بدارها. ولعل للجميع العذر فحال المكتبات العامة في السودان هو حال تدهور مريع بسبب من شح الميزانيات. وفيما يخص مكتبة المحجوب دعنا نتجاوز ما يسمى بوزارة الثقافة فهي وزارة لا يرجى منها خير بشكل عام ولا يرجى منها خير بشكل خاص إذا تعلق الأمر بمسائل الثقافة التي لا تتصل بلهو الرقص والغناء (وبالمناسبة هل هنالك وزير ثقافة في التشكيل الوزاري الحالي أم لا أحد يعرف وجوده من عدمه لأن وجوده وعدمه سيان !) ولذا فلنتجاوزهم موجودين أو معدومين لنوجه نداءنا إلى الأستاذ علي عثمان محمد طه، فهو على الأقل من أبناء مهنة القانون كالمحجوب، ومن أنصار حركة الفكر بشكل عام، فنرجو أن يوجه جهة ما لاستضافة تلك المكتبة وليسبغ عليها من الاعتماد المالي ما يوازي جهد الاستضافة الكريمة. ونرجو أن يخص بتوجيهه جامعة أم درمان الإسلامية لتقوم بتنفيذ هذا الغرض طالما اعتذرت عنه جامعة الخرطوم. ودعنا نقدم الدعوة الحارة أيضا إلى الأخ الأعز البروفسور حسن عباس حسن، مدير جامعة أم درمان الإسلامية الزاهرة، لينال هذا الشرف بمبادرة يأمر فيها بتشييد قاعة في مكتبة الجامعة تضم مكتبة المحجوب وتتيح الاطلاع على محتوياتها للباحثين. فلينتهزها فرصة بارة ليبعث برسله لمفاوضة الأسرة المحجوبية الكريمة لشراء المكتبة أو قبولها هبة وما أظن الأسرة الكريمة ستقبل عوضا ماليا لقاء هذا التراث الكريم. وطاقم المكتبة الجامعية، وفيه صديقنا الدكتور مدير المكتبة، وصديقنا الهميم البروفسور عبد السيد عثمان أحمد، والبروفسور محمد عبد الله عيساوي، وغيرهم من الأساتذة الأفاضل المتمرسين في علوم المكتبات وإدارتها، هم خير من يعتمد عليهم في تدبير هذا الشأن القومي الكبير.
|
|
|
|
|
|