اتصل عليّ أحد الأصدقاء صباح أمس يسألني عن مستقبل دائرة مروي الانتخابية.. لعل الصديق أراد أن يتأكد عن الأوضاع القانونية بعد أن عاد الفريق صلاح قوش نائب الدائرة إلى العمل في القوات النظامية.. الوضع فيه بعض الغموض في مثل هذه السابقة.. بالطبع رجالات القوات النظامية لا يمارسون السياسة ذات الصبغة التنافسية خاصة حينما يشغلون مناصب عامة.. هنا هل مطلوب من الفريق قوش الاستقالة أم تسارع مفوضية الانتخابات بإعلان خلو الدائرة ومن ثم إعادتها إلى حلبة التنافس.
ربما في دائرة مروي أكثر من قول.. فاز الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل في دائرة دنقلة الجنوبية في انتخابات ٢٠١٥.. بعد أقل من عام من فوزه عين سفيراً في وزارة الخارجية بقرار رئاسي.. ثم من بعد ذلك تمت تسمية الرجل سفيراً في جنيف.. من ذلك التاريخ ما زالت الدائرة شاغرة.. حتى ظننتُ وليس كل الظن إثم أن الدائرة ستكون في حالة انتظار حتى يفرغ السفير من أعماله في جنيف.. الغريب أن في تلك الأوقات كان البرلمان يضطر لتسكين أعضاء جدد بالبرلمان عن طريق التعيين.. في محلية التضامن بمحافظة الدبة شغرت أيضاً دائرة في المجلس التشريعي بوفاة النائب النجومي.. بالطبع هذه مجرد نماذج من طرف الذاكرة.
في ولاية الجزيرة الصورة أكثر وضوحاً .. منذ نهاية العام الماضي أعلن الرئيس البشير إعفاء المجلس التشريعي هنالك، استناداً على حالة الطوارئ.. بعد أسابيع تم رفع حالة الطوارئ .. رغم مرور عدة أشهر من بينها مواقيت إجازة الميزانية السنوية، إلا أن الجزيرة باتت ولاية بدون برلمان.. ليس في الأفق حتى الأن ما يشي بنيّة مفوضية الانتخابات تحريك الساكن في رواكد الجزيرة التي تعيش في أجواء شمولية.
في اتجاه مُقارب ظلّ مجلس الأحزاب أيضاً في حالة سكون.. بعض الساسة يعتقدون أن المجلس قد انتهت دورته، وأنه الآن يعيش على هبات مؤسسة الرئاسة.. لكن الثابت أن مجلس الأحزاب لم يتحرّك في قضايا كثيرة تتّصل بتنظيم نشاط الأحزاب .. بل لم يصدر تعليقاً حول توقيع حزب الأمة على نداء السودان وانتخاب الإمام الصادق المهدي رئيساً لذاك الكيان الهجين من حركات مسلحة وأحزاب مسالمة.. خطورة الحديث بعد الصمت المطبق يمكن أن يُفسّر بأنه استجابة لغضب جهات نافذة في الدولة.
في تقديري أن الحديث عن تعديل الدستور أو حتى إجراء انتخابات ٢٠٢٠ في مثل هذه الظروف، يرسل إشارات سالبة.. من بينها أن المؤسسات المنوط بها تنظيم الحياة السياسية تعمل بنظرية تحت الطلب.. حينما تحتاج السلطة التنفيذية إلى غطاء سياسي تدب فيه الحركة وتسري الحياة.. من الصعب تفسير حالة العجز عن إقامة انتخابات في دائرة باتت شاغرة ثلاث سنوات.. وكيف لولاية بحجم ولاية الجزيرة أن تغيب فيها السلطة التشريعية.
بصراحة.. واحدة من التحديات الماثلة أمام التجربة السودانية الإحساس أن معظم الأجهزة تعمل في وظائف مساعدة.. تظل دائرة كاملة دون تمثيل في البرلمان فيما يتم ملء وظيفة وزير دولة بالخارجية على جناح السرعة.. الآن مفوضية الانتخابات في حالة بيات شتوي لأن من بيده القلم مشغول بأشياء أخرى.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة