|
شهداء بانتيو وأحاديث عن الوحدة!!
|
شهد الأسبوع الماضي مقتل أكثر من أربعمائة شخص من السودانيين المقيمين بمدينة بانتيو بدولة جنوب السودان في مجزرة بشعة أرتكبها المتمردون الجنوبيون وهؤلاء السودانيون جلهم من التجار الذين ذهبوا إلي الجنوب يلتمسون الرزق حين ضاق بهم سبل العيش الكريم في دولتهم في الشمال !! هذه المجزرة علي بشاعتها لم تحرك حكومتنا في الخرطوم فضلا عن غضبتها وكأن الأمر لا يعنيها من قريب أو بعيد بل ذهبت بعض الدوائر الحكومية إلي الهمس والقول بان هؤلاء الشهداء ليسوا إلاّ مسلحين ينتمون إلي حركات دارفور المسلحة التي تقاتل إلي جانب قوات حكومة الجنوب ضد قوات رياك مشار هذه الفربة والكذبة لا تنطلي علي أحد بل أن الحكومة نفسها تعلم علم اليقين أن هؤلاء الشهداء مجرد تجار ذهبوا إلي هناك للتجارة ،ولكنها لامبالاة من هذه الحكومة , فدماء أهل السودان تذهب هدراً ولابواكي لهم ، لا ندري ماذا تفعل وزارتنا الخارجية أليس من اوجب واجباتها الاهتمام والدفاع عن السودانيين خارج البلاد، كل بلاد الدنيا تقيم الدنيا ولا تقعدها إذا تعرض أي فرد من أفرادها إلي أذي في أي مكان في العالم ، ولكن الأمر عندنا مختلف لا قيمة للسوداني خارج بلاده، لا السفارات المبثوثة في العالم تهتم بأهل السودان هنالك ولا حكومتنا السنية في الخرطوم تعنيها أمرهم ومالنا نذهب بعيداً إلي المقيمين خارج السودان في الوقت الذي يعاني فيه هذا الشعب في الداخل ما يعاني ، وياليت تركت حكومتنا هؤلاء المهجرين في حالهم يندبون حظهم العاثر في غياب من يدافع عنهم وعن مصالحهم ولكنها أبت إلاّ ان تلاحقهم أينما كانوا بالتحريض لقتلهم أو الإضرار بهم، لعلكم لاحظتم أن صحافة الحكومة البائسة ذهبت إلي التحريض المباشر علي قتل السودانيين في جنوب السودان بترديد الأكاذيب والتلفيقات بأن حركات دارفور المسلحة تقاتل إلي جانب حكومة الجنوب وأن أغلب التجار المقيمين هم من أنصار هذه الحركات ، هذا التحريض هو السبب المباشر للمجزرة التي وقعت في بانتيو.... ولا يستبعد ان تتكرر المذابح مادامت حكومتنا تحرض علي قتل مواطنيها في الجنوب وليس هذا جديدا علي هذه الحكومة فقد سبق أن حرضت علي قتل أبناء دارفور في ليبيا بذات الحجة والفربة ، فوزبر خارجيتنا قال علي الملأ أن أبناء دارفور يقاتلون إلي جانب العقيد الهالك معمر القذافي ، هذا التصريح أثارموجة غضب لدي الثوار في ليبيا مما أدي إلي قتل مئات من أبناء دارفور غدراً وغيلة وقد طالبنا يومها بالتحقيق في هذا الأمر ولكن دماء أهل دارفور أرخص وأهون من أن تلتفت أليها هذه الحكومة وذات الأمر يتكرر اليوم والعالم كله يجتاحه الغضب الشديد لهذه المجزرة ، والأهل في السودان يصدمهم الحدث وبيوت العزاء بالمئات ولكن الحكومة في شأن آخر يتحدث رئيس البلاد عن إعادة الجنوب إلي السودان في إطار وحدة جديدة تحقيقاً لرغبة الجنوبيين الذين ندموا علي الانفصال هذا الحديث يفتقر الي الموضوعية فحكومتنا كانت متحمسة جدا لهذا الانفصال وكانت تعد الناس بأن الشمال سوف يتحول الي جنة وأرفة وأن دولة السودان قد نفثت خبثها ، وقد تولي كبر الانفصال الطيب مصطفي بصورة غير مسبوقة ولكن الأحلام ذهبت أدراج الرياح لا الشمال تحول إلي جنة وأرفة ولا تحققت الوحدة للشمال بل امتدت بؤر التوتر إلي جنوب كردفان والنيل الأزرق بجانب مأساة دارفور وهكذا نجد أن سوء التخطيط عاقبته وخيمة والآن وقد أضطربت الأحوال في الجنوب واندلعت الحرب من جديد علي أساس قبلي و عرقي فأن حكومة الشمال وكأنها تشمت فيهم تتحدث عن الوحدة بين دولتين فعلت العنصرية فعلتها ، بجانب أن الدولتين لم تنعما بعد بالاستقرار والأمن ولم تتذوقا بعد طعم الحرية والديمقراطية التي لم تستوطن بعد في الدولتين فأي حديث عن الوحدة في هذا الوقت لا يمكن أن تصدر بجدية وصدق ، دعونا ان نرتب أمرنا الداخلي بصورة تشعرنا جمعياً بالعدل والمساواة وان نقر الديمقراطية نظاماً للحكم وأن نحترم القوانين ذلك مدعاة لتمتين الوحدة وندعهم كذلك يستقرون ويتجاوزون الحروبات القبلية ويقيموا دولة القانون ويحققون شيئا من التنمية بعدها ياتي الحدث عن الوحدة من القاعدة إلي القمة ، فالوحدة بين الدولتين حتمية فقط في ظل معطيات غير التي نراها اليوم. معاناه أهل السودان لا تنتهي أبداً ، ففي ظل أجواء الحوار أقدمت الحكومة علي أطلاق سراح الموقوفين احتياطياً من قبل جهاز الأمن الوطني ولكن هذا الأمر لم ينفذ بصورة شاملة فهنالك عشرات من الشباب المعتقلين لدى الجهاز مازالوا قيد الحبس بحجة أنهم ذهبوا إلي إسرائيل ثم عادوا الي السودان ، فبدلاً من مساعدتهم علي الاستقرار في بلدهم وهم شباب في ريعان العمر ،أبت الحكومة إلا أن تذهب بهم الي غياهب السجون بذات الطريقة القديمة لا حقوق دستورية ولا قانونية و لا يسمح لهم بالاتصال بأهليهم وذويهم ولا بمحامين،يأخذنهم من المطار إلي السجن الي السجن !! لم يذهب هؤلاء إلي إسرائيل للقتال في صفوف جيش العدو ، ولم يذهبوا كذلك للتجسس علي بلدهم هؤلاء ذهبوا إلي هنالك هرباً من سؤ الحال في بلدهم و بحثاً عن لقمة العيش لهم ولأهليهم وبحثاً عن كرامة مهدرة في بلدهم فأغلب هؤلاء الشباب من دارفور وما أدراك ما دارفور ... ذهبوا إلي هنالك وتحملوا كل المأسي في سبيل حياة أفضل وأكرم ولكن العدو الإسرائيلي لم يتحملهم فعمد إلي طردهم وإخراجهم إلي بلدانهم فعادوا القهقرى فبدلاً من مؤاسأتهم اقتيدوا إلي السجون وكأنهم مجرمين خانوا البلاد وارتكبوا الكبائر ، ان كان في فعلهم مخالفة قانونية فطريق القانون واضح النيابة والشرطة والقضاء أما اعتقالهم بواسطة جهاز الأمن ففيه خرق لألتزامات الحكومة الساعية للحوار طريقا لأنقاذ البلاد والعباد ، الأمور في بلادنا مقلوبة راسا علي عقب فهل يستطيع الحوار تعديل هذه الصور المقلوبة ؟(أفمن يمشي مكبا علي وجهه اهدي أمن يمشي سويا علي صراط مستقيم) صدق الله العظيم. بارود صندل رجب -المحامي
|
|
|
|
|
|