|
شبابنا الى أين!! بقلم: عبدالعزيز عيسى
|
شبابنا الى أين!! بقلم: عبدالعزيز عيسى
في اشارة لمادة خبرية عن ظهور ما يسمى بطرق صوفية شبابية من الجنسين.. هناك فراغ يمكن نسميه روحي أو ايماني غمر الشباب نتيجة لعدة عوامل معروفة تتمثل في مشكل لا أعتبره هنا هجوما سياسيا على النظام والدولة بقدر ما هو باين في عجزها وتقصيرها في القيام بأدنى مسؤولياتها كحكومة وتخليها بالكامل عن مصالح الشعب عامة. فالحكومة ومنذ زمن ليس بالقصير دججت نفسها بترسانات أمنية لأجل بقائها حيث استنذفت فيها كل موارد الدولة المنهكة أصلا بعد ضياع مشروع الجزيرة وذهاب البترول مع انفصال الجنوب.. أهملت الحكومة ضروريات الحياة من صحة وتعليم وخدمات أساسية ملحة للمواطن وتحولت شتى مناحي الحياة الى جوانب مظلمة تعيسة تقتل أحلام الشباب وطموحاتهم في مستقبل كان لولا هذه العوامل كان بامكانهم خلق ذلك المستقبل بأنفسهم.. فالواقع مرير ومحزن والاحباطات تتزايد مع شروق كل شمس لبلاد مغيبة تماما عن العالم.. وواقع يدفع الشباب لان يهرب الى عوالم أخرى والى فضاءات تنسيهم هذه الآلام، لقد كان بالامكان أن توجه طاقات الشباب واهتماماتهم لما هو خيّر وبناء. وترشد مواهبهم الى مجالات الابداع، الى الفن والرياضة لكن للأسف فقد اصبحت كل هذه وسط اهمال الدولة الى كماليات أو أحلام فوق طاقة شباب معوذ أقعدته الفاقة والحاجة، كيف لا وهي تحتاج الى صرف كبير لا يتأتى لعاطلين ومعدمين مثل الشباب السوداني اليوم.. فظروف الحياة الكئيبة ورتيبة هذه تقتلهم وتقتل فيهم المواهب كل يوم.. مات الكثيرون بقصة الذهب والأمل الذي وشى خبره في اوصال شباب حائر.. فالواقع لانه أسوأ من خبر الموت في الصحراء بحثا عن الذهب.. فلم تتوقف طلعاتهم الا في سراب الوهم فيمن سبقهم.. لا وجدوا الذهب ولم يعد من ذهب.. حاول جل من سمع ورأى في المرافئ البعيدة أحلاما مشرقة.. حاول عبور الحدود والخروج أو الهروب من بلد صارت طاردة الى آفاق يمكن أن تكون أرحب تسع شئ من الطموح.. وحتى هذا الابتعاد الاجباري يحتاج الى أجنحة!! يحتاج الى وقود وزاد سفر!! ومن أين لجيش من العطالى انسدت في وجوههم كل سبل العمل والحياة الكريمة!! فهل بوسع كل النفوس احتمال هذه الآلام... وهل بعد عجزها من حل.. فقد تلتفت يمينا وشمالا لبارق أمل والى فضاء من الفراغ العريض مفتوح النوافذ لكل ما هو موجود وغير موجود.. لكل ما هو واقعي أو خيالي.. انها حالة من السيولة تفتح الباب للكثير المثير... وجد الاستقطاب المتعدد الاطراف والسبل بيئة جيدة للنشاط.. منها السياسي ومنها الانحرافي ومنها الديني.. وظهر المشعوذون من كل صوب يعرضون بضاعة الدجل.. دجل وشعوذة ترفع لافتات الحلول والخروج من عمق الزجاجة فمنهم من يخاطب الجن والمخبولين في الميادين العامة وبمكبرات الصوت.. وهنالك شيوخ وأصحاب كرامات وهمية يروجون لبضاعتهم.. وولجأ كثير من الشباب الى الطرق الصوفية قديمها وجديدها باحث فيها عن فرص لاسالة الكآبة وتليينها في جو الانغماس الغيبي وعالم الكرامات والخوارق.. جاءوها شبابا وشابات.. شيوخ وحيران شباب جاءوها في ميدان فسيح ومفتوح لانطلاقتهم التي تعني لهم هروبا نحو الامام الى عوالم من المستجدات التي يصوروها على مخيلتهم. انها لحظات عصيبة من عمر الوطن الجريح.. ونار الهشيم تحصد شبابنا!! سيضيع منا جيل الغد، سواعد وأمل المستقبل.. يا حكومة الانقاذ.. شبابنا يضيع!! ان مقياس الفشل والنجاح لم ذلك التعبير السياسي الغامض.. بل هو واقع ومفارقة واضحة بين ما كنا عليه في 1989م واليوم.. فهلا ترجلتم...!!!
عبدالعزيز عيسى [email protected]
|
|
|
|
|
|