|
سيرة رفقاء الوحل والدم ناصر البهدير
|
مشاهد مستنقعات الفساد وبركه الآسنة لم تعد ذا بال طالما الصنم لا زال له زوار يغشونه دون حياء ويجملون وجهه القبيح بالتمائم وكتب الأكاذيب إبان فترة ما قبل صياح الديك أي منذ التاريخ المقرون بظهور عصابة المال والإجرام على مسرح الوطن الجميل. كل شيء كان متوقعا من سفلة الإنقاذ قد حدث وزاد عن ذلك الحد. وكل شيء قذر ونتن قد فاحت رائحته وطفحت على السطح، ولم يعد هناك شيئا مخفي في غياهب القاع الإنقاذي الزفر والمليء بكل قبح وتفاهة ورزالة. وكلنا نعرف هول المصيبة وما آلت إليه الأمور ببلادنا بفعل خوارج القيم الجدد ومجرمهم الكبير المقنع والمتدثر بثياب الدين والمتزمل بلحاء القوانين، ورأس الجليد الطافح ليس كله لب المسألة حتى ننشغل به عن المهم. وسنتعرف أكثر على حقيقة حجم الكارثة الملتفة بساق الوطن لو إستمر الأفاكون الضلاليون في كذبهم ونهبهم بدءً من الهواء العنصر الديمقراطي، ومرورا بفحشهم وساديتهم في سفك الدماء الزكية، وليس إنتهاء برغيف الخبز وحق المسكن والشغل والعلاج وغيرها من الضرورات المهمة التي وفرتها كل الشرائع السماوية والوضعية على متونها. كلما صعدت بأعلى أنفاسك لتتجاوز روائح الجيفة بعيدا عن ضفة الحصار الإنقاذي الخانق ستوقن بأنك في غابة السفاح وأعوانه الذين يبيعون خلطات الموت ويلونون بها الهواء، فاللبؤة تصطاد 90% من الفرائس لوحدها، وقبل أن تشرع في الأكل تترك حصة الأسد جانبا. والأسد هنا للأسف ليس هو وحده الجالس على دكة السلطة. هنالك رهط من الثعالب على قلتها تختبئ في أسفل العمق متخذة من الجحور أوكاراً لجمع الغنائم لتزدردها حية أو ميتة، وهنا مكمن الخطر لطالما سياسة أبو العفين مستمرة. وفي غابة الحياة من العجيب أن الصرصور ال######## كما نظن في بعد نظرنا القاصر، يسارع إلى مخبئه لتنظيف نفسه بعد آحتكاكه بالإنسان، وبهذا يدري كما علمته الطبيعة بأن وسط هؤلاء يعيش بشر تنضح جلودهم بالزخومة وتتقيح بالدم وتفيض أجسامهم بالدهن بحيث يكفي لصناعة زكيبة من الصابون الأصفر الصلب تغسل أجسادهم المتورمة بالفحش، ومع ذلك يسارعون في كل موسم بالسفر إلى الحجر الأسود للتحلل من المال الحرام وغسل أوزارهم وصفاقتهم وأياديهم الملطخة بدم الأبرياء. يظنون أنفسهم كالأخطبوط كلما فقد أحد أذرعه الطويلة تنمو ذراع بديلة فيما بعد في الوقت الذي ينتظرهم حتفهم عاجلاً أم آجلاً عند جورب وخف وغيرها من رفيقات لظى أعدت لعتاولة المجرمين من أمثالهم في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون سوى الحضور بقلب سليم! إلى وقت قريب كنا نحلم بحاكم مهيب يهتم بأمر نظافة الأسواق وردم البرك وإزالة التلوث وإصلاح الطرق وتسويتها، وإغتيال الناموس وحشرات أخرى تمتص دماء البشر، وتوفير المضاد والقلم والكراس.. ولكن بتنا على ضجر وغضب وفاجعة في مؤخرة وطن مثقلة بجبابرة طغاة يدخلون الأسواق في الصباح الباكر لإجل الجباية وسلب الأتاوات من عرق الشغيلة، ويأتون حانات الدم في الليل لاغتصاب وإغتيال البشر. مع كل صباح يحدث ذلك بل في كل لحظة ولن أكون مغالياً أو مبالغاً لفداحة ما يجري في حاكورة الأثرياء الذين ولجوا عبر ثقب الحاجة والمسغبة وفتكوا بالناس دون رحمة بشتى الأسلحة المهلكة. كبارهم كـ(سحب الجراد) على الفارهات يجوبون المكاتب حتى ساعات الفجر الأولى ليقضوا وطرهم في اجتماعات المؤامرات والدسائس والمحن، وصغارهم كـ(العتاب) في ليل البلد الدامس يسرعون على طرقات المدن ينتشلون ويمضغون بنات الليل على أكف الراحة والدعة من أجل مأدبة حمراء تحفها أم الكبائر أو نفيس المخدرات وأطهمها. عندما تعشعش طيور الوهم في عقول الشعوب التي تجرفها موجات طوفان السلطة لا شك تلك مرحلة متأخرة من التخلف لا يمكن معها لأشجار الحياة أن تنمو وتفرخ من خلال أغصانها عصافيرا تملأ الدنيا بأناشيد الحرية والمساواة والعدالة. في ذاكرتي تسكن مبان بضة لمشاهد لم أراها بعيني إن كانت بعين الوصف الذي حكاه لي إسلامي تبتل في محراب الإنقاذ في سنواتها الأولى.. حكى بحرقة وقلق عن ذلك الإسلامي الذي يسكن قصرا منيفا، وفي ذات الوقت شيد آخر لاحد ابنائه، وآخر لابن ما فتئ يسافر جل وقته إلى لبنان لجلب طيور الزينة النادرة. وهكذا تتكاثر الطيور في حدائق قصورهم وتزدهر في ذات المباني وتزيد بمتوالية هندسية إذا تواضعنا في وصفنا رغم أن غابات الأسمنت سدت حلق سماء بلادي وحجبت شمس الحياة عن شعب أعزل وفقير لا يجد ثمن حبات البرغل والمريق والدامرقة. شعب يقتات على الدردقو (التبش) المتبل في ماء الفلفل الأحمر الصغير، وأيضا يحاول أن يسد رمق الجوع بحبات من بليلة العدسية وقطع البامبى المطهو بعد تعب على نار حطب المسكيت التي تموت كل لحظة من رهق الروح وضيق ذات اليد والجسد الضامر بفعل المسغبة. ومع ذلك تمارس ضده سياسة الأرض المحروقة وتلحقه قنابل الدمار القاتلة سواء في الجروف أو الحواكير او المسارات أو الكراكير أو الأحراش أو السهول. لذا لم يكن غريباً أن تستغل مافيا الحركة الإسلامية الشعب بشتى الوسائل، حينا تصنع له مشكلة، وحينا آخر تشغله بمتاهات الدنيا ال########ة وأصاغرها. وما بين طيور الزينة والوهم والجنة مسافة يتوه فيها الشعب السوداني المتبقي على ظهر البسيطة من جنس أفعال قوم بُلينا بهم حيث ظنوا ان الله لم يهدي سواهم كما قال ابن سينا. ربع قرن كامل من قهر سادة الإنقاذ. كان، بوسعهما تنظيف بيتهم في إطار السرية طالما يضمن استقراره، والسيطرة على أتباعه حتى لا تضج بعض القيادات الفاسدة مر الشكوى بفوضى التنظيم ومن ثم نشر غسيلها القذر على صدر الصحف والأسافير. لكن ذلك لن يتأتى لهم.. فبوسعنا الاعتقاد بان ذلك ما هو إلا نوع من استحضار مفهوم نظافة اليد ظنا بأنه سيخلق لهم فرصة جديدة كنوع من التحايل، وهم في موقف ضعف ومفارقة ستعجل بنسف كل ذلك الإرث السلطوي الذي بنوه على مر سنواتهم السِمَانٌ من دم اليتامي والضحايا. هل يعقل اختزال العقل الجمعي الوطني في هكذا ترهات وحيل لا تنطلي على من يمر ويحدق بصره في وسائل إعلامهم المسمومة ناهيك عن عوام الناس! هى محاولة لترقيع المشروع الحضاري وإماطة الأذى عن طريقه بصنع بعض الفرقعات الاعلامية المطهمة بتوابل النقد الذاتي كون انها تغدو خدمة كبيرة للسلطة أكثر في شراء مزيد من الوقت كحال تلك البيوت التي دهمتها الريح والمطر. فمنذ ان برزت ثورات "البترودين" بدأت بوادر الململة تدب في جسد النظام تارة يغسل كفيه وتارة أخرى يصدر صفيرا لا يقوى حتى على سماع صوته العنيف، إذ هو مشغول في ذات اللحظة بدك الأرض وتسويتها في مشاريع أخرى على ضفة لأنهار الغير ليست بعيدة رغم انها تعدت دائرته الضيقة. ما يعرفه الناس، قاصيهم ودانيهم كثيرا عن هذا الوحل والطين، ولكن لا يريدون أن يزكموا أنوفهم أكثر من ذلك الطفح، ولأن هنالك كوابح أخرى بالنسبة لهم تردعهم عن السير في ذلك الطريق الموبوء بالقذارات وفساء الثعالب وفضلاتها. غير أنه هنالك الكثير الذي لا يقال عند (الأرزقية) حتى يبقى في الخزانة كمستودع يفيد عند اللحظات الحرجة للمعتوهة سيئة الذكر؛ الإنقاذ. وسنظل ندور في فلك من يبعد من؟ مِن قِبَلِ مَن؟ حتى ينقضي الأجل ويموت ما يموت ويصحو من جديد ما طمر من أحقاد في صدور الموتورون من أهل حلقات التلاوة سابقاً. إذن ننتظر فالموت غاية كل مشروع خاسر لا ينتمي للإنسان والأرض.. حقيقة في عالم اليوم ماعاد هنالك شي يخفى، وما خرج من الشفتين ملأ الخافقين، وازهرت التلاسنات فرقعات في الفضاء العريض تفضح كل مخبوء ومستور كان ذات يوم عن البعض. ومع تلك الهرجلة كل هؤلاء الهتيفة وسيدهم العَقُورٌ - الذي يَعْقِرُ ويجرحُ ويفترسُ ويعضُّ (ولا نقصد شيء آخر) - لا يمتلكون خرقة بحجم سوءة النظام يمكنهم سترها به. اتسع الفتق على الراتق، واختلط الحابل بالنابل، وإدلهم ليل الظلم. والكل يبحث عن طوق نجاة يبعده عن القارب الغارق لكى يلوذ به إلى أرض أرخبيل يابس يضمن به صك غفران وعدم المحاسبة على الأقل أو الإستمرار في الدخول إلى أفواه الفقراء والمساكين من باب آخر. ثمة تحدٍّ خاص تواجهه العصبة وإن جرت سفنها إلى مياه السيف وعميق لجج الحِجاجٌ الباطل ودوامات الموت المجاني التي توزع وثائق سجلاتها على الملأ دون خجل وخوف. الأوضاع ليست هي التي كانت في يوم دار أرقمها القديم الذي كان يحتشد بترتيل آيات القرآن الكريم بأصوات تهز صمت الليل بالطلاوة.. حيث تغيرت وتيرة تلك الأيام إلى النقيض وبات أهل الشأن في حيرة من أمرهم الجديد المضطرب، يقبضون المال بكل سهولة في يدهم، ويهشون به وجه الرعية في صلف، ويتطاولون به في العمران والترفيه والسفر واقتناء النساء مثنى وما زاد عن حياض نص الشريعة ولا يخجلون طالما هيمنوا على الوضع بقوة أحادية نزقة. وتبلد فقههم العضير والقابض إلى اختلال التوازن الطبيعي لمجتمع يعرف بعضه البعض، ما دام لا شيء من القراصنة أو التيارات الصاعدة والهابطة في أعالي البحار سيقف أمام مجال مراكبها. لم تتوخى شرذمة الإنقاذ من أن تصير أقلية تتحكم في مصير البلد فارضة إرادتها جبرا حتى غشاها السيل العرمرم وأضحت سفنها تتلجلج يمنة ويسارا، ولا منجي من القاصفة إذ هبت في ليل عنف وشيك دامي. وتركزت الثروات في ظل حالة الثمالة والنشوة الضاربة بين أيدي حفنة قليلة من العصبة، وغابت آلية السوق التي كنا نعرفها، ودفنت عراقة الخدمة المدنية يوم أن ولجها أفندية بلا شهادات دراسية، وقفز أصحاب حوانيت زُغبٌ بالزانة واستثمروا في كل شيء مناصفة مع المؤسسات الأمنية المنوط بها حماية حدود البلد ونسائها وأطفالها وشيوخها. وصار للسوق ثقافة وهندام وفهلوة وبصمة جديدة متصلة بالرياضة والثقافة والأدب والغناء والشعر والعلم وصناعة الرغبات الطبيعية. لكن الحقيقة المرة والتي لا يطيق سماعها الأوغاد أن الميزان قد إختل بأخطاء قاتلة للغاية وقلب الأوضاع رأسا على عقب حتى أضطرب النيل في المرض وغدا جثة هامدة ممددة ينعم بخيرها آخرين. فجميع أباطرة الإنقاذ تعاني من حال إخفاقها وفشلها الذريع في ضبط بوصلة البلاد برمتها وتوجيهها إلى قبلة أمانيهم وخاب مسعاهم في استخدام القوة والمال حيث ظنوا بكل سهولة وبساطة لا شيء يعدل هذه. لا استطاعوا نشر الإسلام في العالم ولا حسم مشكلة الجنوب بسلاح الإيمان ولا أضافوا شيئاً للقيم بل اكتفوا مؤخراً بحكم الخرطوم، وحتى في تلك تشغلهم صراعاتهم في الباطل وعهر السلطة. وما عاد كافياً ومهماً في هذه الأجواء الملبدة بالهواجس والخوف سب الرئيس والحط من قدره بسبب نكتة ألقاه مواطن بسيط أثناء مشاهدته الاحتفال الرسمي على شاشة التلفاز بعيد ميلاد الثورة الواطئة البالغة من العمر 25 عاما رئاسيا ولا تزال تزدهر في التراجع والإضطراد نحو الهاوية. وعدنا نملك روح الفكاهة والطرفة أكثر مما يعتقد النظام مثل كل الشعوب بل تفوقنا على الكثير من الأقران والجيران حتى ذلك المعتقل الزيمبابوي رشموري غازي الذي يعمل نجارا حيث كان يشاهد الوقائع الحية لاحتفال الرئيس موجابي بعيد ميلاده الـ88 من مطلع العام 2012م، عندما نطق ساخرا بهذه العبارة.. "ترى من الذي ساعد موجابي في نفخ بالونات عيد ميلاده، هل مازالت لديه القدرة لفعل ذلك". ومن يا ترى يساعد الرئيس وبطانته على النوم هذه الأيام على وقع قصص منتصف الليل وآخره، هل ما زالت لديه القدرة على فعل ذلك حتى لو كانت غفوة في لحظة فارقة لحكاية قصيرة ينسج نولها بذاءة ورثة الإعلام السلطوي أم تشغله عادته السرية في فك شفرات سر الليل حتى يجندله النوم مبكراً كلما هرش جسده المنتفخ باللعنة. غازي المنسلخ والمتشبث بركام الإنقاذ قطعا ليس له مثل تلك الجرأة حتى يقدم نكتة في غياب الرئيس الضعيف دعك في حضور بطانته التي تنقل على جناح السرعة رذاذ الحروف. ولكن بالمقابل هناك كُثر يمسدون لسان الثورة ويشعلون ليل الرئيس بالنكات البذيئة والضحلة ويحدثون عنه سروال ذلك الشاعر الذي تحلل منه أو سقط بفعل الرهبة في حضور غانية الملك.. وهؤلاء للأسف يحتشدون كالذباب على منابر كل الأجهزة الإعلامية المملوكة لإولجاركية المال الذين عبوا زكائبهم من حصاد ألسنتهم ولم ينصرفوا بعد في إنتظار وليمة جديدة تظهر في أفق خيالهم المريض. سب الرئيس والسخرية من سنه وصحته والحط من شأنه بدافع الكراهية والازدراء، أضحى فعلا يوميا مكروراً وممجوجاً وليس محل وقفة بيد أن الباب صار مفتوحا على تقليد جديد سار على منوال آخر حين أضحى للرئيس والولاة بطانة تحرق البخور على صدر صحف النظام الهالكة من كل صباح يوم يمر من عمق الأزمة المحيطة بالبلد وبالنظام ذات نفسه عبر إعلانات مدفوعة الأجر تشيد بجهد رفقاء صلاة الفجر من السادة الكبار في مساجد الزينة التي تكتظ بها أحياء صفوة ونخبة الدولة البوليسية بينما هنالك في الهامش (ميضنة جامعنا تنقز ما بتصل سقف العمارة). وشكراً لنبي الشعر الأصيل ورحمة الله عليه البارع محمد الحسن سالم (حميد). وفتح الأفواه في دمس الليل ليس هو المحك للسخرية من مثل هذه البدع طالما استبدل وعاظ السلطة منابرهم وتحولوا إلى بيوت خاصة شيدت بمال الشعب يدعون فيها الله سبحانه وتعالى أن يثبت سلطتهم وأن يردع كل الخونة والعلمانيين والمتواطئين مع أمريكا وروسيا والكيان الصهيوني. فهؤلاء للأسف مثل الجوارب والأقدام، والروائح الكريهة التي تسكن الأحذية المستخدمة بكثافة، كحال البسطار(الحذاء العسكري الثقيل الذي يرتديه الجنود في ميدان القتال). ومع كل دورة شمولية جديدة تمر بالبلاد المنكوبة نراهم ينهضون من سباتهم الخفيف كحق موروث من بيوتهم لكى يقدموا خدمة جليلة للسلطان وأهل القصر أجمعين تضاهي جودة جلد الأحذية القديمة. ولن ننسى ذلك الذي يجلب طلح الحديث لمداخن الليل من أحراش غابة الفيل بنواح قضروف سعد على ظهره، وكما لن ننسى ذلك الذي يقطف بخار التدليك والترطيب ويأتي به على خيول السرعة إلى جناح الراحة لتلك التي سقطت من الدوخة عند الضحى. على كل حال هم مجرد نتانة ينوء بحمل رائحتها الشعب كلما جاء عسكري واثبا وقابعا على أنفاسه بحذاء متعرق ومتسخ سرقه من ثكنات الضباط الكبار كورثة تتكرر ووجبة مبذولة لحكم البلاد، وهذا هو قدر شعب عظيم يريد أن يعيش بكرامة بعيدا عن الهرطقات ولصوص النصوص. لم يعد تطبيل رهط الإعلاميين في الأجهزة الرسمية وغير الرسمية هو المعيار السائد فقط، إذ تشير أحدث التقليعات هذه الأيام الموتورة بالنبيح والسباب والشتم والهراء والصراخ إلى أن خيمة الحاشية اتسعت وتدفقت أحذيتها إلى صدر الصحف في شكل إعلانات ذات قيمة مصنوعة تصب في تبرئة كهول كرسي القماش من الإقتراف والمشاركة والتستر على الجرائم الوخيمة بينما الآخرون يناورون في ساحات آخرى مدفوعة القيمة أيضا من مال الشعب في الداخل والخارج. إن التمساح حينما تمتليء معدته بصغار الكائنات الضعيفة ينبطح بكل وقاحة على الضفاف ويفتح فمه لطائر الزقزاق ليلتقط الطفيليات وبقايا الطعام العالقة بأسنانه وبهذا يتخلص من الفضلات دون حرج، ويبقى الزقزاق مخلصاً بطلاً. ومثل هذه الفطريات السطحية ستكافح من أجل إستمرار إدرار الضرع الوطني حتى يفيض حليبه إلى أفواهها الجوعى وبطونها التي لا تشبع من ثلث. ولا ضير من المداهنة والتملق وفعل إي شيء يكسب مساحة للأمام. بالطبع لن تفوت على فطنة الناس مثل هذه الحيل الترويجية الماكرة وذات الغرض الدنيء، وبلا شك يفهم الجميع كل أشكال مشاريع الهيمنة والتسلط والبربرية والتخلص من الحرج. وعى الشعب سينقذه من مثل هذه الترهات المريرة والصادمة من أناس نصبوا أنفسهم ذات يوم من فجر الجمعة الموافق 30 يونيو 1989م، كمهديين وأصحاب وقت خرجوا من قبوء الجبهة الإسلامية القومية، وقالوا إنهم جاؤا ليخلصوا الناس من شرور الطائفية والعلمانية التي تسد أفق الوطن. نرجو أن يكون التعامل معهم بالعنف البارد أو الردع بالتحديق أو استخدام العيون بدلاً من الضرب بالكف أو غيرها.. كلها سياسات تصلح لمعالجة ظاهرة على بابا في إنحاء الوطن ولعل الصين تتصدر باب العلاج الجديد حتى يكون صينيا خالصا انتاجه للعالم بماركة حمراء مخضبة بلون اشتراكيتها. فالردع بالتحديق! خطوة جرئية نفذها مؤخراً مسئولي الحكومة بمدينة ووهان الصينية حيث قاموا بالتحديق في الباعة الجائلين الذين يخرقون القانون لإجبارهم على المغادرة. وأعني بذلك أن نبعد أنفسنا وقلوبنا جميعا عن جوغة الشيطان وبطانته الذين ولغوا في دم الشعب السوداني ولا مجال لشيء آخر حتى يسقط المشروع الحضاري الخاسر وتوابعه من الكواكب التي نصبت نفسها مؤخرا لمسيرة رفقاء صلاة الفجر وكأنهم لوحدهم يصلون في هذا الوطن أو أن الإسلام قد دخل حديثاً إلى قلوب الناس. إِذَنْ روائح البسطار الكريهة التي تفوح حولنا لن تفسد ما تبقى من وطن يلملم أنفاسه اللاهثة لهبة قادمة وقاسية لن تبقى ولا تذر أحداً من رخم الفساد حتى تلك العصافير التي فقدت قدرتها على التحليق مع هؤلاء في الداخل وغادرت على عجل وإستعصمت بمال الشعب ودخلت في جوار الحرمين الكريمين حتى الأبد كما يظن أصحاب العقول قصيرة التيلة.. ونقول لهم كما قال كبيرنا الوطني الغيور حميد: and#65267;and#65166; and#65251;and#65176;and#65248;and#65170;and#65242; and#65235;and#65266; and#65165;and#65271;and#65193;and#65197;and#65165;and#65253;.. and#65165;and#65247;and#65188;and#65184;and#65198; and#65165;and#65271;and#65203;and#65262;and#65193; and#65251;and#65166;and#65259;and#65262; and#65165;and#65247;and#65170;and#65198;and#65261;and#65171; and#65261;and#65251;and#65166; and#65259;and#65166; and#65251;and#65244;and#65166;and#65261;and#65263; and#65165;and#65247;and#65244;and#65228;and#65170;and#65172; and#65175;and#65184;and#65268;and#65260;and#65166;.. and#65187;and#65268;and#65254; and#65267;and#65256;and#65244;and#65198;and#65235;and#65202; and#65175;and#65262;and#65167; and#65165;and#65247;and#65176;and#65240;and#65262;and#65263; and#65261;and#65251;and#65166;and#65235;and#65266; and#65191;and#65198;and#65217; and#65247;and#65248;and#65184;and#65256;and#65172; and#65175;and#65262;and#65193;and#65265;.. لا and#65235;and#65266; and#65191;and#65220;and#65218; and#65251;and#65252;and#65260;and#65262;and#65197;and#65171; and#65169;and#65266; and#65197;and#65207;and#65262;and#65171; and#65261;and#65165;and#65247;and#65252;and#65208;and#65198;and#65261;and#65225; and#65165;and#65247;and#65194;and#65267;and#65256;and#65266; and#65165;and#65247;and#65192;and#65166;and#65247;and#65210;.. and#65251;and#65166; and#65251;and#65188;and#65176;and#65166;and#65181; and#65247;and#65194;and#65197;and#65165;and#65203;and#65172; and#65183;and#65194;and#65261;and#65263; الانقاذ الآن تحتضر في وجر الذئاب وعلى وشك الزوال والحشر العظيم. وسقوطها بات مسألة وقت عند وحش قاتل سيأكل عصابات الطغمة على الملأ وما تبقى منهم. ولم يعد الهراء الذي يطلقه سماسرتها في الهواء الطلق والمسنود بجلالات الفحش يجدي ويفيد طالما الأرض ابتلت من نجاستهم طويلاً، كما أنها لا تحتمل أكثر من هذه البذاءة والموت الذي عصف بمفاصل البلد كلها. فمثل ما يعتد أهل التنين بمقولة انتصروا فيها على العدو على ضفاف النهر الأصفر يمكن لنا أن نتمسك بها في ظل التخبط والحمى التي تشتد بفيل الانقاذ الكهل وشتات المعارضة التي يستعصم بشعاب الإختلاف حين لا يتجاوز مشروعها الحناجر وبعض حصون الأمان المعاشية المرتبطة بالفيل الكبير.. هل نقبض على الفيل حياً أو نقتله أم نتركه يمضي إلى حتفه! بينما آخرون على رصيف الخلاف استثمروا الفرصة في بث نعراتهم العرقية وطموحاتهم عبر شعرة الأثنيات والجهويات والطائفية البغيضة حتى تتسلق من جديد رموز الأسر الهرمة التي ما أنفكت من حكمنا ولا تزال تمضي في الطريق للدرجة التي عبرها أن تتمكن مرة أخرى من قيادة الفيل إلى خور عمر وتزيينه ويعود منه مزركشاً كأروع ما يكون. وعقلية من يهز الشجرة ومن يجني الثمار لن تموت طالما الإنقاذ قادرة على تفريخ كائنات التكافل من أعشاب عثانينها الخربة! وهنا المحك الذي يجب أن يعترف الجميع بضرورة الانحناءة له حتى يقتلع الشعب جذور الحركة السامة من أرض السودان الواحد وتتعافى قوميات البلد من داء طوارق قراءة الكف الذين صنعوا الفرقة والتشظي في كل مفاصل جغرافية وتاريخ وطننا العريق. وحتى لا يتناسل القمل على رؤوسنا والبراقيص على أجسادنا يجب أن نصحو من غفوتنا الكبيرة في إحسان الظن بهذا الفيل!
|
|
|
|
|
|