|
سيدتي.. لماذا طرقتِ الباب؟؟ بقلم عثمان ميرغني
|
حديث المدينة الثلاثاء 6 يناير 2015
الأستاذ إسحق أحمد فضل الله يستدعي بعض القصص المثيرة للتأمل في كتاباته.. منها قصة ما زالت في ذاكرتي.. قال: إن الممرضة طرقت الباب قبل أن تدخل على المريض.. فأذن لها بالدخول.. فقامت بعملها على أكمل وجه.. خلعت كل ثياب المريض، وغسلته بالماء والصابون، ثم مررت المنشفة على كل أجزاء جسمه.. وبينما هي تمسك بالباب لتخرج ناداها المريض قائلاً: (آنستي.. هل لي أن أسألك.. لماذا طرقت الباب عند دخولك؟؟). والمغزى واضح.. إن كان في الإمكان أن ترى كل ما كان.. فلماذا طرقت الباب، الذي يقصد منه ستر الحال حتى لا يرى القادم إلا ما هو متاح للنظر؟.. حسناً.. من حق الشعب السوداني أن يسأل حكومته نفس السؤال.. (حكومتي.. هل لي أن أسألك.. لماذا تعدلين الدستور؟؟). ما دام كل التعديلات- تقريباً- كانت أصلاً متوفرة في الممارسة الرسمية.. بل– وهو الأدهى والأنكى- الحكومة في ساعة الجد لم تكن تنظر للدستور، ولا تحفل بمواده.. مثلاً الولاة، عملياً.. كان يتم تعيينهم بواسطة المؤتمر الوطني.. وما عملية الانتخاب إلا (ديكور) صوري.. كل الولاة كانوا يعلمون أنهم بأمر الحزب جاءوا.. وبأمر الحزب- عند الطلب- يقالوا.. وعلى ذمة ذلك أقيل الدكتور عبد الحميد كاشا من ولاية جنوب دارفور، ثم لحقه السيد كرم الله عباس في القضارف.. وأخيراً البروفيسور الزبير بشير طه.. وحتى التعيين لم يكن في حاجة إلى انتخاب.. فغالبية الولاة اليوم جاؤوا بالتعيين.. ما كان حزب المؤتمر الوطني في حاجة إلى (طرق الباب!!)، فكل شيء كان تحت إرادته.. وحتى مفوضية الانتخابات– آخر الحرمات التي يفترض أن تكون محايدة- ها هي تعدل جدول الانتخابات؛ ليلائم ظروف المؤتمر الوطني، الذي عالج تعديلات الدستور في الزمن بدل الضائع.. ولا يظهر في الأفق ما يشير إلى أن تحكم الحزب الحاكم تهدده أية منافسة أو سطوة أخرى.. فالانتخابات وقبل أن تبدأ نتائجها في الجيب.. مضمونة بنسبة مئة في المئة.. ليس لمقاعد حزب المؤتمر الوطني- وحده- بل حتى مقاعد الأحزاب التي تنازل لها عن بعض الدوائر.. إذا كان كل شيء في اليد.. ولا حول ولا قوة للشعب إلا في حق الفرجة المجانية على المسلسل.. فما هو الداعي لـ (قومة النفس)، ولجنة طارئة للتعديلات الدستورية، تجتمع وتنفض لشهرين.. ثم قراءة أولى، وثانية، وأخيرة.. والموافقون يقولون نعم.. والرافضون يشربون من البحر.. لماذ يطرق المؤتمر الوطني الباب، ما دام هو قادر على أن يفعل ما يشاء، كما يشاء، وقت ما يشاء؟.. بل..!! ولماذا من الأصل دستور؟؟، ما الحاجة إلى دستور ما دام أن السلطة مطلقة في إنفاذ التعديلات الدستورية، بمنتهى الأريحية، وبكل هذه الأغلبية الكاسحة.. وبصراحة.. ما الداعي أصلاً لبرلمان..؟!!.
مكتبة بثينة تروس
|
|
|
|
|
|