|
سياط الشريعة والسطو المصلح
|
طيلة الخمس وعشرين عاما الماضية ظل نظام الانقاذ يردد نغمته المفضلة بان سبب مجيئه للحكم بانقلاب عسكري على نظام الحكم بسبب تردي الاوضاع المعيشية واقامة شرع الله , ويعتبر تطبيق الشريعة الاسلامية من اهم الانجازات التي يفخر الانقاذيون بها . فهل الانجاز هو تطبيق الشريعة في حد ذاته أم الانجاز هو ما تحقق من قيم العدالة والرفاهية والعدل والمساواة في الحقوف والواجبات بين الجميع سواء كانوا حاكمين او محكومين وهل نجد الان في السودان هذه القيم ام هناك فوارق في مستوى المعيشة بين المنتمين للحزب الحاكم وكبار الموظفين في اجهزة الدولة وبين عامة الشعب. الحقيقة التي لا يجادل فيها احد ان تطبيق الشريعة الاسلامية في السودان لم يطبق منه سوى عقوبة الجلد التي تتم بشكل يومي في المحاكم على امتداد السودان الذي تسيطر عليه الدولة الحاكمة الان. حتى اصبح زكر عبارة الشريعة الاسلامية مرتبط في اذهان اغلب المواطنين انها اي الشريعة الاسلامية هي عقوبة الجلد التي يعاقب بها شارب الخمر والزاني او تلك التي تجلد بسبب ما يعتقد انها لا ترتدي زي محتشم او هي بصورة عامة تلك العقوبات التي يصدرها القاضي بموجب قانون النظام العام. الملاحظ ان الجلد الذي يتم تنفيذه بواسطة افراد شرطة المحاكم يتم بصورة فيها كثير من التشفي والحقد من قبل الجالد حتى يبدو انه يسعى لايلام الشخص وارهاب المتفرجين ، من الاشياء المحيرة التي تحدث اثناء تنفيذ عقوبة الجلد هي الضحك وعدم اللامبالاة من الناس المتجمهرة لمشاهدة تنفيذ عقوبة الجلد, ومن افراد الشرطة جنودا وضباط ايضا وهولاء بالذات لماذا لا يتفكرون في انهم صاروا اداة لتعذيب المواطنين وقهرهم في حين ان المهنية تقتضي منهم ان يكونوا في خدمة كل مواطن وتوفير الامن له وحماية الممتلكات العامة والخاصة وتقديم المشتبه بهم ليمثلوا امام القضاء ويمتد عدم اللامبالاة هذا الى الذي تنفذ فيه عقوبة الجلد نفسه فاصبح من المعهود أن كثير من المحكومين بسبب شرب الخمر ان يقول احدهم للذي ينفذ عليه العقوبة من افراد الشرطة ان يجلده اربعين جلدة اخرى حق بكرة. من هنا نطرح بعض التساؤلات لمن يهمه الامر وللقضاة والشرطة هل اقامة العدل مرتبط بتطبيق عقوبة الجلد او العقوبات عموما وهل هم راضون عن انفسهم وهم يروا المتسولين واطفال الشوارع والتردي البيئي والفارق الحضري والخدمي بين المدن واريافها والفقر المتفشي بين المواطنين والهجرة التي باتت حلم اي سوداني هل كل ذلك يمكن ان يحدث اذا كان هناك عدل قد شاع بين الناس و لماذا لا ينظر في قضايا المال العام والمخالفات الموثقة بتقرير المراجع العام و لماذا تذهب الحملات يوميا الى اماكن بيع الخمر باعتبارها معاقل وبؤر للفساد ولا توجد حملات مثلها لالقاء القبض على اي مسئول تثبت تقارير المراجعة العامة فساده الاداري او المالي وذلك باعتبار ان تقرير المراجع يحدد ايضا بؤر ومعاقل الفساد و التجنيب او يصدر امر قضائي بالتحقيق فيها , ام انها معاقل للسطو المصلح ومحمية من ارباب معايشكم و هل اذا اضيفت قضايا المال العام لمحاكم النظام العام يستطيع القضاة ان يصدروا احكامهم ويستطيع الشرطي ان يلقي القبض علي منتهكي حرمة المال العام او المستولين على اراضي بطرق غير شرعية او باستقلال المنصب هل يمكن ان يحاكموا بنفس الكيفية المهينة التي يحاكم بها موقوفي النظام العام وتحكم بها محاكم النظام العام? -- Samih Elsheikh
|
|
|
|
|
|