|
سودانيان خطيران في مصر وحمار في الخرطوم ! عبد المنعم سليمان
|
[email protected]
مهلاً ، لا ترمونني بحجارة من سجيل أسافيركم ، فما كان ينبغي لي أن أبدأ بمثل هذا العنوان التحريضي القميئ ، ولكنه خبراً أوردته صحيفة مصرية ، ونصيبي من وزره أنني هنا في مقام (ناقل الكفر).
إن نواميس هذا الكون تقول بتغير القوانين ، وعقل الإنسان ، واللغة ، حتى الحكام يتغيرون ، كل شئ في هذا العالم متغير ، ما عدا نظرة الإعلام المصري للسودانيين فهي الوحيدة التي لا تخضع لسنن ونواميس الكون.
والأسبوع الماضي قالت مقدمة البرامج المصرية "أماني الخياط" في برنامجها اليومي بقناة (صدى البلد) ، أن هناك مُخططاً خطيراً للسودانيين ضد مصر بنشر مرض الملاريا بينهم ، وطالبت السلطات في بلادها بكشف هذه المؤامرة والقضاء على هذا المخطط الخطير الذي يستهدف مواطني مصر!
لم تنته فواصل التضليل والخفة التي ظلت نهجاً ينتظم الإعلام المصري عند حد أماني ، فجاءت صحيفة (التحرير) إلى (أوكازيون) الأماني تردح دون أن تشتري شيئاً من بضاعته الرخيصة ، ونشرت : ( إن اثنين من السودانيين المقيمين بقرية (العدوة) بمحافظة أسوان، هربا منها)، ولإضافة المزيد من السواد على الحبكة الكوميدية ذكرت الصحيفة أن أهالي القرية أكدوا أن السودانيين معروفين لديهم ، وكانا يعانيان من أعراض الإصابة بالملاريا قبل هروبهما مشيرين إلى أن البعوض متواجد في القرية ، لكن المشكلة في السودانيين !
وبدوري أتمنى من كل قلبي أن تكون السلطات بمحافظة أسوان قد قبضت على السودانيين وأفرجت عن البعوض بضمان محل الإقامة حقناً لدماء المصريين - يا سبحان الله ، لاحظ عزيزي القارئ ان كل أهل قرية (العدوة) يعرفون أن اثنين من السودانيين القاطنين بينهم يعانون الملاريا ، وكلهم يعرفون حجم انتشار البعوض في قريتهم كما ذكرت الصحيفة ، ولكنهم يبحثون عن السودانيين الفارين ! ولا ريب ، فالسوداني بالنسبة للإعلام المصري أوهن من جناح أنثى البعوض .
نبهني أحد الأصدقاء للحلقة الفضيحة فبحثت عنها ووجدتها بموقع (يوتيوب)، وحقيقة هالني مقدار الجهل والإسفاف والوقاحة واحتقار الإنسان الذي استفرغته مقدمة البرنامج ، فالسيدة "أماني" بدت وكأنها في مسابقة لإختيار أجهل الجاهلين في العالم ، فهي ليست فقط لا تعرف شيئاً عن السودان والسودانيين بل تجهل حتى مادة الحلقة التي تقدمها ، فقد ظلت تردد عبارة ( انتشار فيروس الملاريا) بواسطة السودانيين ، أي والله الفيروس ، هكذا قالتها أكثر من مرة ، فسبحان الذي أخرج الفيروس من الطفيل وسبحان الذي أسرى بسودانيي العدوى إلى (العدوة) ، واللهم إنا لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف بنا من إعلام الجهل والخِنى والأكاذيب .
المتابع للإعلام المصري سيلاحظ بسهولة ويسر شديدين حجم الإنحطاط الذي وصل إليه مؤخراً ، حيث أصبحت جُل فضائياته وبعض صحفه محطات لمخاطبة الحواس بدلاً عن العقول ، وأصبح بعض الصحفيين ومقدمي البرامج وحوشاً مفترسة بحلاقيم كبيرة تفتك بلا تثبت ولا رحمة ، ولو أن أماني هذه تساءلت قبل توجيه إساءاتها عن السبب الذي يجعل السودانيين يتركون بلادهم كي يقيموا في منطقة بائسة بضواحي أسوان لعرفت أن همنا واحد وعدونا واحد ومصيرنا واحد ، وأن الخطر الحقيقي الذي يواجهنا جميعاً هو (فيروس) الإسلام السياسي وهو الأولى بتوجيه سهامنا نحوه .
إن مصر في حاجة ماسة لإعلاميين يواكبون مرحلة الثورة الثانية ، إعلام بقدر قامة القيادة الجديدة ورئيسها "عبد الفتاح السيسي" مُخلص مصر من الفاشية الدينية ومخططات ثورات "هنري ليفي" ، وليست في حاجة لإعلام مذيعي الدرجة الثانية وممثلي الدرجة الثالثة ، إعلام أماني وعكاشة والطرابيلي وأحمد سعد ، الذي سيذهب بمصر من جُب الفاشية إلى مستنقع الجهل والكراهية .
وحكاية الأطفال (الغراب والبلبل) تحكي أن الغراب التقى بالبلبل ذات يوم فقال له : هل تظن أن صوتك أجمل الأصوات ؟ أجاب البلبل : لست أنا الذي أقول هذا، بل الجميع ، ضحك الغراب بخبث وقال : أنا أقول أن صوتي أجمل من صوتك ، وسنُحكِّم بيننا أول من يمر من هنا والفائز سينتف ريش الخاسر ! وافق البلبل على الرهان ، وكان الحمار أول القادمين ، فحكم أن صوت الغراب هو الأجمل ! وفي الحال هجم الغراب على البلبل ، ونتف ريشه ، حزن البلبل ، ودمعت عيناه ، فقال له الغراب : لم تبك يا بلبل ؟ رد البلبل قائلاً : لا أبك على ريشي ، وإنما لقبولي أن يكون الحمار حاكماً بيننا.
وأنا هنا لا أبكي على نتف ريشنا من قبل الفضائيات المصرية ولكنني أبكي بلادنا التي أصبحت كالمعزة في مواجهة قطيع الضباع يتناوشون لحمها فلا تجد من يدافع عنها ويخلصها من براثنه بعد أن فرطنا وسمحنا أن يكون (الحمار) حاكماً علينا !
|
|
|
|
|
|